من أنهى حلم سوزان تميم... ومن قضى على طموحات يماداييف؟!
على نفسها... جنت الرمال

زيد بنيامين من دبي: من يعلم منّا آخر لحظاته؟!.. فلو كنا نعرفها لما مشينا نحوها كما مشى سليم يماداييف قرابة عصر السبت الماضي في مرآب شقته التي طالما طلب الأمان فيها، بعد أن تحول من بطل في بلاده إلى مجرم مطلوب، يماداييف سمع صوت طلقات النار، ربما في اللحظات التي كان يعيشها بين الدهشة والموت والسقوط، تذكر كم سقط من اناس امام عينيه، وكم منهم اختلطت دماؤهم برمال وطين وثلج وامطار، لتصنع منه تلك الدماء بطلاً لروسيا، وتصنع منه نفسه مجرمًا هاربًا مطلوبًا من وجه من يسكن العاصمة الشيشانية غروزني.

لو كنا نعرف تلك اللحظة، لعرفتها سوزان تميم التي تقدمت نحو الباب لتفتحه امام قاتل سينهي حياتها في لحظات معدودة ربما تساوي او تتجاوز سنين حياتها، وسيغطيها ويتركها تبرد لتكون quot;ضحية جمالهاquot; كما قال والدها معلقًا على ذلك الرحيل.

من يقف وراء قتل يمادييف في دبي؟

شرطة دبي تعتقل روسيا فيما يتعلق باغتيال الشيشاني يامادييف

وقف يمادييف في برد موسكو قبل نحو عقد ونيف قائلاً لزملائه quot;اريد ان اصبح مقاتلاًquot;، ووقف يمادييف نفسه بعد هذا الزمن في دبي قائلاً quot;اريد ان انتقم لمن جردني من كل شيء حتى اخوتيquot; وما بين هذين الزمنين صنع (سليم يمادييف) اسمه باعتباره بطلاً للمعارك الذي لم تنجب الشيشان منه إلا القلائل.

بين درجات الحرارة التي نادرًا ما تصل صعودًا الى الصفر، وبين خرائب غروزني.. وقف يمادييف، يشكر الله لانه انضم الى المقاتلين في افغانستان الذين علموه كيف يحارب ولأن الله ألهمه كيف يخدم في سبيله، بينما كانت سوزان تميم تنظر الى خطواتها وهي تصعد الدرجة الاولى على مسرح سيشهد نجاحها الاول في احدى مسابقات الغناء، في وقت كان والدهايجلس في الخلف يصلي لكي تفشل، فهو لم يعتد ان يرى ابنته التي طالما اشترك في مسابقات الانشاد الديني، تخرج الى عالم نسمع الكثير عنه، فيجعلنا نتمنى عدم رؤيته.

التخفي لم يكن جديدًا على يماداييف، وكذلك على تميم، فلطالما وقف وهو متخفٍّ يشاهد جحافل دبابات موسكو تدخل عاصمة بلاده، quot;اسمي سليم يماداييف، انا من غودورميس، وانحدر من عائلة قوية جدًا في الشيشان، قدت سابقًا قوات (فوتسوك) بوجود نحو 2000 مقاتل، وكان هدفنا قتل المجاهدين، والوهابيين، والشياطين، والحفاظ على السلام في الشيشان، وقد قمنا بعملنا بصورة جيدة تمامًا، لقد قتلت اكثر من مئة شخص خلال حربين في الشيشان، وانا شخصيًا قتلت (ابن العـ.....رة) ابو الوليد، شقيقي رسلان هو نائبي، وشقيقي الثاني هو تزاباريل قتل، وسوف انتقم من قتلته، حلمي كان قتل باساييف، ولكنه مات قبل ان اصل اليه، ولكن لدي الان حلم اخر، هو قتل الوغد رمضان قادروفquot;.. هذه كلمات يماداييف على موقع الـ (MySpace) الخاص به على الانترنت والذي لم يدخله منذ 26 اغسطس 2007.. ولن يدخله الى الابد! .

بحسب المعلومات التي كتبها عن نفسه، فأن يمادييف يصف نفسه بالجندي، ويحب الروك اند رول، ويقول عن افضل افلامه انه يحمل عنوان quot;حياتي عبارة عن فيلمquot; وباعتقادي انه يتهكم على حياته، وعن البرنامج التلفزيوني المفضل لديه فهو (بريغادا) والابطال هو شقيقه (تزاباريل). هو متزوج، مدينته غودرميس، رياضي، مسلم، لا يدخن ولا يشرب الكحول، وهو والد فخور، وقائد جيش. ولديه في شبكته ستة اصدقاء فقط، اثنان منهم يعلقون ويهنئونه بعيد ميلاده، دون ان نجد ردًا منه.

اما سوزان فقد ولدت في سبتمبر 1977 في جنوب لبنان في بيئة محافظة يتحدث عنها والدها في مقابلة مع abc News بالقول quot;كانت تعيش تحت مراقبتي حينما كانت صغيرةquot; بحسب والدها عبد الستار تميم، quot;واندم في بعض اللحظات على القيام بحمايتها بصورة اكثر من المطلوب بينما كانت تكبر اماميquot;.

بسبب هذه الطريقة في النشأة، اصبحت سوزان تميم اكثر ثقة في الناس الذين تصادفهم من اللقاء الاول، وخصوصاً الرجال، حيث ستتعلق بسرعة باحد زملائها في الجامعة (علي مزنر) وستقرر الزواج به، ربما ودون ان تعلم هي نفسها، لكي تخرج من سطوة ابيها الذي لم يكن ليسمح لها بالمشاركة في مسابقات الاغاني التي كانت قد هوتها بعد ان استحسنت تصفيق الناس. اصبحت اغنياتها ماركة مسجلة حينما كانت تؤديها امام المشاهدين في برنامج (استوديو الفن)، والذي يعتبر نسخة لبنانية مبتكرة من العديد من برامج المسابقات الغنائية التي تقدم اليوم، بينما كان والدها يخاف عليها من عالم الموسيقى وما يدور حوله وفيه quot;كانت جميلة وصاحبة صوت رائع، لم ارد لها السير على هذا الطريق، كنت اريد لها افضل تعليم، والزواج، والعيش بصورة طبيعية بين عائلتهاquot;.

ما يريده الاباء، ليس دائمًا ما يريده الابناء، كان الزواج هو الطريق الوحيد للتحرر، وذلك للوصول الى اداء اغانيها وعيش حياتها بالصورة التي تريدها بين (فلاشات) المصورين وتوقيعات المعجبين، ولاجل ذلك تركت منزل عائلتها ودراستها وبدأ مزنر يدير اعمالها، وسط علاقة لطالما كانت عامرة بالمتاعب وعدم الاستقرار، حيث بدأ الزوج يحاول السيطرة اكثر فأكثر على تحركاتها.

بدأت تلك المشاكل تتسلل الى الخارج حيث وصلت الى عائلتها، لتنطلق الحرب الشعواء بين تلك العائلة وعائلة العريس وتتصاعد الوتيرة بعد ان رفض تطليقها، لسبب يتحدث خليل تميم شقيقها عنه بالقول quot;بالنسبة له كانت سوزان تميم عبارة عن صفقة، يجب ان يحتفظ بها حتى النهايةquot;.. كان ذلك بعد فترة وجيزة من حصولها على لقب استوديو الفن عام 1996.

في هذه الاجواء بالتحديد .. كان الرئيس بوريس يلتسن يضع توقيعه على نهاية اولى حروب روسيا في الشيشان .. فقد املت روسيا ان تكون قد كسبت هذه الحرب، كما كان شأنها خلال 1870 حينما قاد بطرس العظيم حربه واخضع المنطقة له، ونجح جوزيف ستالين فيما بعد في اعطاء الحكم الذاتي لسكان المنطقة من اجل اسكاتهم، فيما نقل الملايين منهم الى اجزاء اخرى من روسيا على مر الحكم الشيوعي من اجل التخلص من القلاقل، قبل ان يقبل نيكيتا خروتشوف بعودتهم الى المناطق التي اخذوا منها من جديد.

وحدة فوستوك العسكرية

في 6 أيلول/سبتمبر 1991 اعلن الاستقلال الرسمي لجمهورية الشيشان بينما كان المسؤولون التابعون لحكومة روسيا يحاولون الهرب من المنطقة خوفاً من الانتقام، لكن سرعان ما ارسل يلتسن قواته الى غروزني من اجل ايصال رسالة واضحة، وهي ان ما يجري مع الدول السوفيتية المستقلة لن يكرر في هذه المنطقة، لكن سرعان ما فلتت الامور من السيطرة في 11 كانون الأول/ديسمبر 1994، حيث دخلت القوات الروسية، وبدأت الحرب، وكانت عائلة يمادييف على موعد مع تحقيق البطولات فيها، انها احدى العائلات الكبرى في الشيشان سلطة ومالاً.

على مدى عامين قاتل يماداييف الى جانب الانفصاليين الشيشان مع رجاله اللذين عرفوا بين السكان المحليين بـ (الييماديفيين) ، حيث اعتبر الذراع اليمنى للقائد الشيشاني شامل باساييف الذي تصدر مطلوبي روسيا في العالم وكان يضحك كثيراً حينما يسمع تلك الكلمات قبل ان يعود ويصف الروس بالخنازير مستعيناً بفلسفته quot;سابصق على كل العالم، اذا كان العالم كله يبصق عليّquot;، وكان العالم فعلاً غاضباً عليه خصوصًا بعد مجزرة مدرسة بيسلان عام 2004، وقتها كان يمادييف بعيداً عنه.

لقد قرر يماداييف الابتعاد عن الخط الاسلامي المتشدد، وتحول الى قائد يقود اقلية من الجنود، الا انه نجح فيما بعد في ان يتحول الى حركة لها ثقلها، ويقول منتقدوه ان الاموال كانت وراء تحقيق قوته هذه، لكن روسيا هي التي كسبت في النهاية، وبحلول عام 1999 كان ميزان القوى قد تحول تمامًا لصالح موسكو.. ومن اجل تحقيق سمعة مخيفة في الحروب قرر (اليمادايفيون) قطع رؤوس ضحاياهم لدى قتل اي منهم في المعارك، بينما كان يماداييف يؤكد انه يعاملهم برفق.

في منزله في روسيا

في هذه الفترة بالذات، وجدت سوزان تميم نفسها في مأزق اخر، فخطتها في الهروب من مزنر الى اهلها لم تفلح، فقررت الهروب وراء رجل اخر هو عادل معتوق، منتج اغانٍ معروف في لبنان حيث سيحملها الى احد معارفه لينهي علاقتها بمزنر، ولكنها وجدت نفسها بعد سنوات حبيسة عادل معتوق نفسه. كانت سنوات سوزان الاولى مع معتوق ناجحة، حيث هربا معاً الى باريس لتغني في (Lrsquo;Oscar Elysee) ومن خلال هذه المنصة بدأت تسجيل اغنياتها من اجل التواصل مع الجمهور الذي حققته عبر (استوديو الفن)، ولكن الامور لن تجري بصورة طيبة، حينما ستتحول الرغبة في امتلاك تميم الى هوس لدى معتوق، وهنا قررت تركه وتقول عائلتها انها تطلقت منه بينما ينفي هو ذلك.

بحلول العام 2003 بدأت اخبار تميم ومعتوق تتصدر عناوين الصحف، وكذلك الحال مع يمادييف، حيث تسرب تقرير روسي رسمي يتهم احمد قادروف رئيس الشيشان بالقيام باعمال تطهير في بلاده من اجل الوصول الى كرسي الرئاسة، كان واضحاً ان الكرملين يختار رؤساء الشيشان من بين يكون الاقسى في قادة المجموعات العسكرية، وكانت الذراع العسكرية لقادروف (الاب) في هذا التطهير هي (سليم يمادييف). كان احمد قادروف قد وصل الى السلطة بتعيين من موسكو في يونيو 2000، وجرت اعادة انتخابه في الخامس من اكتوبر/تشرين الأولمن قبل الشعب الشيشاني دون ان يكون هناك منافس واحد يقف في وجهه.

في هذه الفترة وصل عدد العسكريين الذين في امرة يمادييف الى 10 الاف شخص، وهو امر ينفيه هو بماذكره على موقعه على الانترنت حيث يبدو ان اقصى عدد كانت تحت امرته وصل الى الفي شخص في جميع حروبه، لكن ارقام وزارة الداخلية الروسية في تلك الفترة تخالف ارقامه. quot;وصلت قوات تحت امرة يمادييف كان مهمتها اخذ الاموال من المزارعين والصناعيين والمكاتب الحكومية والسواق وملاك عربات توزيع النفط، كان واضحاً ان يمادييف قد اصبح دولة داخل الدولة، واصبحت قوته اكثر استقلالاً من قبلquot; بحسب الكولونيل زيهيزين كاتب التقرير الذي تسرب من الداخلية الروسية، وهذا ما يعني ان الكرملين كان واعياً لما يحدث في غروزني.

quot;كان معنى الحياة بالنسبة للشعب في الشيشان يتوقف على اربعة اسماء هي، قادروف، يمادييف، باساييف، غيلاييف، لكل منهم حماية يصل عددها الى 20 شخصاً يؤثرون على حياة المئات بل الالف من الرجال، ولكل منهم جيشهquot; بحسب نفس التقرير، ولم يشبع هولاء من حكمهم في الشيشان، فقرروا ان يمدو اياديهم الى جمهورية انغوشيا المجاورة وكان من الممكن ان ينتشروا الى باقي شمال القوقاز. في 2003، سيتلقى سليم اقسى خبر في حياته حينما سيقتل من يصفه (ببطله) وهو شقيقه دزاهباريل في انفجار قنبلة، بينما كان هو يستعد لتلقي ميدالية من وزارة الدفاع الروسية باعتباره بطلاً روسياً وهي اعلى جائزة في بلاده.

المحكمة تستأنف نظر قضية قتل سوزان تميم يوم غدٍ الأحد

إيلاف ترصد وقائع محاكمة المتهمين في قضية مقتل سوزان تميم

وفي خلال خمس سنوات تنحصر بين 1999 و 2003 كانت الامور قد تغيرت كثيراً، فبعد ان كان يمادييف معادياً للروس، اكتشف حلاوتهم وحلاوة اموالهم، وقرر ان يصطف الى جانبهم ويحول ولاء مدينة غودورميس التي ولد ونشأ فيها اليهم، واصبح قوة منفردة، هذه الفترة ذاتها التي شهدت تطورات كبيرة في حياة سوزان تميم، فبينما كان يمادييف يحاول الوصول الى دول خارج الشيشان، وجدت تميم نفسها وهي تصل إلىالولايات المتحدة من اجل اقامة عدد من الحفلات الغنائية هناك، امام قضية رفعها معتوق من اجل ان تعود الى لبنان. اتهم معتوق تميم بانها غادرت البلاد دون موافقة زوجها، وهو ما يعني انها خرقت قوانين البلاد، كان من الواضح انها لن تعود الى بلدها من جديد، وسيبدأ الفصل الأكثر إثارة للجدل في حياتها.

في عام 2006 اتهم معتوق زوجته بسرقة 350 الف دولار وقد تم اعتقالها من قبل الإنتربول في القاهرة، قبل ان يتم اطلاق سراحها في غضون ساعات، كان واضحًا ان حياتها المضطربة لن تسمح لها بإكمال مشوارها الموسيقي، ففي مصر لم يسمح لها معتوق بالغناء وحاول عدة مرات فرض حظر عليها، باعتبار ان لديه عقد احتكار مع شركته (الشركة العربية الأوروبية للتسجيلات الموسيقية).

وإثناء إقامتها في القاهرة، قام احد المسؤولين الإعلاميين بتعريفها على هشام طلعت مصطفى في فندق الفور سيزونز، مصطفى هو رجل اعمال مصري يستثمر بشكل اساسي في العقارات ويقول والدها عبد الستار عن كواليس ذلك اللقاء quot;احدهم اعطاؤها رقم هشام طلعت مصطفى، وقال لها إنها اذا كانت بحاجة إلى أي شيء في القاهرة، يمكنها الإتصال به، كان عليها الذهاب إلى معتوق من اجل التخلص من مزنر، ومن ثم إلى مصطفى من اجل التخلص من معتوقquot;.

في احدى اللقاءات مع جو رعد الذي يصف نفسه باحد اصدقائها، وهو مصفف شعر معروف في المنطقة، يقول انه سافر الى القاهرة للقائها، وقالت له تميم ان مصطفى سيساعدها في انهاء مشاكلها مع معتوق quot;قابلته شخصيًا، واعتقدت انه الشخص الذي سينتشلها من كل مشاكلها، ولهذا انتقلت الى معسكر طلعتquot;. بدأت تميم رحلة جديدة في القاهرة الى جانب شقيقها خليل الذي درس في الجامعة الاميركية هناك، وقد بدأت بتصوير اغانيها، مع اختلاف كامل طرأ على شخصيتها quot;تغيرت تمامًا حينما بدأت حياتها مع مصطفى، بدأت ملابسها تكون محافظة اكثر، كما هو حالها في جميع الفيديو كليب الخاصة بها في تلك الفترةquot;.

يقول رعد أن تميم اصبحت تصلي اكثر من اي وقت مضى، لتعود الى الفترة الصبا التي شهدت قيامها بالحج الى مكة مرتين، واخبرت تميم العديد من اصدقائها انها اصبحت بمعية شخص بالغ الاهمية، وان علاقتهما كانت quot;بالحلالquot;. لا يعرف ان كان هناك زواج بالفعل تم بين هشام طلعت وسوزان تميم، ولكن هناك من يقول ان زواجًا عرفيًا قد جمع الاثنين، لكن سرعان ما تحولت الامور كما يبدو وكما يقول صديقها جو رعد، حيث بدأت تستعين بحراس شخصيين لحمايتها quot;من خلال تصرفاته استطيع القول انه لم يكن غيورًا فقط، بل اكثر من ذلك، كما يحب الامتلاك، ولكنه كريم في الوقت نفسهquot;.

وعلى الرغم من عيشها في منطقة الدقي القاهرية وسط حماية كبيرة، قررت تميم السفر الى لندن بحلول منتصف عام 2006، وهي الفترة التي اخذت فيها صور تجمع بين يمادييف وصديقه رمضان قادروف رئيس الشيشان والذي عينته روسيا خلفاً لوالده المقتول في عام 2004 مستفيدة من قيامه بانشاء قوات خاصة له في عهده والده، ليتحول محب الملاكمة وصديق الملاكم الاميركي الشهير مايك تايسون الى رئيس للوزراء ومن ثم الى رئيس للبلاد وسط معارضة قادة الحرب الشيشانية الآخرين.

شقيقه الراحل في 5 مارس 2003

وباعتباره يقود ميليشيا، كان التصادم وارداً بين يمادييف وميلشياته، وميليشيا رمضان قادروف ابن الرئيس من اجل السيطرة على بعض المناطق في البلاد، والتأكيد على من منهما اجدر بحكم البلاد، كانت الفلسفة الروسية في التعامل مع سكان هذه المنطقة تكمن في اختيار اقوى زعيم ميليشيا فيها وتسليمه البلاد من اجل ان تبقى القوات الروسية بعيدة عن الشيشان، وان تستعين بقوات موالية لها من ابناء هذا البلد وتعرف خباياه وطرق جباله الوعرة.

إختارت روسيا رمضان قادروف رئيسًا للشيشان في فبراير/شباط 2007 بأمر من رجل روسيا القوي فلاديمير بوتين، وقف سليم يمادييف يقول في تلك اللحظة التاريخية quot;الحرب لم تنتهِquot;... كان يماداييف يوصف وقتها بثاني اقوى رجل في الشيشان بعد قادروف quot;الحرب بعيدة عن النهاية، ما نعيشه اليوم هو المعنى الكلاسيكي للحرب، وهذا سيستمر نحو عامين او ثلاثة او ربما خمسة اعوام قادمة.

في هذه الفترة استقرت سوزان تميم في العاصمة البريطانية لندن، محافظة على سياستها في الاستعانة برجال حماية، وكان الرجل الابرز فيهم هو البريطاني من اصل عراقي رياض العزاوي الذي يهوى الملاكمة كرمضان قادروف، وبدأ الثنائي يتلقى العديد من التهديدات من هشام طلعت مصطفى الذي عبر عن غضبه من قيام تميم بترك مصر ويقول العزاوي في تصريحات نقلتها الصنداي تايمز quot;قالت لي سوزان انه اتصل بها وعرض عليها 50 مليون دولار ان تركتني وذهبت للزواج به، وقال لها ان رفضت العرض فسيقتلهاquot; .. واصبح العزاوي يتلقى الاتصالات ايضاً.

في بداية 2008 اشترى الثنائي شقة في ابراج الرمال بصورة مشتركة كما يقول العزاوي، بينما اختفى سليم يمادييف في موسكو وقد اعتزم الحصول على السلطة بأي ثمن. حينما مد الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي يده نحو طاقيته ليهم بالخروج في الثامن والعشرين من يوليو والوصول الى ابراج الرمال 1 في منطقة الجميرا بيتش بدبي، لمتابعة الجريمة على الواقع كما هو دائماً، كان الصراع على الحكم في الشيشان قد وصل الى قمته، بل دخل نفق التصفيات الجسدية.

كانت قوات فوتسوك التي يقودها يماداييف قد منعت الرئيس الشيشاني رمضان قادروف وحرسه من المرور ، حيث بدأ اطلاق النار في كل الاتجاهات، وحينما توقف الرصاص، كان نحو 18 جنديًا قد خسروا حياتهم، كان واضحًا ان الصورة التي ستجمع بين قادروف ويماداييف لن تتكرر من جديد. اتخذت خطوة يماداييف هذه، في اعقاب حرب اعلامية شرسة شنت عليه وعلى قواته وعلى اشقائه منذ بداية العام الماضي، حيث كان موقع الحكومة الشيشانية الالكتروني قد بث اخبارًا تلقي بالتهمة القيام بجرائم على (قوات فوتسوك)، بضمنها الخطفوالقتل والتعذيب، بينما نقل عن ماغومد خانبايف نائب رئيس البرلمان الشيشاني قوله في اشارة ليماداييف quot;هناك جنود عاديون في تلك القوات، ولكن اغلبهم يتناولون الحشيش والهرويين، ويقومون بالقتل والخطف، وهذا ما يعني تحدياً لتقاليدناquot; ، فيما وصف الرئيس قادروف اشقاء يماداييف بـ quot;المجرمين، ويجب اعدامهمquot;.

لم يعد الاختفاء في موسكو امناً بعد هذه الحرب الاعلامية الشعواء، فإن لم يقتل من مناصري رمضان قادروف، سيقتل على يد المطالبين بدمائه من اهل ضحاياه، وستكون الامارة الامنة (دبي) خياراً للابتعاد عن الخطر. في تلك الامارة وبعد خمس ساعات من مقتلها، توصل الفريق ضاحي وفريقه الى قاتل سوزان تميم من خلال الصور التي التقطتها الكاميرات الموجودة في الموقع، وبينما كان الحديث في بيروت يدور حول مقتلها، قررت رحاب ظاهر بعد ثلاث ساعات من الانتظار نشر خبر رحيل سوزان تميم في موقع ايلاف الالكتروني، وهي تتذكر تلك اللحظات بالقول quot;كان عندي مصدر قوي وثقة، وكل خبر يقوله لي اؤمن بصحته، اتصل بي الساعة السابعة والنصف صباحاً وقال بالحرف قومي اكتبي ذبحوا سوزان تميم بدبي، وقد فضلت التروي في البداية، وانتظرت حتى العاشرة، وكتبت بحذر حيث انزلت على الموقع اولاً موضوعاً عن وفاة سوزان تميم وبعد عشر دقائق غيرته الى مقتل سوزان تميم ، وقد نقل الخبر لمصدري كوافير كان في دبيquot;.

كان محسن السكري هو من يقف وراء الجريمة، وهو ضابط مصري سابق، وتقول السلطات المصرية انه اثناء سجنه اعترف بقتل سوزان تميم وان القتل تم بناء على طلب من هشام طلعت مصطفى، مقابل ان يدفع الاخير له مبلغ مليوني دولار، ليتم اعتقال عضو البرلمان ورجل الاعمال المصري في الحال. بدأت الصحف المصرية الرسمية تتحدث عن انه ليس هناك في مصر من هو فوق القانون، بينما تحدثت الصحف الشيشانية والروسية عن البطل سليم يمادييف الذي اضحى مجرماً مطلوباً للعدالة لقيامه بقتل رجل اعمال روسي، واصبح تاريخه الاجرامي يذكر علنًا في الصحف الروسية، تحول البطل الى جزار كان يقطع رؤوس ضحاياه ويعلقها في شوارع غودورميس لتكون عبرة للجميع.

في منتصف اغسطس 2008 اعلنت السلطات ايقاف البحث عن يمادييف وانه قد تم ابعاده من رئاسة وحدته العسكرية، وقالت السلطات الشيشانية انه يختفي في موسكو، وان ايقاف البحث تم بناء على اتفاق جرى بين يمادييف وقادروف. بعد فترة كان واضحاً ان السلطات الروسية اوقفت البحث عن يمادييف لان الاخير خدمها بالمشاركة في القتال الدائر بين روسيا وجورجيا على اوسيتيا الجنوبية، وقد رافقه اثناء هذه المعارك مراسل صحفي تنقل معاه في العديد من المواقع، وقد اعطي فيما بعد حرية المغادرة بعيداً عن موسكو نظير خدماته.

في كانون الأول/ديسمبر 2008 سيصل يمادييف الى دبي مكتفياً ولو لفترة بلقب المتقاعد الذي اطلقته السلطات الروسية عليها، بينما يستعد هو لمعركته القادمة، والتي لم تكن للسلطة هذه المرة، بل للانتقام لدماء اشقائه، لكن عاجلته الرصاصات في وضح النهار في 28 مارس 2009 لتنهي حياته ويسقط صريعاً وابعد ما يكون عن تحقيق اي من احلامه، كما لم تحقق سوزان تميم حلمها بالاستقلال والعودة الى الغناء، وسقطت ضحية لهذا الحلم حيث تعدد الرجال والولاءات قادتهم الى الرمال، التي كتبت نهاية مأسوية لحياتهم.. يُنتظر ان يكشف طلاسمها ضاحي خلفان تميم وخميس مطر المزينة اهم رجلين في شرطة دبي.