يتحصنون في مقراتهم أو يغادرون حتى ينقشع الخطر
هاجس التفجيرات يلاحق ميليس وقادة لبنان

إقرأ أيضا

تقرير ميليس وخريف ساخن في الشرق الاوسط

نصر الله: لا قيمة لاتهامات تقرير ميليس

ريما زهار من بيروت: التقرير الإجرائي الذي رفعه رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس الى مجلس الامن الدولي تمهيدًا للتقرير النهائي المقرر مبدئيًا في منتصف ايلول (سبتمبر) المقبل فتح الباب امام جملة تكهنات واستنتاجات وتحذيرات محلية ودولية في حين كثرت الدعوات الموجهة الى دمشق وآخرها من روسيا ليس للتجاوب مع اسئلة ميليس فحسب بل مع مطالبه ايضًا. وتحدثت أوساط ديبلوماسية مطلعة لـ"إيلاف" عمّا سوف يلي اعلان التقرير"الاجرائي" أو" الانتقالي "، فقالت إن التقرير النهائي سوف "يفضح" بالأسماء من لم يتعاون مع التحقيق مدرجًا الأسباب كما يعلّلها المحققون الدوليون. وأضافت أن لجنة التحقيق الدولية توصلت خلال الاشهر الاخيرة الى معرفة كيف تم تفجير موكب الرئيس الحريري والاسلوب الذي اعتمد، وطريقة التخطيط له كي لا يحصل اي خطأ في اصابة الهدف، فضلا عن عدد الاشخاص الذين ساهموا في ارتكاب الجريمة، والمواد التي استعملت خلال الانفجار ودولة المنشأ التي تستعملها او تصدّرها.

ولعلّ هذه النقطة الاخيرة تظهر من هي الجهة التي بإمكانها الحصول عليها. ما يعني بأنّ ميليس استوجب عناصر التحقيق المطلوبة منه، لا سيما مع معرفة "كيف" و"مَن"، وإلا لما غادر لبنان الى جنيف ونيويورك. أما طلبه بضعة اسابيع لاستكمال التحقيق فليس الا لربط حادثة الاغتيال هذه، والتي هي سياسية بامتياز، بسياسة الشرق الاوسط وما يُنتظر له مستقبلا. اما تعاون البعض او عدم تعاون البعض الآخر مع لجنة التحقيق الدولية، فلم يقف - بحسب رأي الاوساط الديبلوماسية نفسها - حجرة عثرة امام كشف الجهة التي خططت ودبّرت ونفّذت.

أمن وتخوف

وبما انّ الامن في لبنان هو سياسي بامتياز، فإنّ البعض يترقب ان يؤدي صدور تقرير ميليس بعد نحو شهرين على ابعد تقدير، الى وضع الامور في مكانها، خصوصًا على صعيد حصول طمأنة نسبية للمواطنين وللقيادات والمسؤولين القابعين في معاقلهم الأمنية الخاصة، او على طريقة الأزمة لا تنفرج الا بعد الاشتداد. لكن مراقبين آخرين لا يرون انّ صدور هذا التقرير سيحسم الاتجاهات سريعًا، لان عملية شدّ الحبال القائمة حاليًا بين الاطراف المعنية ستقوى وسيرتفع منسوب المراوحة والفراغ في المراحل التي تلي التقرير، والتي قد تستلزم محاكمات واتهامات قد تطول.
وحتى ذلك الوقت، تبدو القيادات اللبنانية، كأنها تعيش في ابراجها الحصينة في ظل تهديدات جدية بعمليات اغتيال، وما زالت الشواهد على ذلك كثيرة، وتشعر هذه الشخصيات بالقلق، بدءًا بالقيادات والرموز ووصولا الى سياسيين في مستويات ادنى من المسؤولية، ويتخوف هؤلاء من احتمالات ان تستهدف الاغتيالات اي مسؤول لأي جهة انتمى في ظل ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات وعلى كل صراعات النفوذ فتفيد اية جهة عابثة من الفلتان في محاولة لقلب الدفّة في البلاد.

اما ابرز الذين تهددهم المخاوف فهو المحقق الدولي نفسه، وبدت منطقة المونتيفردي حيث تقيم اللجنة الدولية تشبه القلعة المحصنة، خصوصًا ان المنطقة حرجية وتتطلب مراقبة امنية خاصة، كما يحيط المحقق الدولي سيره بدقة شديدة، بأسلوب جيمس بوند، وهكذا فعل مثلا عندما عاد من جنيف بعد ظهر الخميس الماضي، فوصل من دون الاعلان عن قدومه في طائرة ركاب عادية، وشوهد يخرج من باب المطار محاطا بأربعة مرافقين، من دون المرور بصالون الشرف، قبل دقائق من نزول الركاب الآخرين. كذلك رئيس مجلس نبيه بري بالكاد يخرج من مقره في عين التينة، فيما يعيش الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اساسًا وسط شبكة حماية محكمة. اما النائب سعد الحريري فسافر بعدما خاض المعركة الانتخابية وسط الأخطار والتهديدات ، فيما يتحصّن النائب وليد جنبلاط في معقله في المختارة ويحيط تنقلاته بحذر شديد منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة.
أما النائب العماد ميشال عون فتحول مقره في الرابية الى ما يشبه "منفى" اختياري، لا يخرج منه الا عندما يذهب الى جلسة الثقة بالحكومة وزيارات لا بدّ منها. كذلك قائد تيار "القوات اللبنانية" سمير جعجع كان خروجه من السجن أشبه بالافلام البوليسية، في وقت تحاط المعلومات عن مكان اقامته المقبل في لبنان بالكتمان الشديد، علما انه لن يعود قبل نهاية ايلول (سبتمبر) على الارجح. وكان رئيس الاستخبارات اللبنانية الاسبق جوني عبده تحدث لـ "إيلاف" عن استهداف شخصيات لبنانية بمحاولات اغتيال ربما تحدث فتنة في البلاد.