اثينا: كلف الرئيس اليوناني كارولوس بابولاس اليوم الاثنين رئيس الوزراء المحافظ المنتهية ولايته كوستاس كرمنليس تشكيل حكومة جديدة اثر فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت امس الاحد ولم يحصل فيها سوى على غالبية ضعيفة.ويقضي الدستور اليوناني بمنح كرمنليس ثلاثة ايام لتشكيل فريق عمله الجديد والذي كان اعلن انه سيضم quot;وجوها جديدةquot; وسيكون مصغرا.
واعلن كرمنليس في ختام هذا اللقاء quot;لدينا ملء الثقة بمسؤوليتنا، سنمضي قدما وبتصميم وسنعمل على تقدم البلادquot;.

كرامنليس سياسي محنك حريص يعد بالإصلاحات

وكوستاس كرامنليس الذي فاز الاحد في الانتخابات التشريعية اليونانية التي كانت تبدو صعبة بالنسبة له بعد حرائق الصيف التي خلفت ضحايا ودمارا في اليونان، سعى منذ 2004 ليكون حكمه في الوسط حريصا على صورة الرجل المترفع عن صغائر الامور.فبعيد الساعة1:30 بالتوقيت المحلي (22:30 ت غ الاحد)، تبين بعد فرز نحو 75% من بطاقات التصويت ان حزب الديموقراطية الجديدة بزعامة كرامنليس (51 عاما) يحتل الطليعة بحصوله على نحو 43% من الاصوات، متقدما بذلك على حزب باسوك الاشتراكي الذي نال 38.5% من الاصوات، بحسب وزارة الداخلية.

فزعيم حزب الديموقراطية الجديدة يعتبر quot;شخصية تخرج عن المألوف بعض الشيء في المشهد السياسي اليونانيquot; الذي يتميز بالصراعات الايديولوجية المحتدمة، على ما لفت احد الدبلوماسيين الاوروبيين.الا ان الحرائق التي شهدتها البلاد خلال شهر اب/اغسطس واسفرت عن سقوط 66 قتيلا، اثارت التخوف من ان يفقد شعبيته مما دفعه للاكثار من ظهوره العلني ومبادراته تجاه المنكوبين.وقد بدا حتى الان شحيحا في الغالب في اتخاذ مواقف علنية لا سيما ازاء الملفات الوطنية الكبرى مع ما يعرضه ذلك من اتهام بالاستخفاف في ادارة شؤون البلاد، مفضلا وضع اعضاء حكومته في الواجهة.

ومنذ العام 2004 تشير استطلاعات الرأي الى تقدمه المستمر على منافسه الاشتراكي زعيم حزب باسوك جورج باباندريو حتى وان سجلت شعبيته تراجعا طفيفا في الاشهر الاخيرة اثر فضائح سياسية مالية لطخت حكومته ثم اتت الحرائق لتزيد الطين بلة.

وقد ارتأى وهو متأكد من هذا التقدم، الدعوة الى انتخابات مبكرة في 16 ايلول/سبتمبر (بدلا من اذار/مارس 2008) بداعي ضرورة القيام باصلاحات اقتصادية واجتماعية مهمة.

في العام 1997 انتخب كرامنليس رئيسا لحزب الديموقراطية الجديدة وذلك يعود قبل كل شيء لاسمه. فعمه قسطنطين كرامنليس معروف بانه من الوجوه البارزة في اليمين اليوناني وشغل مرات عدة منصب رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية. وقد ورث في الواقع حزبا ضعيفا وممزقا بسبب حرب ضروس بين اجنحة مختلفة.الا انه بفضل انفتاحه على كافة التيارات وبفضل قدرته على تحمل الضربات أكان من فريقه او من اليسار، تمكن هذا المحامي المحنك المتمرس بدوائر الحكم من اعادة اللحمة الى حزب الديموقراطية الجديدة.

ولفرض نفسه امام حزب باسوك الذي حكم من 1981 الى 1989 ومن 1993 الى 2004، اختار كرامنليس ان ينافسه الوسط في قطيعة مع اليمين المتشدد الذي جسده سلفه ميلتياديس ايفيرت.وهذا التحول باتجاه نهج ليبرالي معتدل مترافق مع هواجس اجتماعية، سمح له بترسيخ حزبه وسط جسم انتخابي شعبي وزراعي.

وفي ختام ولايته الاولى، بامكان كرامنليس ان يفخر بحصيلة اقتصادية جيدة مع معدل نمو يزيد عن 4% وتراجع العجز بنسبة 6،2% من اجمالي الناتج المحلي في 2006 (مقابل 5،5% في 2005) فضلا عن انخفاض معدل البطالة (حوالى 8%).

لكنه لم يتوان منذ وصوله الى الحكم عن ارجاء الاصلاحات الاقتصادية الجوهرية لا سيما نظام التقاعد، وهو الموضوع المتفجر اجتماعيا، والتي يطالبه بها الاتحاد الاوروبي والمؤسسات المالية الكبرى.واثناء الحملة الانتخابية، وعد كرامنليس بوضع حد لهذا الانتظار مبديا تصميمه على quot;دفع البلاد قدماquot;.وفيما كان انتخب لوعده بالقضاء على الفساد الذي اصبح آفة مزمنة في البلاد، لم يتخذ اي تدبير مهم في هذا المجال منذ العام 2004.

وقال الدبلوماسي الاوروبي نفسه quot;هذا ربما يكون اخفاقه الاكبر: عدم الفوز بالمعركة الاخلاقية فيما منحه اليونانيون بشكل واضح هذا التفويض بعد سنوات من حكم باسوكquot;.