ابتدأ القرن العشرين بنفس الوتيرة الهادئة والناس يضحكون، ولم يكن يتصور أحد أنهم بعد سنوات قليلة سيكونون في مواجهة أعظم إعصار يجتاح القارة الأوربية والعالم منذ حرب الثلاثين سنة (1)؟
كانوا على موعد مع الحرب الكونية، التي روتها لنا جداتنا باسم (سفر برلك) من العهد العثماني، بين عامي 1914 و1918 م، حصدت أرواح أكثر من عشرة ملايين من الأنام، وابتدأت بطلقة رصاصة في سراييفو، بيد الصربي جيفريلو برنسيب من عصابة الكف الأسود.
كذلك الحال مع بداية الألفية الثالثة في عقدها الأول كما يشير إلى ذلك الكاتب والمؤرخ النمساوي فيليب بلوم (Philipp Blom) وهو يحتسي قهوته في مقهى كورب (Korb) في فيينا.
والرجل مؤرخ ضليع سجل في كتابه أوربا المائجة (Das taumelnde Kontinent) الحالة بين عامي 1900 و1918 م مع العاصفة، ووصف الوضع بأنه كان متوترا عصيبا أسودا كالحاً، كذلك الوضع مع بدايات القرن الواحد والعشرين، في السنوات العشر التي وصفتها مجلة در شبيجل الألمانية (2) بقلم ثلاث من كتابها بالعقد الضائع وماذا يتوجب على العالم أن يتعلم من هذا العقد المجنون؟ (Das verlorene Jahrzehnt)...
ابتدأ القرن العشرون بتسارع التهم حياة الناس، خاصة باختراع التلفون وتطوير السيارة كأداة نقل خاصة، فتغيرت صلة البشر بعضهم ببعض، كما يشير إلى ذلك أيضا النيهوم (3) في اجتياح الأسبان العالم القديم بسفن المحيط العملاقة العربية بخرائط عربية وحصان عربي بدون فارسه العربي؟ فأصبحت المحيطات وسائل اتصال، بعد أن كانت معابر فصل.. بينهما برزخ لايبغيان..
يقول بلوم لقد شعر البشر بأن الزمن يسبقهم، وهو نفس الشعور الذي ذكره ألفين توفلر في كتابه صدمة المستقبل (Alvin Toffler ndash; The Shock of Future)، حين يتبدل الشعور وتصدم المفاهيم وتبقى الأقدام في الأرض.
وهذا المعنى يصب في اتجاه الآية؛ أن التغيير يحدث في أعماق الشعور قبل تغير الجغرافيا.
يقول بلوم أن المظاهر النفسية متشابهة بين مطلع القرن العشرين والواحد والعشرين، فهناك سمي بالوهن العصبي (Neurasthenia) واليوم استنفد إمكانياته (احترق !! Burnout)..
كانت بدايات القرن العشرين مفعمة بالأمل والمثاليات وفرح الناس بمستقبل واعد؛ بمزيد من الثراء والعدالة والمتعة، قبل أن تتفجر الأرض من تحت أقدامهم لظى نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى..
يرى بلوم المقارنات والمفارقات بين بدايات القرنين، مع فارق ضئيل هو في جيل الانترنت، ودمج العرق البشري كله في علبة إلكترونية، قبل أن تتحول إلى صندوق باندورا (4)..
وعلى العكس من بدايات القرن العشرين فإن البشر خاصة الأوربيين منهم على حد تعبير بلوم، لايريدون للزمن أن يتحرك، بل حبسه كما في صورة الكاميرا، فلا يتدفق؟؟ وهو متدفق لن توقفه يد وإرادة..
ويعبر بلوم بجملة حزينة فيقول؛ أليس عجيبا أننا نريد للتاريخ أن يجمد؛ ليس لأنه بهذا الجمال القرمزي الوردي، بل لأن القادم أدهى وأمر..
فهل تحققت نبوءة اشبنجلر (5) القديمة عن أصيل شمس الغرب تنحدر عبر الأفق الممتد؟؟
ولكن أين التشاؤم وأين التفاؤل؟
حسب نيتشه فإن التشاؤم دليل انحطاط، وأما التفاؤل فهو سطحية وغباء، وبينهما ومن ولادة الأمل عبر المعاناة تأتي الولادة الطبيعية للعالم.
ومع كتابة هذه الأسطر يكون عام 2009م قد أقفل، وانفتح الباب للعام 2010م؛ فندخل العقد الثاني من الألف الثالثة للميلاد، ومعه اختفى عقد أسود من عشر سنين حبالى بالمصائب والموت والدمار والغش والاحتيال والانهيارات المالية، ولم يكن مدخلا كريما بل مقترنا بالجلجلة والصاعقة المارقة..
إنه يذكر بالآيات والعاصفات عصفا، والناشرات نشرا، فالفارقات فرقا، فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا..
لقد عصفنا ونشرنا وفرقنا ودمرنا..
كل الجنس البشري سواء احتراق (فيرجينيا دي شيارا) في الطابق 87 في برج نيويورك، أو حرق العراقيين مثل فروج مشوي في ملجأ العامرية، أو حرق وتدمير فرق عسكرية كاملة للعراقيين على يد السفاح شفارتس كوبف في المطلع وهم يغادرون الكويت، مما اعتبرته مجلة در شبيجل جريمة حرب؟؟
كل الجنس البشري احترق وغرق ونصب ولغب..
ماذا يمكن وصف هذا العقد المجنون من اللاعقلانية والجنون والجريمة واللاأخلاقية؟
فيه يفتش الناس كالحرامية في المطارات، ويدك الناس في جبال تورا بورا بطائرات القنابل النووية ب 52، ويحرق الناس في ملجأ العامرية ولا بواكي لهم، ويدفن سبعة آلاف من أهالي سيبرينشكا أحياء، وتنهار أبراج نيويورك المالية، ومعها حرقا بالنار ثلاثة آلاف من الأنام شويا ونزعا، ويبدأ صراع الأديان وصدام الحضارات، كما تنبأ لهم سيء الذكر هنتجتون..ويتم إحياء نبوءات نوستراداموس بعد خمسة قرون، وتدخل الديمقراطية أزمتها الحادة مالم تدخله منذ أيام الفاشية والنازية والشيوعية، فنسمع بسجن أبو غريب وجوانتانامو، ويبتسم النازي رامسفيلد بأسنان بيضاء رأسمالية، كما حك رأسه الأسود الكبير من قبل شفارتس كوبف، وأبيه من قبل في انقلاب مصدق الإيراني بخمس ملايين دولار وزعت على البوكسرجية والزعر والحرافيش والبلطجية لإحضار الشاه التافه لعرش تافه، تلعب فيه بريطانيا والمخابرات الأمريكية مثل بيدق الشطرنج..
إنها قصص تضحك وتبكي أليس كذلك؟؟
إنها أزمان فيها تتعضل الآلة الرأسمالية في دورتها المجنونة كل ستين عاما، بما تنبأ به (رافي باترا) (6) عن الأزمة الدورية للنظام الرأسمالي، وتتبخر من الخزائن مليار دولار كل 24 دقيقة، ويقف خبراء المناخ يقلبون أيديهم حسرات؛ أن المناخ مقبل على كارثة، ليس لها من دون الله كاشفة، فمع نهاية القرن سترتفع درجة الحرارة بالتدريج 6,4 درجة، وهو مايهدد بتسونامي خلف تسونامي، فتمسح مدن ساحلية عامرة من خارطة الوجود، وتصبح أمطار جدة مزحة للترفيه..
فيها سطرت أحداث سبتمبر بضربة ليس لها من فواق، وحروب الشرق الأوسط، وانهيار حكومات، وامتداد قوى كانت محصورة مثل إيران، وبزوغ نجم الشيعة والتشيع بما عجزت عنه الدولة الفاطمية، وأزمات مالية حادة تنهك الاقتصاد العالمي، وبروز قوى جديدة من العالم الثالث؛ فلم يعد تجمع ثماني دول صناعية بل عشرون عددا..
خراب في البيئة يشجع من أمريكا، ويقف عنده أوباما مكتوف اليدين، فأمريكا طلت وجهها الكالح بطلاء أسود لا أكثر، وبدت أنياب الديناصور أشد بياضا..
كل هذه الكوارث الماحقات تراكمت سحبا داكنة في الأفق تذكر بتسونامي مهدد كل الجنس البشري، بما يذكر بقصة نوح والطوفان، ولعلها الأفظع للغرب... ريحا صرصرا عاتية!!
ولم يكن الأمر كذلك قبل عشر سنين مع عام 1999م، فقد قامت مؤسسة (النس باخر Allensbacher) بإحصائية خاصة عن آمال الناس لتكتشف أن الأمل انطفأ من 55% مقابل 14% من المتخوفين قبل عشر سنوات، ليمحق الأمل محقا مع كوارث العقد السابق.
وأنا شخصيا كنت جدا متفاءل مع مدخل عام 2001 م مع تخوف حول الكمبيوتر وسرقة المعلومات، حيث كان جيل الكمبيوتر مزودا بأصفار تقف عند الألفية الثالثة، ومثَّلها فيلم اقتحام برجي سنغافورة بالثنائي زيتا جونز وشون كونري (جيمس بوند السابق أو العمل أو سيفن).
ثم خسرت أحب الناس إلي في هذا العقد؛ فقد مات والدي، وقلمي في جريدة الشرق الأوسط، ثم حبيبة قلبي، التي فارقت في 7 سبتمبر 2005م في نفس يوم ميلادها..
لذا فهذا العقد هو عقد الحزن للكثيرين في الغرب والشرق..
لم يحلم الغرب بالرفاهية فقط بل بالسلام الأبدي، كما كتب من قبل إيمانويل كانط (Zum ewigen Frieden) (7) وصدق الناس خرافات وترهات (فوكوياما) حول نهاية التاريخ (8) حول الشكل الذي أبدعه الغرب في الليبرالية والديموقراطية؛ فقد كتب يقول بما يشبه الهذيان عام 1992م؛ أننا نعيش اليوم ليس حقبة ما بعد الحرب الباردة أو نهاية حقبة من التاريخ؟ بكلمة أدق نحن نعيش نهاية التاريخ، حيث وصل التطور الإيديولوجي للإنسانية إلى نهايته، وحققت الليبرالية الديمقراطية للغرب الشكل النهائي للحكومات؟!!
وما حصل أنه وخلال عقد واحد انهار النموذج الأمريكي مثل بيت من الكرتون، وأصبحت السندات بلا قيمة..
ثم جاءت كارثة سبتمبر وانهيار مركز التجارة العالمي بقرني عجل السامري، فكانت النهاية من حكاية (نهاية التاريخ؟!!)
وبذلك فإن هذا العقد الضائع فيه ضاع السلام، ودمرت غزة، وأحرقت البوسنة على نار ذات لهب، وضاعت الرفاهية، وأفلست وأقفرت الأسواق، وهرب العمال من الخليج بأي سفينة وطائرة بعد تبخر العمالة والعمال، وتفشى التضخم في بلد مثل السعودية لا تعرف في تاريخها معنى التضخم، وتوقف التقدم في جبهة الديمقراطية، وخانت أمريكا مبادئها.. فتحولت إلى دولة مخابرات، مثل دول الجملوكيات في الشرق الأوسط تتبادل معها المعلومات والخبرات، وتشحن لها ماهر عرار السوري بيد أردنية (9)...
إنها تذكر بآية نهاية الاستكبار، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهار فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس..
وكانت أكثر الأفلام رواجا سيد الصراع (King the Ring)، وأكثر الكتب رواجا لهاري بوتر (Harry Potter) في عودة لأحلام الطفولة عن انتصار الأخيار على الأشرار، فاستهلكها وأدمن عليها الكبار أكثر من الغلمان.
أما في عالم الحقيقة فلم يكن الأشرار من عالم الجن والغيلان، بل من الجيران، الذين لم ـ يكن قصدهم الأذية.. كذا؟ ـ فمن الاستثمار تضخمت فقاعة العقارات حتى انفجرت البالونة فدوى العالم، ومن نفث السيارات باءت البيئة بالخذلان، فأمريكا تشرب ربع البترول العالمي بشراهة وجنون مثل العطشان يشرب ماء البحر فيزداد عطشا، ومن تقاليد الانتخابات تم التهام الديمقراطية مثل شطيرة من الحلويات، وحاليا في الجملوكيات العربية مجالس للقرود ـ عفوا مجالس شعب ـ للهتاف والتصفيق مثل القرود؟
ولا تختلف الملكيات بكثير عنها، فهي ديكورات لامعة أمام المنصات العالمية..
وفيروساته ركبت هذه المرة سرجا من ظهور الخنازير، ومن رحم الخيرات ولدت اللعنات والكائنات المشوهة، من كل صنف زوجان، فلم يبق قراصنة وإرهابيون بل رأٍسماليون بكرافتة كاردان ونظارة جيورجيو أرماني وشيرت كارتييه وموبايل نوكيا!!
وبالمقابل فمع هذا العقد فهم الناس أنهم أولاد آدم بعضهم من بعض يسعى بذمتهم أدناهم، في تحقيق لدعوة الأنبياء أن البشر كلهم من آدم وآدم من تراب..
فهم الجميع أن خفق جناحي فراشة في سان فرانسيسكو يمكن أن يحدث تايفون في اليابان، وأن تلوث الهواء في سماء بكين مشكلة هولندية، وأن أزمة الرهن العقاري في بوسطن ونيوجيرسي تقلع موظفا من عمله في مصنع للكيمياء في جرونوبل في فرنسا، وأبو حسن من الأوتو ستار (وكالة سيارات) في الرياض، وأنا من مؤسسة للبحث، بدون إخطاري خطيا قبل شهر، كما في العقد والتعاقد، فهذه أمور لا يستطيع الضعفاء فيها مواجهة تماسيح القوة وديناصورات المال..
العالم اليوم ديجتال، وكل دولار يتحول تحصيه ألف آلة حاسبة، وكل بريد إلكتروني قابل للاسترداد والتمرير على الأمن، وكل صورة بورنو أن تعبر الأفق من بتاغونيا إلى جزيرة سخالين.. وكل كمبيوتر قابل للاختراق ولو كان صاحبه في النومة السابعة..
فهم الجميع في الأرض والسماء أن الكل يؤثر على الكل، وأن الإمارات تفلس من أمريكا وتتبخر ملياراتها الحلوة التي تجمعت من أيام الكيف وأسواق الفسوق والتجارات السوداء من تبييض الأموال والسياحة ولو فجورا وفسقا، تبخرت وهي تتفرج، وأن سيدة ألمانيا تبيع بيتها في دبي بربع الثمن، وأن قصة عاد قابلة للتكرار، فيعود كل شيء إلى الرمل كما طلع من الرمل، كما قلت لهم في أبو ظبي وهم يستعرضون مدينة مزيفة اسمها مصدر بدون مصدر.. خالية من التلوث بزعمهم، مبنية بسيقان من تكنولوجيا مستوردة قابل للإفلاس في كل حين..
إن تشابك العالم وارتباطه اليوم يشبه نمو البشرية بالاتصالات، واليوم وبواسطة الموبايل والانترنت والسكايب والفيس بوك، يتواصل جيل الشباب ـ جيل الانترنت ـ الذي انقلبنا فيه نحن إلى تلاميذ، نتعلم منهم، وهم أساتذة لنا بالكمبيوتر والنت يلعبون، كما حصل معي أمس بين تنزيل برنامج وآخر؛ فطارت مقالاتي التي اشتغل عليها منذ ربع قرن، حتى تم إنقاذي بيد شاب نبتت اللحية لتوها في عارضيه هو في عمر أصغر بناتي؛ فانقلبت المقالات بكبسة زر قد دبت فيها الحياة فأصبحت مقروءة.؟!!..
من يضع يده على الجوجول (يجوجل) فيرى بيته في أي زاوية من المعمورة، كما رأيت أنا الفيلا التي بنيتها في الجولان، في جهد ست سنين، عسى أن يرتاح فيها المحارب المتقاعد، لأكتشف أن ديار البعث علي أن أغادرها ليوم البعث؛ فلا أراها إلا في الجوجل أيرث؟؟
لم يعد ساكن الديار من يجوس بل من يعس في النت، وتحول سوق الزواج إلى حبل من جداول إلكترونية؛ فيتزوج البريطاني كازاخستانية، والكورية عراقي كردي، والسوري مغربية من سفوح تازة وفاس..
مع هذا وبقدر الخيرات والخيارات، بقدر الاحتيال والشعوذة وتدشين التعصب والحقد والشعارات الثورية الخايبة؛ فكل يوم أنا مليونير بدون أن يدخل جيبي يورو وين؟ وكل يوم يركض خلفي بلهاث وضباح ونباح أشكال لا حصر لهم من القوادين والمرابين والمرتشين والمختلسين، في فيضان من مئات الرسائل يتنامى بدون توقف، بحيث يفكر المرء أول فتحه النت ماذا يحذف قبل ماذا يقرأ؟
إنه عصر الطوفان بدون نوح، ماؤه من السماء منهمر، وأرضه سيرفات تشفط وتبلع، وسفينته صندوق من تنك، ومجاديفه من كي بورد وسكانر..
ألسنا نعيش عالما سحريا بدون سندباد وألف ليلة وليلة، بحضور شهريار في كل لحظة؟؟
لقد ولد أخيرا المواطن العالمي، على الرغم من الناصرية والنصرانية، والمخابرات والحزبية، والبعثية والعبثية، وقتال فتح وبنو صهيون وحماس بكل حماس، وخرافات الشيعة والسنة، وتزاحمات ومضاربات العرب والكرد والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر..
إنه عصر بشر به الأنبياء فهو يتبلور في كل حين..
ولادة الإنسان المحرر من علاقات القوة والإيديولوجية والعرق والجنس وخنق الثقافات وضيق الأديان إلى نور الإسلام، الذي نادى به وحلم كل الأنبياء والثوريون والفلاسفة والمصلحون والفوضويون دعاة اللا دولة فقد ولدت دولة اللا دولة...
دولة أمواجها ثبج البحر الأخضر الإلكتروني، وشواطئها اللانهاية، وعبادها من كل مكان، في دين الانترنت إخوانا..
أليس هذا العالم جميلا الذي نحن إليه قادمون، نودع فيه وجه بوش بصفعة حذاء، وبن لادن هاربا في شعف الجبال، وشارون غارقا في سكرات الموت، والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وبما ما كنتم تفسقون..

ــــــــــــــــ
مراجع وهوامش:
(1) هي حرب امتدت على مدار ثلاثين عاما بين عامي 1618م و1648 م، انتهت بصلح وستفاليا (Westfallen) في مدينة مونستر (Muenster)، وحصدت أرواح ستة ملايين ونصف من الشعب الألماني، وتدمرت خلالها ثمانين ألف قرية ومدينة، مما دفعت الكنيسة إلى اتخاذ قرار للمرة الوحيدة والأخيرة بإباحة تعدد الزوجات واشتهر بقرار نورمبرغ (2) العدد 50 عام 2009م الصفحة 152 (3) راجع في هذا كتاب محنة ثقافة مزورة ـ الصادق النيهوم ـ ويعتبر مدرسة رائعة في الكتابة العربية القصيرة ـ راجع بحث عندما خسر العرب المحيط (4) هي مثال على تجمع شرور العالم في صندوق بيد الساحرة تحذر من فتحه فإذا انفتح خرجت كل الشرور فدمرت العالم (5) كتب المؤرخ والفيلسوف الألماني أوسفالد شبنجلر (Oswald Spengler) في مطلع القرن العشرين 1923 م سفرا ضخما في فلسفة الحضارة أطلق عليه أفول الغرب أو انحدار الحضارة الغربية (Der Untergang des Abendlandes) (6) كانت توقعات رافي باترا من خلال دراسته النظام الرأسمالي منذ نشأته، أنه يمر كل ستين عاما في دورة كساد مخيفة، هذه المرة تأخر، كما هو الحال في نظام الانقلاب المغناطيسي كل ثمانين ألف سنة، وهو في طريقه للتبدل والانقلاب في مناخ الأرض، فكلها قوانين سواء في الفيزياء أو الاقتصاد، ولكن الكساد هذه المرة مر في اختناقات منذ عام 1928 و1989م إلا أن أروعه وأشده إيلاما كان مع عام 2008م فقد الناس فيها وظائفهم وقاربت الأمارات على الإفلاس وأفلست دول وظهر على السطح قباحة النظام الرأسمالي على أبشع مما وصفه كارل ماركس، ولولا تدخل السياسيين ونظام الدول في ضخ الأموال لهلك الناس على الأرصفة بالمجاعة والعاصفة مع كتابة هذه الأسطر ما زالت تخط سنينا عجافا (7) نحو السلام الأبدي هذا هو عنوان كتاب الفيلسوف كانط، ولم ينتشر كثيرا أو يعرف، وهو من أنضج وأجمل ما كتب، لعله أفضل من كتاب نقد العقل الخالص، وفي هذا الكتاب اقترح جمعية الأمم المتحدة التي لم تولد حتى اليوم، فالعالم مصادر بيد القوى العظمى مثل أي طائرة مخطوفة بيد قراصنة الجو؟ (8) ظهرت أفكار هذا الرجل وهو يشتغل لصالح الخارجية الأميركية في قسم لجنة التخطيط، حيث ظهرت فكرته في مقالة أطلعني عليها المفكر الكردي إبراهيم محمود أثناء زيارتي له في القامشلي، ثم طورها في كتاب كامل يهذي فيها حول نهاية التاريخ وتحنطه عند النموذج الأمريكي الذي يذوب حاليا مثل آيس كريم في الصيف، بل إن نفس باول كيندي الأمريكي المؤرخ في كتابه صعود وسقوط القوى العظمى وكتابه الآخر عن الاستعداد للقرن 21 يتوقع نهاية مأساوية لأمريكا، لعل أهم مظاهرها مرض الدولار المزمن، وفي الوقت الذي ينفض العالم يديه من الدولار فسوف يركب بوش بسكليت وأوباما طرطيرة؟؟ أو ربما رجع إلى كينيا من حيث جاء والده حسين يصيد في الغابات !(9) إنها مأساة لا يصدقها إنسان حين تسلم العدالة الأمريكية مواطنا كنديا إلى المخابرات السورية، عبر البوابة الخلفية من الأردن، فينال قسطه وافرا من التعذيب بتعليمات أمريكية، والسؤال لماذا المخابرات السورية المعروفة بشراستها وفجورها؟ والجواب أن ماهر عرار من أصل سوري، ولكن الرحلة لم تنته فقد أقام الرجل بمساعدة زوجته الرائعة قضية ضد الشرطة الكندية ترتب عليه ربح الدعوى، والتعويض بمبلغ 12 مليون دولار، واعتذار الحكومة الكندية رسميا له، ونشر صورته في الصفحة الأولى من جريدة مونتريال أنه بطل قومي كندي، وهو الآن يلاحق الرفاق والملكيين أيضا ليجرهم إلى منصة العدالة وهم صاغرون.