خلف خلف من رام الله: كشفت مصادر إسرائيلية اليوم أن أصحاب القرار في إسرائيل سيصدرون التعليمات قريباً لجهاز الاستخبارات لتوظيف كل جهد على أمل كشف - ما تسميه المصادر- البرنامج الثالث لإيران لتحقيق قدرة نووية عسكرية. ويأتي هذا التحرك الإسرائيلي في أعقاب نشر التقرير الاستخباري الأميركي الذي تحدث عن نووي إيران، ويقدر بأن الأخيرة أوقفت تحت الضغوط الدولية سعيها لامتلاك قنبلة نووية عام 2003.

ونقلت صحيفة معاريف الصادرة اليوم عن مسؤولين كبار في إسرائيل قولهم: quot;يجب حث الاستيضاح الاستخباري وتوظيف كل القدرة الوطنية للكشف عن البرامج الإيرانية الحقيقية، فالأميركيون يستندون إلى أنباء تراكمت في السنة الأخيرة وتقديرهم مخفف بقدر كبير. من جهة أخرى، يدور الحديث عن النووي في إيران وليس في المكسيك أو في كوبا. لو كان هذا في ساحتهم الخلفية، لافترضنا أن تقديرهم سيكون اشد خطورة، وربما نحن كنا سنخفف حدتهquot;.

هذا في وقت حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أمس التقليل من صدى التقرير الاستخباري الأميركي، معلناً بأنه أطلع ووزير الدفاع إيهود باراك عليه أثناء زيارتهم لواشنطن لحضور مؤتمر انابوليس الأسبوع الماضي، وتباهى أولمرت بإطلاعه على التقرير حتى قبل رفعه إلى الرئيس الأميركي جورج بوش.

ولكن تتحدث تقارير صحافية إسرائيلية عن أجواء من التوتر بين تل أبيب وواشنطن في أعقاب نشر التقرير، وبحسب هذه المصادر فأن التقرير كان عبارة عن صفعة قوية لقادة إسرائيل الذين عملوا على طوال الفترة الماضية، على التهويل بمخاطر نووي إيران، وذلك لحشد دعم دولي ضد برنامجها الذي تعتبره إسرائيل التهديد الوجودي الأول عليها.

وتعرب مصادر إسرائيلية عن خيبة أملها من تغيير التقديرات الاستخبارية الأميركية، ولكن المصادر ذاتها أشارت إلى أن quot;الرئيس بوش حر في العمل في أي اتجاه يقرره وأمس صرح بان إيران بقيت من ناحيته الدولة الأخطر في العالمquot;، وهو ما يخفف من حدة القلق الإسرائيلية.

هذا في وقت لا يوجد التباين في المعلومات بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية فقط، بل يوجد داخل إسرائيل ذاتها، اختلاف بالتقديرات والمواقف حول مساعي إيران لامتلاك برنامج نووي عسكري. وفي الوقت الذي تعتقد فيه أوساط محيطة برئيس الوزراء إيهود أولمرت بان لدى إسرائيل معلومات ليست لدى الأميركيين. وتقول أوساط في محيط وزير الدفاع إيهود باراك إنه بالإجمال وكالات الاستخبارات الغربية تختلف حول ذات جملة المعلومات.

بينما لدى جهاز الأمن الإسرائيلي رأي آخر، حيث يقولون داخل الجهاز- بحسب معاريف- quot;الموضوع هو في التفسير، لدى الأميركيين فسروا كل شيء بتساهل، أما عندنا فيفسرونها بخطورة، إذ في الموضوع النووي الإيراني ثمن الخطأ لا يطاق ومن المفضل التشدد قليلا من التساهلquot;.

وبالاعتماد على ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين فأن أجواء القلق العامة الدولية التي ستنشأ في أعقاب نشر التقرير الأميركي ستجعل من الصعب استمرار فرض العقوبات على إيران.

وبحسب مصادر كبيرة في تل أبيب فأن quot;هذا يحصل بالذات عندما ينجح الأميركيون في إقناع الصينيين بالانضمام إلى الجولة القريبة من العقوباتquot;، ولذلك بحسب المصادر ذاتها، quot;يجب ممارسة الضغط الكبير كي لا يتبدد هذا الأمرquot;.

والتقدير في إسرائيل الآن هو أن الأميركيين من شأنهم، في أعقاب التقرير أن يغيروا النهج وان يعملوا حيال إيران quot;بنهج القذافيquot;، وإجراء حيال النظام الإيراني حوار يتضمن جزر وعصي من أجل حملها بعيدا عن الطريق النووي بوسائل اقتصادية ودبلوماسية.

وفي هذه الأثناء لا تغير إسرائيل تقديرها الاستخباري الذي يقضي بان الإيرانيين سيكون بوسعهم تجاوز نقطة quot;اللاعودةquot; في الطريق إلى القنبلة النووية في نهاية 2008 أو بداية 2009. وهذا التقدير يقوم على أساس الافتراض بان الإيرانيين سيتقدمون في الطريق الأسرع ولن يصطدموا بنقاط خلل مرتقبة في سياقه.