محكمة الانفال تستمع لوثائق حديدة عن ابادة الاكراد
خبراء دوليون وعراقيون يبحثون انجاح المصالحة

المالكي يقدم مشروعه للمصالحة الوطنية الى مجلس النواب
أسامة مهدي من لندن : بحث خبراء دوليون وسياسيون عراقيون في بغداد وسائل انجاح المصالحة الوطنية وامكانية اصدار عفو عام وحل مشكلة ضباط الجيش السابق والحد من البطالة وانهاء قضية موظفي الكيانات المحتلة كجزء من هذه الوسائل.. فيما تستمع المحكمة الجنائية العراقية العليا التي تنظر في قضية عمليات الانفال التي ابيد خلالها عشرات الالاف من الاكراد اليوم الى مزيد من الوثائق السمعية والمكتوبة التي تدين المتهمين الستة من رموز النظام السابق المستمرة محاكمتهم منذ خمسة اشهر.

وقالت الهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية ان خبراء من مؤسسة التنمية الدولية وعلى رأسها الخبير البريطاني الدكتور ديفيد بلوفيلد من مؤسسة quot;دي اف اي ديquot; الدولية لدراسات شؤون حل النزاعات والمشكلات الداخلية الدولية وانجاح عمليات المصالحات الوطنية قد ناقشوا في بغداد سبل تحقيق وانجاح المصالحة الوطنية في العراق. واضافت في بيان اليوم ان الخبير بلوفيد قد ارسلته الحكومة البريطانية والتزمت بدفع كل نفاته تعبيراً عن رغبتها بأنجاح عملية المصالحة الوطنية في العراق هو من المختصين عالمياً في شؤون المصالحة الوطنية وله تجارب في حل نزاعات والوصول لمصالحات في دول عدة حصلت بها مشكلات مشابهه كما هو الحال في الازمة الايرلندية الشهيرة وازمات البلقان وازمات جنوب افريقيا بعد الاستقلال.

وقد شارك في النقاشات عضو الهيئة الشيخ فالح الفياض وممثلين عن الكتل السياسية البرلمانية الذين طرحوا ارءهم وافكارهم وتساؤلاتهم حول خطوات تحقيق المصالحة. واشار الخبير البريطاني الى انه بعد نقاشات اجراها مع شخصيات من وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني ومن الهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية فانه بصدد وضع تقرير عن ارائه وافكاره حول الواقع العراقي بهدف انجاح المصالحة الوطنيةوتهيئة مستلزمات ذلك.

وقد طرح في الاجتماع الذي شارك فيه مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي لشؤون المصالحة الوطنية محمد سلمان ضرورة اطلاق نشاط اللجنة المختصة بالنظر في شؤون ضباط الجيش السابق وحل ازمتهم التي ابتدأت بحل الجيش العراقي السابق في نيسان(ابريل) عام 2003. وكان مؤتمر القوى السياسية العراقية المنعقد في بغداد منتصف كانون الاول (ديسمبر) الماضي قد قرر انشاء هذه اللجنة واعتبرت واحدة من ابرز الانجازات التي طرحتها توصيات اللجان المنبثقة عن المؤتمر.

وقد تحدث ممثلو الكتل السياسية في الاجتماع عن التقدم الحاصل من اجل تحقيق المصالحة فتساءل النائب عن كتلة الائتلاف العراقي الشيعي الموحد جابر حبيب جابر عن اهمية تدعيم المصالحة بتطوير التواصل مع مجالس المحافظات التي ينتظر اكمال انتخابها قريباً.. اما النائب علاء مكي من جبهة التوافق السنية فقد تسألل عن مفهوم المصالحة الرمزية وامكانية تحقيقها بينما اشار سعد المطلبي من وزارة الحوار الوطني عن امكانية التهيئة للمصالحة باصدار عفو عام. كما تحدث وزير الثقافة السابق مفيد الجزائري عن البطالة كاحد اسباب تدهور المصالحة مشيرا الى ان البطالة تعتبر رخما خصبا للارهاب مشددا على ضرورة العمل على الحد منها على طريق القضاء عليها حيث تشير التقارير الى انها تشكل نسبة 60% من الايدي العاملة العراقية.
الخبير البريطاني الدكتور بلوفيلد قال انه سينتهي قريبا من اعداد تقرير سيقدمه الى وزارة الحوار الوطني العراقية تمهيداً لعرضه على الحكومة العراقية للاستفادة منه في تفعيل مبادرة المصالحة التي اعلنها المالكي في الخامس والعشرين من حزيران (يونيو) الماضي.


محكمة الانفال تدرس ادلة ووثائق ادانة جديدة
تستمع المحكمة الجنائية العراقية العليا المختصة بقضية الانفال في جلستها التامنة والثلاثين اليوم الاحد الى وثائق سمعية ومكتوبة جديدة عن عمليات ابادة الاكراد المتهم فيها الرئيس السابق صدام حسين الذي نفذ بحقه الاعدام وستة من كبار مساعديه السابقين.

وفي اخر جلسة لها الاربعاء الماضي عرض رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون وثائق صادرة عن عدد من المتهمين حول عمليات عسكرية ضد الاكراد تتضمن قصفا بالطائرات وتهجيرا وتحضيرات لشن هجومات واسعة بالاسلحة الكيمياوية. وعرض المدعي العام حوالي 30 وثيقة وصفها بأنها سرية وشخصية للغاية صادرة من مديرية امن بغداد إلى مديرية أمن مدينة شقلاوة الشمالية. وقال الفرعون إن هذه الوثائق تدين المتهمين طاهر توفيق وعلي حسن المجيد وانها مؤرخة في عام 1987 اي قبل سنة من شن حملة الانفال ضد الاكراد التي راح ضحيتها 182 الف حسب الاحصائيات الكردية.

واكدت الوثائق ترحيل مئات العوائل وحرق قرى وتنفيذ عمليات اعدام بمواطنين اكراد تصفهم الوثائق بالمخربين أي المتعاونين مع ايران. واشارت الى تهجير 50 الف كردي الى تركيا والفي عائلة الى ايران. واوضح ان نقاشا دار بين ضابط سابق وجنوده عن طفل تقرر اعدام افراد عائلته فيما اذا كان سيعدم معهم ام يخلى سبيله فقرر الضابط اطلاقه.

وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة عن استخدام النظام السابق للاسلحة الكيمياوية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 مما اسفر عن مصرع حوالي 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية. وستخصص جلسات الاسبوع المقبل لعرض مزيد من الوثائق والافلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل الى الاستماع الى إفادات المتهمين. وتعمل المحكمة حاليا على التعاقد مع خبراء في الأدلة الجنائية تابعين الى وزارة الداخلية بهدف دراسة الأدلة الخاصة بالقضية والضربة العسكرية الكيمياوية التي تعرض لها الاكراد عام 1988.

وكان صدام حسين المتهم الرئيسي في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.
وقد استمعت المحكمة الى حوالي 100 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.


المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.