طلحة جبريل من الرياض: كان الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي مفيداً وممتعاً . جرى اللقاء مع القصيبي في إطار اللقاءات التي كانت تنظمها وزارة الثقافة والاعلام السعودية كل صباح مع مسؤولين حكوميين قبل أن ينتقل الصحافيون الى فندق انتركونتننتال، حيث تعقد اجتماعات مؤتمر الارهاب.
قال كلاماً مفيداً حول البطالة و"السعودة" وقدم أرقاماً مهمة ... وقال كلاماً ممتعاً مستعملاً لغة انجليزية رشيقة وعربية سلسة، وكان ممتعاً ايضاً بقفشاته.
تحدث احد الصحافيين البريطانيين حول " قتلى الارهاب" في الرياض رد القصيبي : كنت سفيراً في بلادكم ... واظن ان ضحايا الحوادث عندكم عددهم كبير أيضاً" .
سأل صحافي من " بي بي سي" سؤالاً ، اعقبه صحافي آخر من " رويترز " علق القصيبي " بي بي سي" تعتذر لكن لم يحدث أن اعتذرت رويترز " .
اما النقاش الذي اثار انتباهي فعلا فكان مع صحافية سعودية لم تعلن عن إسمها او الوسيلة الاعلامية التي تعمل معها . حين قال القصيبي إن عدد العاملات في الدولة بلغ ربع مليون امرأة ، سألته الصحافية قائلة : على الرغم من ذلك لا تعلنون عن وظائف مهمة ...ليس سوى مربية أطفال أو بائعة تذاكر في مدينة ملاهي " . عقب القصيبي قائلاً " ويقولون إن المرأة السعودية لا صوت لها " .
تطرق الدكتور القصيبي ايضًا لموضوع الانتخابات البلدية التي كانت يومئذ في أوج حملاتها. قال " الشعب مهتم بالانتخابات ...لكن لايمكن أن ننهي كل المشاكل عن طريق الانتخابات " .
بعد انتهاء ندوة الدكتور غازي القصيبي قررت أن أغشى احد خيام المرشحين للانتخابات. وجدت حشداً من الناس ويبدو ان المرشح من الميسورين . ذلك واضح من شكل الخيمة واتساعها.نوعية الحضور . حتى صنف التمور واباريق القهوة المذهبة تدل على أن المرشح من الاغنياء . كان هناك حديث يتقاطع فيه السياسي بالاجتماعي .
لا اعتقد ان هذا المرشح يحتاج ان يقضي مآربه عبر " بلدية الرياض" . أظن أن الفقر له مشاكله والثراء أيضًا له مشاكله. مشاكل الفقر أعرفها . أعرفها جيداً . واعتقد أن من بين مشاكل الثراء ان صاحبه يبحث في بعض الاحيان عن " وجاهة اجتماعية" .
لم أبق طويلاً في تلك " الخيمة الانتخابية" لكنني أعجبت بالفكرة . أقصد فكرة الخيمة.
قال القصيبي في الندوة الصحافية إن مرشحاً لم يكن يملك مالاً ليقيم خيمة ويتكفل بمصاريف ضيافة ناخبين مفترضين، فدعا الناخبين ان يرسلوا زوجاتهم الى زوجته وهي ستتكفل بشرح برنامجه الانتخابي للزوجات ليشرحوه بدورهم لازواجهن .
لا أدري إذا كان هذا المرشح قد فاز .
عدت الى الفندق في انتظار زميلنا " سلطان" لنذهب سويا الى انتركونتننتال . جاء " سلطان" بسيارته. سيارة تحتاج فعلا ان يترشح فيه عضو مجلس بلدي حتى يمكن نظافتها. يقول إنها صنعت في كوريا . اهم ما فيها انها تتحرك . بداخلها كمية من الأكياس البلاستيكية . ركام من الصحف . ملابس . أقلام ودفاتر . بعض الحقائب. أشياء مبعثرة ... وغبار .
عند مدخل الفندق يطلب رجال الأمن من " سلطان" ان يفتح صندوق السيارة . يعجبني أنه لا يهبط من أمام المقود بل يكتفي وبمنتهى الجدية بان يناولهم المفتاح .
ذلك المساء لم نبق كثيراً في مقر المؤتمر . عدنا الى " ماريوت" . كتبنا الحصيلة .
اخذت مجموعة من الصحف السعودية . الصحف المحلية انتعشت انتعاشاً ملحوظاً بسبب الانتخابات البلدية ، صفحات وصفحات من الاعلانات .
رحت اقرأ في تلك الاعلانات لافهم .
ثم ...نمت .

الرياض تبوح ببعض أسرارها (3)

الرياض تبوح ببعض اسرارها (2)

الرياض تبوح ببعض اسرارها (1)