تشهد الحركة الفنية في المملكة العربية السعودية أزهى مراحل الازدهار الفني في إنتاج الأعمال الفنية السينمائية والتلفزيونية، وتبني المواهب الشابة وصقلها في ميادين التمثيل والإخراج ومختلف التخصصات الفنية الأخرى، كون ذلك الاهتمام يسهم في نجاح كل المساعي لتعزيز صناعة الترفيه وإنتاج الأعمال الفنية العالية المستوى.

لكن ثمة نقاط ضعف لا تزال حاضرة، وأهمها أزمة اختيار النصوص، فمعظم الأعمال الفنية لم تقدم المأمول منها، فلا رسائل إيجابية تحملها ولا حلول مجتمعية تعطيها، تاركة بعد عرضها آثاراً سلبية على المجتمع وخيبة أمل لدى المسؤولين.

وفي الحقيقة، ليس ثمة من مساع لحل هذه الأزمة التي تفرض نفسها في كل زمن وعمل، بالرغم من توفر الموارد المالية والبشرية والفنية، حيث نلاحظ إهمالاً في عرض المحتوى الذي يعتمد في كثير منه على الارتجال الساذج، دون بذل أي جهد يعكس الدعم القائم من قبل الجهات المعنية لقطاع الترفيه.

إقرأ أيضاً: بين العقوق والبر للصحافة

إنَّ الأعمال الفنية الحالية بعيدة كل البعد عن زماننا الحالي، مختلفة عن عاداتنا وتقاليدنا، ولا تعكس التطور والتقدم الذي نشهده، إنما هي نتاج فكرة مرتجلة أو مستقاة من روايات لا يمكن تعريبها وسعودتها، وهذه مشكلة كبيرة جعلت من أعمالنا الفنية تباع وتشترى من قبلنا فقط، ولتذهب إلى امتداد أوسع فلا قيمة لها، ولا استثمار بها.

نأمل أن نشاهد اهتماماً أكبر من قبل هيئة الإذاعة والتلفزيون بهذه النقطة، وذلك عن طريق تكوين شراكات وتعاون واستحداث مظلة تجمع الكتاب، إذ لا وجود لعمل سينمائي أو تلفزيوني ناجح في غياب كاتب نصوص (سيناريست) محترف وقادر على صياغة الأفكار ووضع تسلسل للقصة، ولا وجود لعمل يقوم على فكرة أو ارتجال مهما كانت الفكرة جيدة أو كان الممثل متمكناً من دون صياغة من كاتب حقيقي يوظف الفكرة ويعد الحوار ويوظف الممثلين.

إقرأ أيضاً: من هو مدير المكتب الناجح؟

نتمنى من هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تلزم القنوات السعودية الرسمية والخاصة وشركات الإنتاج بتبنى الكتاب ومنحهم كافة الإمكانيات لكي يسهموا في هذه الصناعة للحد من الإنفاق غير المجدي على أعمال تفتقر لأهم أسس النجاح الفني، وأهمها النصوص، فالمشاهد اليوم أكثر وعياً، ولا يقبل أن يتم الاستخفاف به.

إنَّ المشاهد الحالي متاحة له جميع الخيارات العربية والأجنبية من خلال القنوات والمنصات المختلفة، وليس بمجبر على متابعة بعض الأعمال غير المرضية، فلكي ننجح ونصنع قوة ناعمة وإرثاً ثقافياً، نحتاج إلى جهة يستظل من تحتها الجميع، تتوفر بها الكفاءات المؤهلة التي تعي معنى السينما والتلفزيون وكتابة السيناريو تحت قيادة واعية تحقق صناعة فنية مستدامة.