محمد حميدة من القاهرة: شهد الأسبوع الماضي حوارين في غاية الأهمية ربما مختلفان , لكن جمعهما عامل مشترك واحد . الاول كان حوار جمال مبارك نجل الرئيس مبارك وامين لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم على الانترنت والثاني كان حوار الرئيس مبارك مع النجم الاعلامي الاميركي اللامع تشارلي روز في واشنطن . ورغم اختلاف شخصية بطل الحوارين , إلا ان كليهما لم يخلوا من سؤال quot;التوريث و مستقبل منصب الرئاسة في البلاد quot;, وكان هناك إلحاح شديد من جانب الطرف الثاني في الحوارين سواء الشباب ام جمال او المذيع أمام الرئيس . وعلى الرغم من ان quot;التوريث quot; غاب عن حوار جمال مبارك على الانترنت quot;حوار مفتوح لشباب مصر مع جمال مبارك.. دعوة للمشاركة والحوارquot;, إلا ان ذلك كان بتجاهل من جمال مبارك للإجابة على هذا السؤال , حسبما اكد عدد من النشطاء لquot;إيلافquot; , وقالت الناشطة إسراء عبد الفتاح صاحبة دعوة إضراب 6 ابريل quot; أسئلتنا لم يرد عليها جمال quot;, مشيرة الى انه اكتشفت بعد الدعاية للحوار بأنهquot; لم يكن مفتوحا وإنما مغلقا على سيناريو مرسوم من قبل، ولم يكن لشباب مصر وإنما لشباب الحزب الوطني فقطquot;.

لكن التوريث كان حاضرا بقوة في حوار الرئيس مبارك مع تشارلي روز وبدا ثمة إلحاح من جانب الأخير على هذا السؤال . وعلى الرغم ان الرئيس مبارك أجاب بدبلوماسية شديدة ولم يعط في إجابتهأي إشارة الى موضوع الخلافة قائلا , انه لا يشغل باله في الفترة الحالية من سيخلفه، وأن تفكيره منصب حاليا على إنجاز برنامجه الانتخابي الذي وعد به عام 2005، وتجاهل الرئيس الإجابة عما إذا كانت هذه الفترة التي تنتهي بعد أقل من عام ونصف هي الفترة الأخيرة في ولايته، مؤكدا أنه لا يفكر فيما إذا كان سيجدد أو لا يجدد , الا ان المذيع واصل إلحاحه في قضية التوريث , بيد ان الرئيس أكد انه ليس له دور في خلافة جمال. وقال إن الشعب هو الذي سيختار الشخص الذي يثق فيه. وأنه لم يناقش هذه المسألة أبداً مع نجله، الذي بدا عازفا عن السياسة وعن الانضمام للحزب الوطني في مستهل حياته العملية حين اشتغل في بنك لندن. وإضافة إلى حواره سافر جمال مبارك ضمن الوفد المرافق للرئيس في زيارته الى واشنطن على الرغم من ان الزيارة كانت تنفيذية وليس حزبية , وهو ما اوحى للمتابعين والمحللين السياسيين ان quot;هناك شيئا يجري إعداده في الكواليس . quot;الحدثان رغم اختلافهما يجمع بينهما بعض من المعاني الخطرة التي توضح أن ثمة شيئا كبير يجري الإعداد له الآن في كواليس الحكم في مصر يرتبط مباشرة بمستقبل منصب الرئاسة quot; , بحسب رأي الباحث والكاتب السياسي البارز ضياء رشوان .

ومن جانبه يرى الكاتب الصحفي الكبير سلامة احمد سلامة أنها ليست المرة الأولى التي يوجه فيها هذا السؤال بمثل هذا الإلحاح للرئيس وأن ينفي مجرد التفكير في ترشيح جمال للرئاسة، فقد كرر تأكيده هذا عدة مرات وفي مناسبات وبصيغ مختلفة ليظل هذا السؤال الوحيد الذي احتفظ به الرئيس لنفسه، ولم يقدم إجابة شافية له. وquot;هكذا تظل الإجابة عن سؤال التوريث أو التجديد ومستقبل الحياة السياسية في مصر، خارج الحساب والجواب.. حيث لن تتحدد الإجابة عن هذا السؤال إلا في مصر، مهما بدت الحاجة إلى الإعلام الأميركي لإكمال الصورة quot;. وليست قضية التوريث وحدها بل حل مجلس الشعب، ودور جمال مبارك في السياسة الداخلية. ووصول الإسلاميين إلى الحكم والعلاقة مع الإخوان المسلمين، كلها بالفعل مسائل شائكة ولدت قدرا من عدم الاستقرار، ولا توجد إجابات واضحة عنها أو حتى لفهمها.

واعتبر سياسيون ما جاء على لسان الرئيس مبارك للمقدم حول هذا السؤال quot;مجرد كلام سياسي لم يوضح موقف الرئيس صراحة من تولي نجله السلطة في مصر من عدمه، كما لم ينف أيضا ترشيح نجله للرئاسة وهو ما يزيد من غموض الوضع السياسي ومستقبل البلاد خلال الفترة المقبلةquot; بحسب قول السيد جمال الباحث في الشؤون السياسية، الذي استغرب في الوقت نفسه لإيلاف سفر جمال مبارك الى واشنطن مع والده حيث إنه ليس وضعا رسميا ضمن الوفد وربط بين حواره على الانترنت وسفره الى واشنطن وان يكون ذلك بهدف الترويج له وتقديمه كشخصية مرغوب فيها من الشباب.

الرأي نفسه أعرب عنه الباحث والكاتب السياسي ضياء رشوان قائلا إن تاريخ الزيارات الرئاسية للولايات المتحدة في عهد الرئيس مبارك لم يرافقه في أي منها سوى كبار المسؤولين في الدولة وبعض من رجال الأعمال والإعلام ولم يسبق أن اصطحبه أي مسؤول حزبي لا يملك سوى هذه الصفة كما حدث في الزيارة الفائتة مع نجله . وتساءل: لماذا جمال دون غيره رغم أنه يأتي في التسلسل الحزبي في الموقع الرابع بعد الأمين العام السيد صفوت الشريف وأمينين مساعدين آخرين هما الدكتوران زكريا عزمى ومفيد شهاب؟.

وأشار ضياء رشون إلى ان توقيت حوار جمال وطبيعته يبدوان مقصودين تماما ممن خططوا له، حيث تم بالوسيلة الإلكترونية نفسها التي لعبت دورا مركزيا في نجاح حملة الرئيس الأميركي باراك أوباما وقبل أيام قليلة من وصول أمين السياسات إلى الولايات المتحدة، ليتم تقديمه إلى نخبة صنع القرار هناك باعتباره الأكثر عصرية وحداثة وفي الوقت نفسه قدرة على التواصل مع المصريين، ومن ثم فهو المرشح الأكثر شعبية وفرصة لتولي رئاسة البلاد بعد والده والأقدر على رعاية العلاقات المصرية الأميركية الحميمة.