التقارب الامريکي مع النظام الايراني بعد فترة قطيعة، تعود في ظروف غير طبيعية بالمرة، فالولايات المتحدة الامريکية تعصف بها أزمة إقتصادية خانقة و يقودها رئيس قلق متردد يتخوف من إتخاذ أي قرار حاسم برباطة جأش، فيما يعيش النظام الايراني ظروف و أوضاع إقتصادية و إجتماعية وخيمة جدا بحيث لو يتم تدارك الامور فإن النظام سيصبح في خبر کان خلال فترة غير بعيدة.

التعاطي و الاداء الاکثر من مشبوه للرئيس اوباما مع الملف السوري و خضوعه و إخضاعه للهيبة الامريکية لمساومات و مزايدات النخاسة الروسية، کان لها الکثير من ردود الفعل السلبية على أکثر من صعيد ولاسيما في المنطقة التي أندهشت من هذا التعاطي الفج و السقيم والذي بدت أمريکا فيها أشبه ماتکون بأسد متعب لايتمکن من اللحاق بفريسته و لذلك فإنه يستسلم لراحة إضطرارية کي يخفي عجزه.

الاحباط العربي العام و السعودي و الخليجي بشکل خاص من التعاطي الامريکي مع الملفين السوري و الايراني، له أکثر من مبرر، إذ أن لسان حال العرب و الخليجيين بشکل خاص يقول: لن نؤکل کما أکل(بضم الالف و کسر الکاف)الثور الابيض! ولذا فإن نأي السعودية بنفسها عن التخبط و الضياع و شبه الافلاس في السياسة الامريکية تجاه الملفين السوري و الايراني و توجهها نحو الشانزليزيهzwnj;، رسالة ذات مغزى عميق لذلك الرئيس الامريکي الذي جعل سياسة أمريکا و مستقبلها رهين بيد طهران و موسکو المحجمين اساسا.

القلق العربي و الخليجي بشکل خاص له أکثر من مبرر، حيث أن الاتجاه الامريکي الحالي الذي بقدر مايبدو غامضا فإنه يبعث على الريبة لأن الامريکيين و بعد کل التي و اللتيا، وبعد کل تلك العهود و المواثيق و الالتزامات التي قطعوها لأصدقائهم العرب، فإنهم يتصرفون من وراء الکواليس و مع الطرف الاکثر إغاضة و توجسا للعرب، ولأن الرئيس الجديد حسن روحاني، قد نجح في سابق عهده خداع المفاوض الغربيquot;النبه و الحذقquot;، فإنه ومن دون شك أکثر قدرة على التمويه على رئيس أمريکي قلق يتردد في قراراته بإنتظار الصدفة و ليست الفرصة السانحة، وعليه فإنه حق مشروع للعرب و الخليجيين أن يسرعوا بالابتعاد عن أمريکا اوباما الذلول التي بات يمتطيها دب روسي او ثعلب إيراني!

اوباما الذي يسير بإتجاه تعزيز توجهاته السياسية بإتجاه ترسيخ علاقاته مع إدارة الرئيس روحاني رغم يقينه التام من أن أن روحاني ليس بصاحب القرار النهائي، والاهم من ذلك أنه يحاول تجاهل على حقيقة أن النظام الايراني لن يفرط أبدا بمشروعه النووي مهما کلف الامر، ولئن قدم تنازلات و مواقف لينة على عدة أصعدة، فإن مشروعه النووي سيظل خطا أحمرا و لن يتنازل عنه أبدا، وفي ظل هکذا توجه أمريکي فإنه من المهم على المنطقة أن تفکر بخيارات أخرى بعيدا عن امريکا التي تجنح في واحدة من أکبر شطحاتها.