كتبت quot; كونداليزا رايسquot; وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في مقال لها نشر في صحيفة quot;واشنطن بوستquot; (24 نوفمبر 2012) : quot;إن انهيار منظومة الدول السائدة في الشرق الأوسط يحمل في ثناياه مخاطر كبيرة، إذ ستكون إيران هي الرابحة، بينما سيكون حلفاء الولايات المتحدة الخاسرين. وسيصبح الصراع والعنف والفوضى أمرا شائعا بالمنطقة. إن الحرب قد تندلع في الشرق الأوسط على نطاق أوسع، بل قد تتصاعد إلى أبعد من ذلك، لقد انتهت الانتخابات الأمريكية، والآن على الولايات المتحدة التحرك قبل فوات الأوانquot;.
يصعب فهم هذا المقطع من المقال الذي يعبر عن القلق والحذر الذي بدأ ينتاب بعض السياسيين في أمريكا نفسها ، بعيدا عن محاولة القراءة المتعمقة للقرارات الرئاسية الكارثية والأحداث الدراماتيكية المتسارعة في مصر. لم تكن مليونية quot;الشرعية والشريعةquot; التي حاصرت quot;المحكمة الدستورية العلياquot; صباح أمس (وهدمت آهم أركان الدولة) ومنعت القضاة من ممارسة عملهم فضلا عن إرهابهم وتهديدهم بالقتل، إلا الجزء الظاهر من quot;الخراب المستعجquot; الذي يحمله حكم الإخوان لمصر، ففي مختلف النظم الديكتاتورية (كالنازية والفاشية) تستطيع أن تحشد مظاهرات مليونية وتملأ بهم الساحات وتسد قرص الشمس في ساعات محدودة!
أضف إلي ذلك أن التعجيل بسلق الدستور الجديد يتجاوز quot; قهر الشعب المصري بإسم الشريعة quot; إلي ما هو أخطر بكثير (في ظل نسبة أمية تصل إلي 48%). صحيح أن المسودة النهائية لمشروع الدستور ستؤدي إلي quot; تقسيم مصر quot; كما حدث تقريبا من quot; تقسيم للسودان quot; وبسبب الدستور أيضا، لكن الجديد في حالة مصر أن هذه المسودة السوداء أطاحت بمبدأ quot; الشرعية الجنائية quot; لأول مرة في التاريخ الدستوري (في كل العالم) وليس فقط في مصر ndash; كما يقول الفقيه الدستوري الدكتور quot; نور فرحات quot; ndash; حيث quot; ينص علي انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في الدستور، وهذا يعني حسب فرحات : quot; ان القاضي يستطيع أن يستند لنص المادة(2(والمادة (219) والمادة (10) لابتداع جرائم (شرعية) لم ينص عليها قانون العقوباتquot;.
الخطورة الحقيقية هي إلهاء الناس (بالشريعة) عما يدبر للمؤسسة العسكرية تحديدا في الدستور الجديد، وإن شئت الدقة : كيف سيتم (بالدستور ومواده القانونية ) أخونة الجيش المصري من خلال مادتين هما : المادة (146) والمادة (195)، فهما في ndash; حال تمريرهما ndash; ينسفان منصبي القائد الأعلي العام للقوات المسلحة، ويفتحان معا ndash; علي غير ظاهرهما ndash; ثغرتا الاختراق الذهبيتين لأخونة الجيش .. نحن هنا أمام مصير الدولة المصرية كلها، ولو سقط الجيش فستسقط الدولة، وهو ما قاله بالحرف الصديق الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
في تصوري أن سيناريو quot; تفكيك الجيش quot; في مصر وسوريا هو هدف نهائي واستراتيجية ثابتة للإخوان المسلمين، رغم تباين الظروف والملابسات والأحداث في البلدين. نحن أمام مفارقة تاريخية : ديكتاتور سوري يأفل نجمه ويفقد قوته بعد إنهاك شعبه في الحروب الأهلية، وديكتاتور مصري يبزغ نجمه علي أنقاض هدم أركان دولته والزج بها في أتون الحرب الأهلية، العقبة الكأداء في طريق احكام قبضته علي مقاليد السلطة ليس quot; القضاء quot; ولا القوي المدنية الديمقراطية (السلمية) وإنما quot; المؤسسة العسكرية quot; التي تمتلك السلاح والعتاد وتسيطر (في الوقت نفسه) علي القطاع الاقتصادي الأكبر في مصر، ومن ثم لا سبيل أمام الديكتاتور الجديد (الذي لا ينتمي للمؤسسة العسكرية) إلا إنتزاع هذه المؤسسة ولو بالصدام المسلح مع العسكر إذا لزم الأمر!
الأوضاع الاقتصادية في مصر quot; صادمة quot; : خزينة شبه خاوية بعد ان استنفدت حكومات ما بعد 25 يناير 2011 الاحتياطي من الذهب والعملات الصعبة (الأجنبية)، بينما (الصفقة مع طنطاوي وعنان) والخروج الآمن للمجلس العسكري وتمكين الإخوان من الحكم برعاية الولايات المتحدة، كان يشترط الحفاظ علي المكاسب الاقتصادية للمؤسسة العسكرية quot; بعد اتفاقية كامب ديفيد quot; للسلام مع إسرائيل عام 1979، والتي بلغت ذروتها في عهد الرئيس مبارك من التحكم في عائدات من السياحة وقناة السويس ومصادر الطاقة والانتاج الزراعي إلي إمتلاك نسبة كبيرة من مصادر الدخل التقليدية التي هي بمثابة العمود الفقري للاقتصاد في مصر ..
هل نحن أمام quot; صدام عسكري quot; قادم لا محالة بين الميليشيات المسلحة للإخوان المسلمين في مصر وفروعها في الدول الأخري والمؤسسة العسكرية (1952 ndash; 2012)، أم أننا بصدد quot; سيناريو مرسوم منذ عام 1968 quot; ووجد طريقه إلي التنفيذ مع وصول الإخوان إلي الحكم، فقد قال quot; موشي ديان quot; وزير الدفاع الإسرائيلي لجريدة quot; تشرين quot; اللبنانية : quot; إذا استطعنا اسقاط عسكر جمال عبد الناصر فى يئر الخيانة وتصعيد الإخوان الى سدة الحكم فى مصر .. سنشتم رائحة الموت والدماء فى كل بقعه من أراضى مصر، فلتكن تلك هي غايتنا وحربنا بمساعدة أصدقائنا الأمريكانquot;.
[email protected]