100 صحافي وأكثر ينتظرون المجهول بعد إيقاف شمس:
أكبر quot;مذبحة صحافيةquot; في تاريخ الإعلام السعودي

سلطان القحطاني من الرياض: إن مضت وزارة الإعلام السعودية في قرارها القاضي بإغلاق صحيفة quot;شمسquot; مدى الحياة، فإنها بذلك تتسبب في أكبر

إقرأ المزيد:

وقف جريدة سعودية نشرت الرسوم

شمس تتجاوز شهرها الأول

شمس السعودية تقتحم المجال الإعلامي بخطى واثقة

نسخة سعودية شبابية من الصن البريطانية

مذبحة صحافية في تاريخ الإعلام السعودي منذ نصف قرن، إذ يواجه حالياً أكثر من 100 صحافي شاب مصيراً مجهولاً على الرغم من التطمينات التي تصلهم بأن قرار الإيقاف لن يطول، وهو الأمر الذي لا يمكن التثبت منه في غياب شفافية واضحة من جهاز الإعلام الرسمي في المملكة العربية السعودية.

وتم إيقاف صحيفة quot;شمسquot; في إطار تحقيق يتمحور حول قرارها نشر الرسوم التهكمية بحق النبي محمد التي تسببت في الكثير من الغضب في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي، وأسقطت حتى الآن وزيرين في حكومتي ايطاليا وليبيا وعشرات القتلى من أنحاء متفرقة على رقعة العالم الإسلامي، الذي شهد احتجاجات عنيفة لم يسبق لها مثيل، بالرغم من أن quot;الصنquot; السعودية، وهو مسمىquot; شمسquot;، قد نشرت الرسوم إلى جانب مقالات تحث السعوديين لاتخاذ إجراءات شعبية ضد الدنمارك التي نشرت إحدى صحفها الصور لأول مرة، وبعد يومين نشرت فتوى للمفتي العام عبدالعزيز آل الشيخ، وهو أعلى مرجعية دينية في المملكة المحافظة، أباح فيها نشر الرسوم إن كانت بغرض quot;إظهار القبحquot;.

ووفقاً لما تقوله المعلومات المتواترة لـquot;إيلافquot; فإن السبب الرئيس وراء قرار الإيقاف هو قيام نخبة من رجال الدين السعوديين بالضغط على وزير الإعلام السعودي، ورفع شكاوى أخرى لمسؤولين كبار في الحكومة السعودية، مرفقين مع الشكوى ملفاً كاملاً لمختارات من مواضيع الصحيفة السعودية النحيلة التي تتخذ طابعاً جريئاً، معتبرين أن في ذلك خروج على التقاليد الإسلامية المحافظة.

ومنذ بزوغها إلى العلن طرقت quot;شمسquot; أبوابا مغلقة وولجت العديد من المناطق التي لم يكن التطرق إليها مقبولاً قبل أعوام مضت، وهو quot;استغلال حميدquot; للخطوات الإصلاحية التي بدأها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الداعية لحرية تعبير أكثر من ذي قبل بالنسبة للصحف السعودية الثماني، التي رأى مراقبون بأنها تتمتع بهامش حرية كبير للنقد وإيصال المعلومات المحلية للقارئ مهما كان سوئها.

لكن الأمر المحيّر لجميع المهتمين بالإعلام السعودي هو ذلك quot;الانفصام الإداري الخفيquot; داخل أروقة جهاز الإعلام السعودي الرسمي الذي يتابع عن كثب شؤون الإعلام السعودي، إذ كما هو معروف فإن صحيفة quot;شمسquot; لا تعامل مثل الصحف السعودية الرسمية مطلقاً، بل تذهب إلى موظفي جهاز الرقابة الإعلامية التابع لوزارة الإعلام، والذي لا يفصل بينهما سوى شارع نحيل، ومن ثم تتم إجازتها للصدور في اليوم التالي.

وعلى هذا الأساس اعتبر المراقبون أنه طالما أن عدد الصحيفة قد تمت الموافقة على السماح بتوزيعه من قبل جهاز الرقابة السعودي، quot;فكيف يتم معاقبتها على عدد مجاز من قبل أحد أجهزة وزارة الإعلام السعوديةquot;، و quot;من الذي يفترض أن يتحمل عاقبة قرار الفسح؟quot;، وهو قولٌ يتفق معه أكثر من إعلامي تابع الأزمة منذ بدايتها.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يحلق فيها جهاز الرقابة الإعلامية السعودي خارج سرب وزارته، إذ هي عادة شهرية لهذا الجهاز الذي لا يتمتع بأجندة منع واضحة كما يقول متابعون، ففي كل مرة يتضح بأن الرقبة قد أجازت عددا من مجلة أو صحيفة، ويتم فيما بعد معاقبة الصحيفة على الموضوع المنشور رغم أنه مجاز من الرقابة.

وقال معلقون في كلام أمام quot;إيلافquot; أن هذا القرار القاضي بإيقاف صحيفة شمس الذي أصدرته وزارة الإعلام السعودية يناقض إلى حد كبير الخطوات الإصلاحية التي تقوم بها الرياض منذ أكثر من عام، إذ رأوا إن الوزارة أيضاً تحلق خارج السرب الحكومي الداعي إلى إعطاء الإعلام السعودي جرعة أكبر من الحرية، وهو تحليق خارج السرب تماماً كالذي يفعله جهاز الرقابة التابع للوزارة ذاتها.

وتزامن قرار الإيقاف مع زيارة قام بها وزير الإعلام السعودي يوم أمس الأول إلى رئيس عام الهيئات، وهو المنصب الأعلى لإدارة أجهزة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون أن يُعلن عن فحوى الزيارة، وإن كان لها علاقة بقرار الإيقاف، أو الضغوط التي تمارس بحق وزير الإعلام السعودي إياد مدني، الذي يرى مراقبون بأنه يسير في quot;حقل أشواكquot; خلال الفترة الحالية.

والصحيفة التي تعتبر آخر عنقود الإعلام السعودي يحررها نحو 120 صحافياً من الشبان السعوديين الذين يتوقون لتقديم طرح صحافي جديد يليق بالمرحلة الجديدة من القرن الواحد والعشرين، وهو ما عكسه قرار مالكي الصحيفة بأن تصدر على طراز التابلويد الذي يصافح أكف لسعوديين للمرة الثانية في تاريخهم، بعد تلك اللمسة التي قام بها الإعلامي السعودي عثمان العمر قبل نحو عقدين من الزمن بإصدار صحيفة quot;المسائيةquot; على الطراز التابلويدي ذاته.

وترتبط quot;شمسquot; بارتباط وثيق بصحيفة الحياة السعودية وشقيقاتها التي يملكها النجل الأكبر لولي العهد السعودي الأمير خالد بن سلطان، إلى جانب أن أحد مالكيها الكبار هو الأمير تركي بن خالد مهندس نجاحات المنتخب السعودي لكرة القدم إبان توليه منصب مؤثراً في جهاز الرئاسة العامة لرعاية الشباب المخولة بتولي شؤون الرياضة في المملكة العربية السعودية، ألا وهو إدارة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم إلى حين تقدم باستقالته.

وقياساً بما تراه أوساط على علم ببواطن الأمور فإن الصحيفة الشابة استطاعت في وقت قياسي الصعود بأرقام توزيعها لتكون على غير مبعدة من توزيع مؤسسات صحافية عريقة تصدر في السعودية، حيث يصدرُ ثماني صحف رسميّة يوميّة.

وعلاوة ً على أن قرار الإيقاف يمثل إحباطاً كبيراً لقطاع كبير من أهل المهنة الشباب، فإنه يجعل من صدور مشاريع إعلامية مماثلة أمراً مستبعداً في الفترة الحالية، على الأخص أن قرار الإيقاف لم يتحدد له مدة، في الوقت الذي رأى فيه مختصون في الشؤون التوزيعية خلال كلامهم مع quot;إيلافquot; نهار يوم أمس أن قرار الإيقاف إن طال أمده فسيتسبب في quot;نكسة توزيعية للصحيفةquot;، أما إن كان قصيراً فسيكون ذو أثر إيجابي.