أسماء الفاعلين مختلفة، بحيث لا يمكن بسهولة تصور رابط ما يجمع بينهم، غير أن الأدوار التي يضطلعون بها تتكامل إلى حد التطابق، انطلاقا من وحدة الهدف، رغم اختلاف العناوين التي يتم التحرك تحت سقوفها، وتباين الأساليب التي يتم اعتمادها. هذا ما يمكن تقديم الدلائل القاطعة عليه من خلال معاينة تعامل بعض المنظمات الإقليمية والدولية مع المغرب، بين الفينة والأخرى، بحيث يبدو أنها في سباق مع الزمن لتحقيق أغراضها في النيل من المغرب ومناهضته في مساعيه على مستوى تكريس وحماية وحدته الوطنية والترابية، وعلى مستوى المضي قدما في بناء وتطوير تجربته الديمقراطية ذات الأسس الشعبية والحداثية الحقيقية، أو على مستوى الحفاظ على استقراره وطمأنينة أبنائه الذي يعتبر الإطار الضروري لتحقيق الأهداف المنشودة من المساعي التي تبذلها الدولة المغربية في هذه المجالات، منفردة أو مجتمعة على السواء. ولعل ما يساعد المحلل السياسي والمتتبع الموضوعي لكيفية تعامل تلك المنظمات والدوائر مع قضايا المغرب الأساسية آنفة الذكر وخاصة عند ذروة نشاطها، هو الكفيل بكشف التكامل بين مختلف مساعيها، بل والتواطؤ

الضمني أو المكشوف الذي يميز ممارساتها تجاه المغرب الساعي إلى تحقيق إنجازات حاسمة على صعيد حماية وطنه من محاولات النيل منه على أكثر من مستوى كما هو شأن الحركة المنسقة المشبوهة اليوم بين منظمة العفو الدولية وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والأوساط الاستعمارية القديمة الجديدة في إسبانيا بوسائل إعلامها المباشرة وغير المباشرة، وعتاة مناهضي وحدتنا الترابية ومختلقي النزاعات ومفتعلي الصراعات لحرف المغرب عن تحقيق أهدافه في التنمية الوطنية والسياسية وإغراقه في أزمات كان ممكنا تجنبها وتفادي مضاعفاتها السلبية الأكيدة، لولا الحرص الذي تبديه بعض المنظمات والجهات المناوئة على فرض معارك جانبية إضافية على البلاد.

وهكذا فإن منظمة العفو الدولية تقصف سيادة الوطن من باب الدعوة إلى محاولة إحياء المشروع المشبوه الداعي إلى توسيع صلاحيات المينورسو، ومزاعم الدفاع عن حقوق الإنسان في الأقاليم المغربية الجنوبية، والقاعدة تصوب، من جهتها، على الاستقرار في البلاد، من باب التحريض على الإرهاب وتعيين أهدافه القريبة والبعيدة، ووسائل إعلام أوساط الاستعمار في اسبانيا وأدواتها ومرددة أصدائها، تتولى الترويج لأهم عناصر استراتيجية خصوم الوحدة الوطنية والترابية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

إن تضافر كل هذه العناصر، والفتح المتزامن وبقوة لهذه الجبهات على المغرب ينم عن إصرار الجهات المنخرطة فيها على النيل من صورة المغرب في مختلف الأوساط، وضرب مصالحه الاستراتيجية على مختلف الأصعدة الوطنية والسياسية والأمنية قد استدعى القيام بعدد من الخطوات السياسية متفاوتة الأهمية أبرزها سعي وزارة العدل المغربية إلى رفع دعوى قضائية أمام المؤسسات الإسبانية المختصة ضد صحيفة الباييس التي كان المشرفون على موقعها الإلكتروني أول من أعطوا الإشارة ببدء حملة التهديد للمغرب ومصالحه والترويج لفيديو منسوب إلى تنظيم القاعدة الإرهابي في المغرب الإسلامي مع العلم أن القيام بمثل هذه الممارسة لا تقل إجراما عن المشاركة المباشرة في الأعمال الإرهابية.

وبالفعل، فإن الحكومة المغربية قد قررت مقاضاة جريدة الباييس الإسبانية بسبب نشرها لشريط منسوب للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي quot;يتضمن دعوة صريحة لارتكاب أعمال إرهابية بالمملكة المغربيةquot;، كما اكد بيان لوزارة العدل المغربية.

وقال البيان الصادر الثلاثاء الماضي إنه quot;تم إجراء اتصال من قبل وزير العدل والحريات (المغربي) مع نظيره الإسباني لإبلاغه انشغال الحكومة المغربية، لما أقدم عليه موقع الجريدة الإسبانية، وما يكتسيه نشر شريط يدعو إلى الإرهاب من خطورة، على سلامة وأمن المواطنين المغاربة وممتلكاتهمquot;.

وأوضح البيان ان هذا الاتصال بين المسؤولين المغربي والإسباني يأتي quot;تبعا للبحث الجاري مع المسؤول عن الموقع الإلكتروني المغربي quot;لكمquot; بسبب نشر الشريط المنسوب لتنظيم القاعدة.

وعلى مستوى آخر، قالت منظمة العفو الدولية، بأنها تعيد مناشدة الأمم المتحدة، مرة أخرى، من أجل quot;توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل بذلك مجال حقوق الإنسانquot;، في إطار هذه الحملة التي تبدو منسقة. ولا يغير من ذلك شيئا إشارة بيان المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن توسيع نشاط المينورسو ليس خاصا فقط بـquot;الأراضي الصحراوية الخاضعة لسيطرة السلطات المغربيةquot;، بل يشمل أيضا quot;الأراضي التي تسيطر عليها جبهة البوليساريوquot;، لـلتصدي للخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي تشكل مصدر قلق في المنطقة.

وليس ممكنا لأي عارف بقضايا الإعلام وكتاب التقارير الإخبارية المصورة، عدم ملاحظة المستوى المهني الرديء جدا لكيفية عرض الفيديو وتنسيق مواده وفقراته وطابع البروباغندا الذي يغلب عليه إلى حد ان الكذب الصراح هو القاعدة الأساسية للفيديو خاصة عند التعرض لتجربة المغرب السياسية خلال كل الفترة التي عاشها في ظل الاستقلال السياسي بعد الكفاح المرير الذي خاضه الشعب المغربي في تلاحم منقطع النظير بين حركته الوطنية والملكية تحت قيادة الملك الراحل محمد الخامس الذي قدم هو وأسرته الصغيرة تضحيات جسيمة لا ينكرها إلا جاحد أو أعمى البصر والبصيرة. ولعل تركيز الفيديو في

فقرة من فقراته على إنكار دور العاهلين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني في صنع ملحمة النضال من أجل الاستقلال وبناء مغرب التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية يكشف، في حد ذاته، هذا البعد المغرض لبروباغندا الفيديو المنسوب، عن حق أو على سبيل التمويه وإبعاد الأنظار، لتنظيم القاعدة، كما يكشف ضحالته على المستويات الفنية والسياسية والتاريخية، ويفقده، بالتالي، كل أهمية ما عدا البعد التحريضي الصريح على الإرهاب في البلاد الذي يدين أصحابه على كل الأصعدة والمستويات..

وغني عن التذكير بأن الكيفية التي حاول بها الفيديو تصوير الجهود التي يبذلها الملك محمد السادس لمواجهة تحديات البناء الديمقراطي ضمن اختيار الحداثة الواضح، وتشييد صرح التنمية الاقتصادية والاجتماعية، قد جاءت بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير الجهة المدبجة لهذا الفيديو- الفضيحة، لأن بعض اليسر الذي يمكن أن يتوفر للكاذب والمزور في تناول الأحداث التاريخية بالنسبة لتضليل غير العارفين، يتحول إلى عقدة عسيرة عندما يتعرض ويتطاول على صناع الأحداث الكبرى الأساسييين على الأرض كما هو شأن الملك محمد السادس وبشهادة كل المغاربة على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية وتموقعهم في خندق الحكومة أو في ساحات المعارضة الرحبة.

ألم يواجه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات محاولات النيل من صمود الشعب الفلسطيني من قبل أعداء الأمة العربية الإسلامية بالقول الشعبي المأثور: ياجبل ما يهزك ريح؟