إيلاف من المنامة:

ذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية في تقرير لها أن وفاة الشاب علي جاسم مكي لا شك آلمت كل مواطن غيور على مصلحة البلد ومصلحة شبابه، ولعل الشكل الذي تطورت به الأمور عقب وفاة هذا الشاب والقيام بأعمال شغب وتخريب وتكسير هنا وهناك، تدفعنا إلى الوقوف لحظة للتفكير الموضوعي والعقلاني البعيد عن الانفعال العاطفي والتأمل في مدى صواب ما يحدث ومدى عقلانيته في وقت أكدت فيه اللجنة الطبية المشكلة من النيابة العامة ومستشفى السلمانية الطبي بأن وفاة الشاب طبيعية.

وأضافت الوكالة في بيانها quot; السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لمصلحة من دفع البلاد إلى احتقان أمني من شأنه أن يلحق بالجميع أضرارا هم في غنى عنها ويؤثر سلبا على عملية التنمية الشاملة التي تستهدف الوطن والمواطنين؟!، إن جواب العقل والمنطق يقول إن الأمر برمت

ه لا يستدعي كل ما حدث، ولعل الدور المهم المطلوب الآن لا يقتصر على جهة وإنما يستلزم من الجميع العمل والمبادرة للحفاظ على أمن واستقرار هذه الأرض الطيبة من واقع مسؤوليتهم الوطنية ومن واقع حرصهم على الاستقرار والازدهار لهذه الأرض ولكل من ينتمي إليهاquot;.

وأشارت الى انه quot; وبالعودة إلى الحقائق نجد أن اللجنة الطبية الثلاثية التي أمر النائب العام بتشكيلها برئاسة طبيب شرعي أول النيابة العامة، وعضوية الطبيبين بمستشفى السلمانية الطبي حسن محمد سعيد ناصر ورجاء السيد حسن عبد الله اللذين حازا على تزكية إحدى أهم كتلة نيابية بمجلس النواب، وقد أدت اللجنة عملها بكل نزاهة وموضوعية وحيادية، وأصدرت تقريرها الطبي في حينها والذي أكد أن الوفاة جاءت بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية وخلو الجثة من أية إصابات خارجية أو داخلية، وتلك حالة قد يتعرض لها أي إنسان، وهو ما ظهر أثره في البيان الصادر من وزارة الداخلية والتي رحبت فيه بكل من يسلك الطرق القانونية كوسيلة لإظهار الحقيقة عن طريق اللجوء لمؤسسات الدولة المختلفة لتأكدها من سلامة موقفها القانوني ولرغبتها في التعاون بشفافية لإظهار الحقيقة للرأي العامquot;.

وذكرت الوكالة ان ردة فعل العلماء والعقلاء والحكماء من أهل هذه البلد حكيمة في التعامل مع المسألة، ورفض التصعيد حيث دعوا إلى التهدئة وعدم الدخول في مواجهات من شأنها أن تضر كافة الأطراف، وهذا الدور لاشك مؤثر وتاريخي ويعكس مستوى المسؤولية التي يتحلى به هؤلاء، والدور الآن أكبر عليهم في مواصلة ما بدأوه لأجل عدم الدخول في مزيد من الإنفلاتات الأمنية .

وقالت quot; إن باب الحوار ومنهج الإصلاح لم يتوقف في البحرين منذ أن انطلق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، فالتطور الديمقراطي الذي حدث في البلاد كبير، ويتطور تدريجيا إلى الأفضل وتلك سنة الحياة، كما أن قنوات الحوار لم تغلق أبوابها قط والتاريخ الحديث خير شاهد، وقد وفر المشروع الإصلاحي الشامل الأرضية والمناخ المناسب لننطلق نحو فضاءات أرحب من حرية الرأي والتعبير والمسؤولية الوطنية فالصحافة قناة حوار مفتوحة، واللقاءات المباشرة مع المسؤولين تعد كذلك قناة حوار، وحتى المنتديات النقاشية والندوات والمحاضرات كلها قنوات حوار توصل الرأي والرأي الآخرquot;.

وأكدت quot; ان المتابع للأحداث منذ بدايتها يلحظ غياب الحكمة والموضوعية من قبل البعض في التعامل مع الأوضاع من خلال محاولة تضخيم الأمور بشكل مبالغ فيه، ونسيان العودة إلى البداية التي تؤكد بأن أصل الموضوع هو مسيرة غير مرخصة تعاملت معها قوات الأمن بالإجراءات المناسبة وفقا للقانون والنظام العام ، إلا أن المسيرة غير المرخصة خرجت عن النطاق السلمي إلى نطاق العنف والتخريب، الأمر الذي أدى إلى ضرورة تدخل قوات الأمن المتواجدة والتي حاولت القيام بدورها في حفظ الأمن والنظام وفقا للقانون، ثم بعد ذلك جاءت الوفاة الطبيعية نتيجة هبوط في الدورة الدموية لأحد الشباب الذين شاركوا في المسيرة ليستخدمها البعض سببا في تأزيم الأمور.وما يلفت الانتباه كذلك، ذلك الكم من البيانات والتصريحات التي صدرت مؤخرا من أكثر من جهة وهي بيانات وتصريحات وصفتها وزارة الداخلية بأنها تتسم بالاستعجال وعدم الدقة ومحاولة تبرير ارتكاب أفعال مخالفة للقانون، على الرغم من أن الواجب الوطني يدعو الجميع إلى أن يشدوا على يد الوزارة في سعيها لاحترام وتطبيق القانون، مع التمسك بأقصى درجات ضبط النفس و التعامل بحكمة مع الأحداث. وهنا تجدر الإشارة إلى البيان الذي أصدرته عدد من الجمعيات السياسية والذي أكد على ضرورة عدم تحويل المشكلة السياسية إلى مشكلة أمنية وضرورة التزام الكل بالنظام والقانون وتجنب الدخول في مواجهات مع رجال الأمن والعمل على تجنب العنف من أي طرف وتحت أي ظرف أو مبررquot;.

وواصل التقرير quot; ولاشك أن الحفاظ على ما تشهده مملكة البحرين حاليا من نهضة تنموية واقتصادية تتطلب دعم الأمن والاستقرار من الجميع بما يحفز جميع المستثمرين على الدخول إلى سوق البحرين، وهو ما ستصب نتائجه بكل تأكيد في صالح لإنسان البحريني من خلال المزيد من فرص العمل وتحسين مستوى الرواتب وتحقيق نقلة نوعية في مستويات لخدمات التعليمية والصحية والإسكانية، فهل نحن على استعداد لنضحي بكل ذلك من أجل غايات وأهداف للبعض تضر بالوطن والمواطنين؟ أم أن المطلوب تغليب صوت الحكمة والعقل والوقوف متكاتفين جميعا لدعم مسيرة البناء والتنمية التي تشهدها البلاد؟!quot;.

واختتم quot; ويبقى القول، إن الجميع مطالبون الآن باحترام قوانين مملكة البحرين ومؤسساتها الدستورية والقانونية ودعم هذه القوانين، وعدم استباق نتائج التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، والارتقاء إلى مستوى المسئولية والتحلي الموضوعية وعدم تشويه الحقائق، والدعوة إلى تغليب المصلحة العامة.وحري بنا أن نجدد الدعوة إلى التمسك بقيم الوحدة الوطنية ومرتكزات التلاحم بين أفراد الشعب البحريني، وأن ندرك مضامين الحكمة السامية التي دعانا إليها جلالة الملك المفدى حين قال: ( إن البيوت المنقسمة لا تبني أوطانا عامرة) ونعمل على تحويل هذه المقولة إلى حقيقة على أرض الواقع يدفعنا في ذلك من حب الوطن وإيماننا العميق بأن البحرين ليست مجرد وطن نعيش فيه وإنما هو وطن يعيش فينا.. فهل نحن قادرون على تحمل تلك المسئولية الوطنية التي ننتمي إليها جميعا؟!quot;.