النتائج المبهرة التى حققتها حماس فى الإنتخابات الفلسطينية عام 2006 والتى فاجأت الجميع بما فيهم أعضاء حماس أنفسهم، كانت نتيجة عاملين أساسيين، الأول هو: العمل الجاد والمخلص من جانب حماس لحشد وتجميع الشارع حولهم و تسجيل وإرسال أنصارهم إلى الإنتخابات للتصويت لصالحهم، والثانى: هو الفساد والفشل المتواصل لمنظمة فتح فى الإدارة، مما حدا بالناس أن تمل وتطفش من فتح وتذهب إلى الإتجاه الآخر رغبة وأملا فى التغيير قبل أن يكون إقتناعا بحماس وما تمثله حماس.
وبهذه المناسبة نقول ألف مبروك لحماس وفى نفس الوقت نرسل تحية وتقدير إلى الرئيس محمود عباس (أول رئيس عربى منذ رئيس الوزراء المصرى يحيى باشا إبراهيم أيام الملكية)، يشرف على إنتخابات يسقط فيها حزبه!! ونصيحة أخوية للأخ محمود عباس، قدم إستقالتك لأن (المركب إللى فيها ريسين حتغرق). ولتكن هناك إنتخابات جديدة يفوز بها أحد أعضاء حماس كرئيس جديد للسلطة الفلسطينية.

....
وهناك بعض الملاحظات الجديرة بالتسجيل:
أولا: هذه الإنتخابات تمت تحت الإحتلال الإسرائيلى، ولم يجرؤ أحد على الزعم بأن إسرائيل قامت بالتزوير لصالح حماس!!، فإلى كل القومجية والمتأسلمين الذين كانوا يرفضون الإنتخابات تحت الإحتلال فى العراق وفلسطين، أقول لهم إتكسفوا على دمكم، لأنه يبدو أن المحتل أرحم من أهل البلد وخاصة فيما يتعلق بالإنتخابات.
ثانيا: السلطة الفلسطينية والعملية الإنتخابية ما كانت تتم لولا إتفاقية أوسلو، وإشتراك حماس فى تلك الإنتخابات هو إعتراف ضمنى بتلك الإتفاقية برغم رفضها المتكرر لها.
ثالثا: على إسرائيل وأمريكا أن يعيدا ترتيب أوراقهما، قبل أن يفوق شارون من الغيبوبة!!

....
أما بالنسبة لحماس فأمامها الكثير لتوضيحه للفلسطينيين أولا وللعالم ثانيا:
أولا: مسألة quot;التحرير من النهر إلى البحرquot; هل ستظل من أوليات سياسة حماس، إتهيأ لى الحكاية دى (واسعة شوية)!! أم ستكتفى حماس بالتحرير من غزة إلى رفح!!
ثانيا: كيف ستتعامل حماس مع ميليشاتها وأسلحتها، وكيف ستتعامل مع قوات الأمن الفلسطينية ومن سيتولى الأمن وكبح جماح الفوضى فى الشارع الفلسطينى، قوات الأمن الرسمية أم الميليشيات، أم سوف تنضم قوات الأمن إلى ميليشيات حماس.
ثالثا: كيف سوف تتعامل حماس مع إسرائيل، هل ستعترف بها كما فعلت فتح ومنظمة التحرير من قبل، أم سوف سوف تلقى بالبحر إتفاقية أوسلو والتى مهدت لظهور السلطة الفلسطينية.
رابعا: إذا قررت حماس عدم الإعتراف أو حتى التفاوض مع إسرائيل كما هو مكتوب فى دستورها (التحرير من النهر إلى البحر)، هل ستقوم بإلغاء العملة التى ما زالت متداولة فى الأراضى الفلسطينية (الشيكل) عملة إسرائيل، أم ستقوم بإلغاء النقود تماما وتريح الناس وخاصة كلنا نعلم أن (الفلوس ما يجييش من وراها إلا تعب القلب)، هل ستستمر فى أخذ الكهرباء الإسرائيلية وتقوم بتسديد فواتير الكهرباء إلى إسرائيل، أم سوف تقلبها (ضلمة) ويعيش الفلسطينيون على أضواء الشموع فى جو شاعرى جميل، وهل سوف تستغنى عن خدمات شركات التليفون الإسرائيلية وتبدأ فى إستخدام الحمام الزاجل فى الإتصالات، وماذا عن إستخدام الموانى الإسرائيلية فى تصدير وإستيراد البضائع للعالم الخارجى من وإلى فلسطين، وماذا عن حصيلة ضريبة المبيعات والتى تقوم إسرائيل بتحصيلها نيابة عن السلطة الفلسطينية وتعتبر من أكبر دخول الميزانية الفلسطينية هل ستعتذر حماس عن قبول تلك الأموال لأنها قادمة من إسرائيل، مشاكل كثيرة تسلتزم فتاوى كثيرة من مشايخ حماس ومن مشايخ المسلمين بصفة عامة والذين (هرونا) فتاوى فى الآونة الأخيرة!
خامسا: كيف ستتعامل حماس إذا أصرت دول العالم المانحة (أوروبا وأمريكا) على ألا تتعامل مع حكومة حماس إلا إذا إعترفت بإسرائيل، هل ستخضع للضغوط وتعترف بإسرائيل وبهذا تكون قد خدعت الشعب الفلسطينى والذى ربما أعطاها الأصوات على أمل أن حماس سوف تستعيد كامل التراب الفلسطينى (من النهر إلى البحر)، أم أنها سوف تحترم نفسها وتظل على مبادئها وترفض المعونات المشروطة، وإن شاء الله الشعب يرجع تانى يعيش على لبن الماعز والتمر ويتداوى ب (بول الأبل)!!
خامسا: الهدنة مع إسرائيل والتى وافقت عليها حماس إنتهت بنهاية العام الماضى، فهل سوف تستأنف حماس هجماتها على إسرائيل داخل الأراضى المحتلة و خارجها؟ ومن سوف يقوم بهذه الهجمات قوات الأمن الفلسطينى أم ميليشيات حماس، وهل حماس على إستعداد لمواجهة شاملة مع إسرائيل؟

.....

والقائمة طويلة والآن حان وقت العمل ومضى وقت الكلام والشعارات، وفى الحقيقة أصارحكم بأننى إرتحت لفوز حماس فى الإنتخابات لأن فى هذا ترجمة حقيقية لسيطرتها على الشارع الفلسطينى، وبالمصرى كده (ورونا شطارتكم، والمية تكدب الغطاس)، فلأول مرة منذ نشأة حركة الأخوان المسلمون تفوز إحدى فصائلها بالحكم، دعونا نرى التطبيق الحقيقى لشعارات حماس والأخوان، فإذا نجحوا فى تحسين أحوال المواطن الفلسطينى العادى ونجحوا فى كبح جماح الفساد وعبروا إلى بر الأمان، فأنا أول من ينادى بشعارات حماس والأخوان، أما إذا فشلوا فى تخفيف المعاناة عن الشعب وفشلوا فى مقاومة الفساد فيبقى (ما أنيل من ستى إلا سيدى) وعليهم أن يبطلوا شعارات ويفضوها سيرة، ويرجع رجا ل الدين إلى دور العبادة ويرجع الضباط إلى معسكراتهم ودعونا نبدأ حقيقة فى بناء دولة مدنية على أسس علمية ودعونا ننقل عن العالم المتقدم التجارب التى نجح فيها ونتجنب التجارب التى فشل فيها، ولا داعى لمحاولة إختراع البسكليتة لأنها موجودة وجاهزة لمن يريد أن يركبها، كل ما علينا هو أن نتعلم كيف أن نركب البسكليتة!!.

[email protected]

مقالات ذات صلة

د. شاكر النابلسي: حماس تواجه العالم

د. سلمان مصالحة: ملاحظات حول نتائج الإنتخابات الفلسطينيّة

باسم النبريص: تسونامي حماس!

فاخر السلطان: هل حركة حماس ستبقى حماس؟


د. أحمد أبو مطر: فوز حركة حماس: إنتصار أم مأزق؟؟

د. خالد شوكات: هل تكره الولايات المتحدة الإسلاميين فعلا؟!

نبيل شرف الدين: عن سلطة حماستان .. أبشركم