تاج الدين عبد الحق من برلين: أضفى الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي طابعا حميما لزيارته الرسمية لألمانيا، عندما استذكر في كلمة ارتجلها في الحفل الترحيبي الذي اقامه له عمدة برلين كلاوس فوفو رايت في مبنى البلدية ، زياراته العديدة لالمانيا عندما كان طالبا في كمبردج في بريطانيا في أواخر الستينات.

ولم تكن هذه الاشارة الا واحدة من بين إشارات عديدة تشير الى الأجواء الدافئة التي تتسم بها الزيارة والتي تعد أول زيارة رسمية للشيخ محمد بن راشد لألمانيا والتي يرافقه فيها وفد رفيع يضم الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد المكتوم نائب حاكم دبي في أول مهمة له بعد تعيينه في منصبه كنائب لحاكم دبي، كما يضم وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان ، والشيخ أحمد بن سعيد ال مكتوم رئيس دائرة الطيران المدني في دبي والشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد ومحمد عبد الله القرقاوي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وعدد من كبار المسؤولين ورجال الاعمال الإماراتيين .

ومن المقرر أن يبدأ الشيخ محمد بن راشد محادثاته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل غدا الخميس في ثاني لقاء بينهما حيث كان قد التقاها في ابوظبي في السادس من فبراير من العام الماضي. ومع أن العلاقات الثنائية ستطغى على المحادثات بين الجانبين الالماني والاماراتي ، الا أن ألمانيا التي تنظر الى الإمارات كأكبر شريك اقتصادي لها في العالم العربي، والتي تشكل الامارات بالنسبة إليها بوابتها لشبه القارة الهندية ومركزا ماليا تتم من خلاله التدفقات الاستثمارية لمنطقة الخليج ، تتطلع الى تقويم الشيخ محمد بن راشد لعدد من القضايا السياسية الاقليمية ابتداء من الأوضاع في العراق الذي تتشارك الإمارات وألمانيا بمشروع مشترك لتدريب مجموعات من كوادره العسكرية والأمنية ، ومرورا بالتوتر الناجم عن طموحات ايران النووية فضلا عن حالة التصعيد الحالية في قطاع غزة والتي تهدد عملية السلام في الشرق الاوسط .

وثمة قواسم كثيرة بين الجانبين الالماني والاماراتي إزاء تلك القضايا فالمشاركة بتدريب القوات العراقية تعبير عن حرص البلدين على توفير الامكانيات الذاتية للعراقيين لاستعادة السيطرة على الاوضاع الامنية والخروج من دوامة العنف. اما بخصوص الملف النووي الايراني فإن الامارات تشاطر المانيا القلق من اي سباق في المنطقة لامتلاك اسلحة نووية وهي تسعى إلى ايجاد مخرج دبلوماسي لحل هذه المعضلة وذلك تجنبا لأي صراع جديد في المنطقة.

وكان الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم قد استهل زيارته لألمانيا بسلسلة من الأنشطة التي بدأها فور وصوله إلى برلين . فوقع في مبنى البلدية في السجل الذهبي للمدينة خلال حفل أقامته البلدية أثنى خلاله عمدة المدينة على تجربة التنمية في دولة الامارات وعلى الوتيرة السريعة لهذه التجربة . واشار الى انه يأمل بتسيير رحلات جوية مباشرة بين برلين ودولة الامارات لتصبح العاصمة الألمانية خامس مدينة في ألمانيا ترتبط بخط ملاحي مباشر . ومع أن الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم شاطر عمدة برلين هذا الأمل إلا أنه قال إن دولة الإمارات تعتبر هذا الأمر شأنا ألمانيا وانها لن تقوم بتغيير سياسة الأجواء المفتوحة التي تتبعها في التعامل مع شركات الطيران في مختلف أنحاء العالم . وفي وقت لاحق التقى الشيخ محمد بن راشد بأكثر من 300 رجل أعمال ألماني وإماراتي في إطار الملتقى الاقتصادي الذي نظم بمناسبة زيارته لألمانيا . وقد جرى في هذا اللقاء حوار موسع حول افاق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين حيث عرض الجانبان أولويات التعاون بين البلدين وتحدث امام الملتقى الشيخة لبنى القاسمي ووزير المواصلات الالماني الذي كان التقى قبل بدء فعاليات الملتقى الشيخ محمد بن راشد لقاء جانبيا .

وينظر الجانب الالماني الى دولة الإمارات بشكل خاص ومنطقة الخليج باعتبارها بديلا استثماريا في ضوء تقارير تقول إن دولا مثل الصين والهند وبعض دول اوروبا الشرقية قد تشهد اقتصاداتها تراجعا في نسب النمو او اضطرابات في أسواقها المالية .

وحسب تقارير اقتصادية المانية فإن افضل وجهات الاستثمار في العام الحالي هي اسواق المال الخليجية بعد ان ظهر ان الشركات في هذه الاسواق لم تتأثر بأزمة القروض العقارية . وحسب تقارير مراجع اقتصادية فإن نسبة النمو في دول الشرق الأوسط ستصل في المتوسط الى حوالى 6.5 % مقابل 5.7 في عام 2007 .

ويرجع ذلك الى عاملين هما السوق الخليجية المشتركة التي تم اطلاقها رسميا في الاول من يناير الماضي وهي سوق توفر ارضية لاستقطاب استثمارات اكثر للمنطقة .اما العامل الثاني فهو انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية وهي إضافة كبيرة في ضوء أرقام الانتاج المحلي للمملكة والتي تصل الى 375 مليار دولار وسوق مالية تصل قيمتها السوقية الى حوالى 500 مليون دولار . ويرى الخبراء أن دبي التي تطور سوقا مالية عالمية سيكون من بين العوامل الأساسية التي تجعل من المنطقة سوقا مالية اقليمية كبيرة.

وينظر الخبراء الى أوضاع السوق النفطية بكثير من الاطمئنان . وحسب هؤلاء الخبراء فإن اسعار النفط ستتأرجح هذا العام بين 60 و90 دولارا للبرميل اي بمتوسط يصل الى 75 دولارا للبرميل وهو اعلى من المتوسط المسجل في العام الماضي والبالغ 73 دولارا للبرميل . ويشير الخبراء الى ان السياسة المالية لدول الخليج ستبقى متوسعة حتى لو تدنت اسعار النفط الى 25 دولارا للبرميل لان عوائد الاستثمارات في الخارج توفر ايرادات ضخمة كفيلة بإدامة الإنفاق على الخطط التنموية الطموحة التي تنفذها.

إقرأ ايضا

بن راشد يطلق الشراكة بين الإمارات وألمانيا

محمد بن راشد يزور بلدية برلين