لم تتسرب معلومات من داخل إجتماع أردني مفصلي وهام، قيل إنه ناقش كل الإحتمالات والخيارات التي يتعين على الأردن الخوض فيها إذا ما فوجئ باتفاق سلام سري بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال الأشهر المقبلة.


عامر الحنتولي: قبل عدة ساعات من وصول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري الى العاصمة الأردنية عمّان السبت، حيث من المتوقع أن يضع حصيلة مشاوراته ولقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، بين يدي كبار المسؤولين الأردنيين الذين سيلتقيهم خلال زيارته القصيرة للأردن،أعلنت معلومات خاصة لـquot;إيلافquot; بأن زيارة كيري ربما تُسهم في تهدئة هواجس الأردنيين المتفاقمة صوب الشك بوجود تحضيرات أميركية إسرائيلية فلسطينية لمباغتة أطراف إقليمية، في مقدمها الأردن بصنع إتفاق سلام، على حساب المصالح الحيوية للأردن.

وبحسب المعلومات التي أمكن لـquot;إيلافquot; تجميعها، فإن إجتماعا أردنيا عقد يوم الخميس الماضي، وحضرته قيادات سياسية وأمنية وعسكرية، وطُرِحت خلاله الهواجس الرسمية الأردنية.

وفي المقابل جرى وضع خطط إستراتيجية، واحتمالات وافتراضات للتعاطي مع أي مفاجآت سياسية يمكن أن تأتي من غرب نهر الأردن الذي يفصل بين الأردن من جهة، والأراضي الإسرائيلية والفلسطينية من جهة أخرى.

وتشير المعلومات التي ظلت شحيحة بأن الأردن قد يضطر الى وضع إتفاقية وادي عربة التي جمعته مع إسرائيل في إتفاقية سلام بارد منذ عام 1994 في كفة، وموضوع ضم غور الأردن الى السيادة الإسرائيلية في كفة أخرى.

غضب مكتوم

يقول الناشط السياسي الأردني جودت مكارمه لـquot;إيلافquot; إن لدى الأردن مخاوف عميقة جدا من أن يؤدي إتفاق سلام سري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على مسائل حيوية مثل القدس واللاجئين، وهي مسائل يتحمل الأردن تبعات كبرى وأساسية في سبيلها، إذ لن يقبل الأردن بإطار إتفاق إسرائيلي فلسطيني على مواضيع للأردن علاقة بها، دون إحاطته علما، ومراعاة مصالحه.

يشير مكارمة إلى أن عمّان لن تتردد في اتخاذ كل التدابير السياسية والدبلوماسية الممكنة لتعطيل إتفاق من وراء ظهره.

ويؤكد أن كل التحليلات تشير الى غضب أردني رسمي مكتوم، وصل حد التلويح بانقلابات سياسية ودبلوماسية حادة في مواقفه الإقليمية.

حقوق أردنية

المحامي أيمن الزبن يؤكد لـquot;إيلافquot; ان الأردن لن يقف بأي حال من الأحوال مكتوف الأيدي إزاء أي عملية تسويف أو مماطلة لإضاعة مصالحه الحيوية في ملفات تحمّل وزرها طيلة عقود عدة، مؤكدا أنه يتوقع تصلبا أردنيا غير مسبوق في مسألة التفريط بحقوق، وصلات للأردن بملفات أساسية واقعة في أي إتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأشار إلى أن الأردن يجب أن يتحرك في كل الإتجاهات إقليميا ودوليا لشرح أهمية إحاطته علما بأي إتفاق سياسي يمكن أن يبرمه الإسرائيليون والفلسطينيون.

خطة آلون

أما عن عقبة غور الأردن التي يقول وزير الإعلام والإتصال الأردني محمد المومني إنها تخالف بنود إتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل والموقّعة منذ السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني (أكتوبر) 1994، فيقول الدكتور مأمون أبو عامر: quot;إن قصة غور الأردن هي عقدة إسرائيلية قديمة منذ أن طرح وزير الخارجية الإسرائيلي يغال آلون بعد عدوان عام 1967 ما يعرف بخطة quot;آلونquot; أو ما يعرف بالحل الإقليمي بهدف الوصول إلى الحل السياسي مع العرب وكحل للقضية الفلسطينية، والتي جاء فيها أنه لكي يتحقق الدمج بين حلم سلامة البلاد من ناحية جيو-إستراتيجية مع إبقاء الدولة يهودية من ناحية ديموغرافية، يتطلب هذا فرض نهر الأردن حدودا شرقية للدولة اليهوديةquot;.

الأهمية الجيو-استراتيجية

يضيف أبوعامر: quot;هذا الواقع يدفعنا إلى النظر إلى الأهمية الجيو-استراتيجية للضفة الغربية بالنسبة للأمن الإسرائيلي، وبالنظر إلى هذا الواقع نجد أن الضفة تمنح من يسيطر عليها تفوقا استراتيجيا في أي مواجهة محتملة نتيجة أي هجوم محتمل على إسرائيل، صحيح أنه من غير المنظور حاليا أن يقع مثل هذا الهجوم، لكن حالة الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة يؤديان إلى حالة من عدم اليقين والشك في المستقبل، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وما تبعها من تطورات سريعة تنبئ بضرورة الاستعداد لكل الاحتمالات، وأنه لم يعد هناك خيار مستبعد في هذه المنطقةquot;.

ويوضح أبو عامر: quot;بنظرة سريعة إلى الواقع الطوبوغرافي للضفة الغربيةفإنها تتشكل من منطقة جبلية يبلغ عرضها في خط جوي حوالى 50 كلم، ويصل ارتفاعها إلى 1020م، وتسيطر الضفة على المنطقة الحيوية في (إسرائيل) والتي تضم حوالى 70% من سكان (إسرائيل)، وحوالى 80% من المشاريع الصناعية الإسرائيلية الموجودة في منطقة ساحلية ضيقة لا يزيد عرضها عن 14- 20كلم.

إسرائيل لن تقبل

حسب تقديرات الخبراء الإستراتيجيين فإن الدفاع عن هذه المنطقة يصبح صعبا كلما أصبحت الأسلحة أكثر تطورا وسرعة. ولذلك فإن إسرائيل لا يمكنها قبول أي تواجد عسكري غربي نهر الأردن غيرها، ولذلك تسعى إسرائيل إلى الاحتفاظ بخط دفاعي محصن من قوات عسكرية إسرائيلية تمكّنها من الصمود 48 ساعة حتى الانتهاء من التعبئة العسكرية.

وهذا يتوافق مع ما ذهب إليه عوزي دايان، النائب الأسبق لرئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية الذي قال إن ضم غور الأردن إلى إسرائيل يحقق لها الأمن والاستقرار، وأضاف إن مناطق الدفاع الحيوية لإسرائيل توجد فقط في غور الأردن، ولا بدَّ أن يكون تحت سيادة إسرائيل، وإذا لم تكن هناك سيادة إسرائيلية على غور الأردن، فإن الأمن لن يتحقق على المدى البعيد.

أهمية غور الأردن

منطقة غور الأردن أو وادي الأردن سهل خصيب تبلغ مساحته حوالى 400 كلم2، ويتراوح مستواه بين 200 وأكثر من 400م تحت سطح البحر، وهي أكثر جهات العالم انخفاضا تحت مستوى سطح البحر وهي امتداد للانخفاض القاري.

يقع على امتداد نهر الأردن داخل أراضي الأردن من ناحية وفلسطين وإسرائيل من ناحية أخرى، ويوجد فيه البحر الميت.

وهو أيضا منطقة تقع في الأردن وتقسم إلى مناطق كثيرة منها الأغوار الشمالية والأغوار الوسطى.

توجد في الغور أخفض نقطة على سطح اليابسة، إذ أنه ينخفض عند شاطئ البحر الميت بحدود 410 أمتار عن مستوى سطح البحر.

والغور هو من أخصب الأراضي الزراعية وكما يقال فهو سلة خضار الأردن لأن مناخه دافئ شتاءً وحار جداً صيفاً ولأن المناخ الدافئ يناسب الكثير من الخضار والفاكهة وأشجارًا أخرى كثيرة، كما أن المناخ الحار يناسب نبات الموز حيث توجد في الغور مساحات شاسعة من مزارع الموز.