يحتفل أبناء الجالية الكوردية في الولايات المتحدة الأميركية كل عام بإحياء أعياد نوروز، وسط أجواء لا تخلو من المحافظة على التراث الكوردي بكل عاداته وطقوسه التي انتقلت مع تلك العوائل لتجعلها تعريفاً بالقضية الكوردية، ابتداءً من اللغة الأم والعلم الكوردستاني والأزياء الفلكلورية الكوردية، والتي يرتديها الكبار والصغار على حد سواء.

وشهد هذا العام انطلاق احتفالات كبرى في تكساس وناشفيلد وكاليفورنيا، إضافة إلى ميشيغان ونيويورك، وقد خُصص للكرد في سان دييغو في كاليفورنيا منذ عام 2010 متنزه El Monte park، الذي صار يعرف لاحقاً بپارك الكرد، حيث تجتمع العوائل الكوردية المتواجدة في أميركا لتحتفل بأعياد نوروز، ولتنطلق الدبكات الكوردية بعد أن توقد شعلة نوروز، ويعلو صوت المطرب الكوردي المعروف حسن زيرك بأغنية "نورزا"، ولتمتد المائدة الكوردية وسط حدائق أميركا متنوعة بأكلاتها المعروفة كالدولمة والكفتة والكباب واللبن الرائب الكوردي المعروف باسم الماستاو، وخبز الرگاگ (ناني تيري) الذي يخبز على الصاج في بيوتات المهجر الكوردية في أميركا، وتشترك كل الفئات العمرية بهذه المناسبة كباراً وصغاراً، لتتعرف على عادات الأهل المتوارثة، ولتوصل رسالة المحبة والسلام إلى كل العالم.

أغلب العوائل الي تقطن أميركا تتحدث اللغة الكوردية، وحتى الأجيال التي ولدت هناك، إذ تعتبر الكوردية اللغة الأساس، وتشارك العوائل الأميركية احتفالات الجالية الكوردية بأعياد نوروز بعد أن اتقنت لغة الترحيب (جەژنتان پیرۆزبێت)، وبعضهم صار يطلب ارتداء الزي الكوردي ليشارك الكورد أفراحهم.

الكاتب والصحفي الكوردي حمزة عثمان، الذي يعمل في مجال الصحافة والإعلام إضافة إلى عمله بصفة أستاذ محاضر في إحدى أكبر الجامعات الأميركية (SDSU)، شارك كرد المهجر احتفالات نوروز هذا العام، وأكد أن هناك حرصاً كبيراً لدى الكورد في المهجر على إحياء العيد القومي الكوردي، والذي يعتبر على حد وصفه أساساً لا يمكن الاستغناء عنه، وشهد هذا العام إحياء المطرب الكوردي المعروف عزيز ويسي حفلاً فنياً للجالية الكوردية في إحدى قاعات الاحتفال في سان دييغو، وقد أجلت احتفالات نوروز هذا العام لوقت متأخر بسبب تزامنها مع شهر رمضان المبارك.

ولعل تمسك الكورد بقضيتهم التي حملوها على عاتقهم بعد موجات التهجير التي لحقت بهم في الأجزاء الأربعة وفي كوردستان العراق تحديداً، ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي نتيجة للنزاع العراقي الكوردي وما لحق ذلك من من حملات الأنفال في نهاية الثمانينات، والتهجير القسري والحروب التي شهدها العراق بعد عام 2014... أمور كانت سبباً وراء تلك الهجرات، الا أنها لم تمنع تلك العوائل الكوردية من الإصرار على تعريف أبنائها و تثقيفهم بالقضية الكوردية وقصة كاوا الحداد بعد أن أوقد شعلة الحرية منتصراً، لتليه شخصيات رسخت مبادئ الدفاع عن الحقوق الكوردية كالقاضي محمد والخالد الملا مصطفى بارزاني ونجله الرئيس مسعود بارزاني على خطى والده، والإنجازات التي تحققت في كوردستان العراق بعد عام 2019 من حملات إعمار وبناء، بالرغم من كل الظروف، وهي أمور أعطت طابعاً لقوة الكورد وإصرارهم على البقاء والبناء معاً، يضاف إلى ذلك الدور الذي لعبه مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان بعد جملة الزيارات التي قام بها إلى أميركا لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية على حد سواء، والتي اختتمت قبل شهر من الآن ووصفت من قبل الجانب الأميركي بالناجحة بكل تفاصيلها.

وفي الجانب المقابل، تحظى العلاقات الكوردية الأميركية بحضور فعال من خلال ممثلية حكومة إقليم كوردستان في أميركا وجمعية الصداقة الأميركية الكوردية، التي تأسست في إقليم كوردستان عام 2008، إضافة إلى وجود الفرع السابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني في واشنطن، وكل تلك الدلائل تشير إلى متانة العلاقات الكوردية الأميركية التي تحظى بثقل كبير.