باسنت موسى ndash; القاهرة: الأمراض لا تصيب أجسامنا فقط بل نفوسنا أيضًا وسلوكنا، فتحول دون أن نحقق التفاعل الإيجابي مع الآخرين وتكمن شجاعتنا الحقيقية في مواجهة أنفسنا للتعرف إلى ضعفها والاعتراف بها، والسعي نحو التغيير. فالجريء الحقيقي هو من يواجه نفسه، وفي لحظة صدق وجرأة معًا لكشف الذات كان لإيلاف هذا التحقيق مع الشباب المصري.
عمرو 23 عامًا يقول: لا أتقبل النقد من الآخرين أيًا كانت درجة قربهم، وبالتالي فأنا غير قادر على تغيير ما يشوب سلوكي من عيوب والتي تجعلني في كثير من الأحيان أفقد أصدقائي نتيجة حدة طبعي كالغضب والعصبية الزائدة، كما أنني أحب الاختلاط وأن يكون لي أكثر من فتاة صديقة أو حبيبة لا أهتم بالمسميات مما جعلني أفقد الفتاة التي أحببتها بصدق وذلك لأنها رأت أن ذلك عيب جوهري في شخصيتي.
نورا 22 عامًا تختلف مع عمرو في وجهه نظره، وذلك لأنها لا تشك في صدق ومحبة أصدقائها المقربين لها، لذلك تتقبل منهم أي ملاحظة يبدونها على سلوكها، المشكلة تأتي لدى نورا بعد ذلك حيث أنها لا تمتلك الإرادة للتغيير، فمثلاً هي تعاني من سوء الظن وعدم القدرة على الثقة في الغرباء سريعًا، وعلى الرغم من إدراكها لخطورة تلك العيوب بشخصيتها إلا أنها لم تحقق أي تقدم يذكر في التغيير، مما جعلها غير قادرة على إنشاء صداقات وشبكة علاقات جديدة لاكتفائها بأصدقائها الحاليين الذين بدأ عددهم في التناقص لظروف الحياة والعمل.
التفاؤل والتحدي بدأ على ريموندا 20 عامًا وهي تتحدث لنا موضحة أن الفرد لا يمكنه أن يكتشف عيوبه ويصلحها دون مساندة الآخرين له، فالآخر برأيها هو المرآة الصادقة لمن يرغب في رؤية ذاته بعيوبها ومميزاتها ليقرر بعد تلك الرؤية هل سيتعامل مع عيوبه بإيجابية أم سيكتفي بمجرد بمعرفتها؟،لريموندا تجربة حياتية أثبتت لها صدق رؤيتها حيث أنها كانت تعاني من الأنانية المفرطة بطريقة جعلت حتى أخواتها يشعرون تجاهها بالنفور وبعد إدراكها للسلبيات التي سوف تطرأ على حياتها نتيجة لذلك العيب بدأت تتخذ خطوات فعليه في جعل شخصيتها أكثر عطاء وبذل وبمساعدة أصدقائها وأخوتها تخطت السقوط في بئر الأنانية المظلم.

وائل 27 عامًا يقول: التنشئة الخاطئة قد تكسب الفرد سلوكيات خاطئة يطلق عليها العيوب وهذا ما حدث بالفعل معي فنشأتي كانت في صعيد مصر حيث التحفظ الذي يقترب منquot; الانغلاقquot; وعندما جئت للدراسة في القاهرة أصابتني حالة quot; هوسquot; بالفتيات وأصبح من أكبر عيوبي الاختلاط غير الواعي ولكن مع مرور الوقت وبمساعدة زملائي أصبحت واعياً لحدود العلاقات مع الجنس الأخر.
لعيوب الشخصية أنواع كما يرى إميل 25 عامًا فهناك عيوب جوهرية ينبغي التعامل معها بحزم وهناك عيوب أخرى تزول بزوال الأسباب المؤدية لها، كأن يكتسب الفرد نتيجة تدني الفرص الحقيقة للنجاح صفات كالتملق والنفاق، نطاق معارف إميل يدفعه دومًا للتغيير للأفضل لذلك هو يهتم بأن يستمع للآخرين ليطور من شخصيته وبالتالي تحسين سلوكياته.
سعيد 24 عامًا يقول: الإنسان دائمًا بحاجة إلى من يرشده ويوجهه لتقويم سلوكه، فحب الإنسان لذاته قد يجعله يشعر بأنه أفضل الجميع، وبالتالي لا يتقبل أي نقد أو توجيه من أحد وحتى لو قبل هذا التوجيه يذهب أدارج الرياح، من عيوبي الماضية حب الظهور وأن أكون دائمًا مركز الاهتمام وكان هذا نتيجة لضيق حجم علاقاتي بحيث كنت لا أرى سوى نفسي، ولكن مع إرادتي وإدراكي لضرورة التغيير تمكنت من إعادة ترتيب أفكاري، وبالنهاية الفرد لا يمكنه النجاح والاستمرار بمفرده بل هو دائمًا بحاجة إلى الآخرين.
التقينا بالأستاذة الدكتورة كلير فهيم استشاري الطب النفسي فأجابت على تساؤلاتنا قائلة: تصرفات وسلوكيات الفرد التي تسيء إلى الآخرين وتعوق اتصاله بهم نطلق عليها عيوبًا، وقد تكون تلك العيوب سببها التنشئة غير السوية، فانعدام الحب والتفاهم داخل الأسرة يخلقان لدى الفرد انحرافات في صورة سلوكيات غير مرغوبة، وأشهر الأمثلة على ذلك نشأة الفرد في أسرة تسودها العصبية والعناد بالطبع سيكون حاد الطباع لا يهتم بالآخرين يسيء إليهم بالألفاظ أو الأفعال، كما أن النشأة المنغلقة قد تجعل الفرد فيما بعد غير قادر على التفاعل معالمجتمع، فالمنطوي لا يقدم مساعدة للآخرين .

الإنسان السوي هو الذي يقيم سلوكياته من فترة لأخرى ويواجه خبايا نفسه بنقد بناء وليس جلد للذات ليرسم لنفسه خطوات محددة للاتجاة نحو الأفضل وذلك يحتاج منه إلى وعي وقراءة مستمرة واستشارة من هم أكثر خبرة، والأسرة لها دور كبير في مساعدة أبنائها على التخلص من سلوكياتهم غير المرغوبة وذلك بتوفير القدوة الصالحة لهم وتشجيعهم على التغيير فقد يكون الفرد لديه الرغبة في تطوير وتغيير سلوكياته ولا يجد مساعدة من الآخرين فيصاب بالإحباط واللامبالاة خاصة إذا كانت الأسرة وسلوكياتها أحد أهم الأسباب لظهور السلوك غير المرغوب.
هناك عيوب ترتبط إلى حد كبير بمرحلة معينة كحب الاختلاط والهوس بالجنس الأخر والعناد والتمرد، وهي سلوكيات مرحلة المراهقة أما إذا امتدت لفترة أطول، فتحتاج إلى وقفة جادة من الفرد ليصلحها حتى لا يتحول إلى سلوك يصعب التخلص منه فيما بعد.