زيارة جديدة يقوم بها رئيس إقليم كوردستان العراق نيجيرفان بارزاني إلى بغداد ولقاء مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من أجل تثبيت مسألة الرواتب واستئناف تصدير النفط وتنفيذ بنود الاتفاق السياسي، وهي مسؤولية الرئيس في تنظيم العلاقات بين أربيل وبغداد وحل المشاكل والأزمات، وذلك بموجب القانون وباعتباره شخصية مؤثرة وقوية في كوردستان والعراق.

هذه الزيارة وغيرها من الدعوات التي أطلقها نيجيرفان بارزاني تمثل الجهود والحوارات الجادة مع الحكومة العراقية وتبين أن كل شيء يمكن حله عن طريق الحوار وبحث المشكلات بين الإقليم والحكومة الاتحادية، ولا توجد مشكلة أو موضوع لا يمكن حله طالما توفرت النية والإرادة الحقيقية لحل كل الإشكالات والمشكلات.

وتبذل حكومة الإقليم مع الحكومة العراقية الاتحادية مساع واتصالات وحوارات جادة مع التأكيد على أن الرواتب هي استحقاقات قانونية للموظفين ويجب إبعادها عن الخلافات السياسية وحلها عن طريق الآليات القانونية والتأكيد على الاتزام بحل القضايا الخلافية بموجب الدستور والاتفاقات الموقعة واحترام الكيان الدستوري للإقليم.

إنَّ المطلوب هو حل دائم قائم على أساس الدستور والنظام الاتحادي الذي يصب في مصلحة العراق ككل، لأنَّ الدستور العراقي لسنة 2005 نص في المادة الأولى منه على "جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق"، وحسب المادة 116 "يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وادارت محلية".

كما أنَّ من أبرز سمات ومظاهر الدولة الاتحادية هو وجود الأقاليم فيها، بحيث تتوزع الاختصاصات بين السلطة الاتحادية وحكومات الإقليم، وحددت المادة 110 الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية، فيما بينت المادة 114 الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقليم، وتركت المادة 115 كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الإقليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وان التطبيق الحقيقي والكامل لأحكام الدستور سوف يحفظ لكل الاطراف حقوقها ويوجه الجميع لمسيرة بناء العراق الديمقراطي الاتحادي.

يتحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على العراق وإقليم كوردستان باعتبار ذلك صمام الأمان لحفظ أمن واستقرار البلاد، خاصة في ضوء الظروف والمستجدات السياسية والأمنية التي تمرّ بها المنطقة، وهي ظروف معقّدة، لذا فاننا نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التفاهم المشترك، ويجب مراقبة الاوضاع وبكل دقة وتوقع كل الاحتمالات والمستجدات من اجل الحفاظ على الأمن والاستقرار.

وقد سبق للرئيس نيجيرفان بارزاني أن صرح في وقت سابق بالقول أنه "علينا جميعاً في العراق أن نضع المصلحة العليا للشعب والوطن فوق كل شيء آخر، علينا أن نكون يقظين جداً، وأن لا نسمح تحت أي عذر بانجرار بلدنا نحو الخلافات وان نصبح جزءاً من مشاكل وفتن المنطقة". وضرورة أن تكون العلاقة بين أربيل وبغداد قوية وطيبة وودية، وألا تعطلها التصريحات الإعلامية لأن الشعب من سيدفع ثمن ذلك.