لا خِلافَ بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء في الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يخُصُّ الحرب ضدّ الشعب الفلسطينيّ في غزة والإبادة الجماعيّة للأطفال والنساء والعجَزة الفلسطينيّين العُزَّل. إنّ تصريحات الرئيس الأمريكيّ حوْل مُعارَضَتِه لِلتّدخُّل العسكري الإسرائيلي في رفح مَسرحيّة تَضليليّة مُوَجَّهة أساساً إلى النّاخب الأميركيّ الذي باتَ مُعظمُه يُنَدِّد بمُساهَمة إدارة بايدن في الإبادة الجماعيّة لأهل غزة من خلال إمداد إسرائيل بالأسلحة والعتاد الحربيّ الذي تحتاجه في حربِها الشّعواء على المواطنين الفلسطينيّين الأبرياء. أمّا فيما يتعلَّق بالرئيس السابِق دونالد ترامب، والمُحتمَل فوزه في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة المُقبِلة، فهو من المُؤَيِّدين لإسرائيل في جرائمها في حقّ الفلسطينيّين ومِن الاوفياء للكيان الصهيونيّ، ويتّضِح ذلك من خلال نَقْلِه السفارة الأميركيّة إلى القدس الشريف إبّان حُكمِه.

مَن يَعتقِد أنّ السياسة الأميركيّة تُجاه إسرائيل سَتَتَغيَّر بِتَغيُّر الرُّؤَساء فهو واهِمٌ، فالإدارة الأميركية مع إسرائيل قَلْباً وقالَباً مُنذ قيام الدولة العبريّة المُحتلّة لأراضي فلسطين عام 1948 إلى الآنَ؛ إسرائيل هي الطّفل المُدلَّل لأميركا منذُ القِدَم، ولن تتخلّى عنها أبداً مَهما تَغيّرت الحكومات والأحزاب الحاكِمة. فسياسة الجمهوريّين والديمُقراطيّين فيما يتعلَّق بالقضية الفلسطينيّة مُماثِلة في الدّعم اللّامحدود للكيان الإسرائيلي في ترسيخ احتلاله للأراضي الفلسطينيّة وتوسيع نِطاق الاستيلاء على المزيد منها وإنشاء مستوطنات جديدة وقَضْم المزيد من أراضي 67، وتأييدها إسرائيل في الحَيْلولة دون قيام أيّ دولة فلسطينيّة مُستقِلّة ذات سيادة كامِلة.

سياسة الولايات المتحدة غير قابِلَة للتّغيير تُجاه إسرائيل، والتاريخ شاهِدٌ على ذلك، فهي تَسعى جاهِدةً أنْ تبقى الدولة العبريّة القويّة في المِنطقة دون مُنازِع، وما إخضاع الدول الإقليميّة لِسياستها وبسْط نفوذِها عليها وجرّها للتطبيع مع الكيان الصهيوني إلّا دليل قاطعُ على سعيِها وراء تقوية الدور الإسرائيلي في المنطقة.

يوم السبت في 20 نيسان (أبريل) الجاري، وافق مجلس النواب الأميركي، بأغلبية ساحقة، على مشروع قانون لتخصيص 26.4 مليار دولار لإسرائيل، وأظهرت نتائج التصويت أن 366 عضواً بالكونغرس صوَّتوا لصالح مشروع القانون، فيما عارضه 58 آخرون. من هنا يتّضح جلياً أنّ الإدارة الأميركيّة وإسرائيل على اتّفاقٍ تامّ حول حرب الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزَل البريء. أميركا تمُدّ إسرائيل بأحدَث الأسلحة التّدميريّة التي تستخدِمُها في حربِها الشّعواء على شعب غزة، إضافةً إلى مُساعدتِها الاستِخباراتيّة من أجل مُلاحقَة المُواطنين الفلسطينيّين وإعدامِهم في الطّرقات والمَشافي والمُخيّمات ومدارِس الإيواء وغيرِها. وبايدن يَقوم بِتأْليف مَسرحيات مُجانِبَة للحقيقة، تَتَّضح من خلال تصريحاته المُوَجّهة بالخصوص للشعب الأميركيّ الذي بدَأَ يتضَجّر من سلوكاتِه الخاطِئَة التي ينهجُها في سياستِه، وعلى وجْه الخصوص، مُسانَدتَه اللّامشروطة واللّامحدودة لإسرائيل في حربِها ضدّ الشعب الفلسطينيّ في غزة. يريد بايدن استرجاع سُمعتِه في أوساط الشعب الأميركيّ، من أجل إقناع النّاخِب بأنّه غير مسؤول عن الحرب في غزّة ولا صِلَةَ لهُ بها قَصدَ استعادة ثِقتَه المَفقودة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حين أعلنَ أنَّه مع إسرائيل في حربها واعِداً إيّاها بمُساعدتِها والوقوف إلى جانِبِها من أجل القضاء على حماس، بالإضافة إلى إعطائِها الضّوء الأخضر للتَّدَخُّل البرّي في قطاع غزة.