معارك كثيفة والجيش يقترب من معسكرداخل العراق
يوم سادس من القتال بين القوات التركيةوحزب العمال

العمادية (العراق)، أنقرة، وكالات: أفادت مصادر محلية أن القوات التركية لا تزال تتواجه في معارك كثيفة مع المتمردين الأكراد المتحصنين في شمال العراق مع إقترابها من أحد المعسكرات الرئيسة للانفصاليين.وقال أعضاء في القوات الكردية المسلحة في شمال العراق إن معارك كثيفة تتواصل من دون توقف منذ مساء الاحد، في محيط معسكر زاب الذي تحاول القوات التركية المدعومة بقصف مدفعي وتغطية جوية السيطرة عليه.والمعسكر الواقع في وادٍ عميق على بعد ستة كيلومترات من الحدود التركية، هو إحدى نقاط العبور التي يستخدمها المتمردون في حزب العمال الكردستاني التركي للتسلل الى داخل تركيا لشن عمليات.

هذا وقددخلت القوات التركية في معارك ضد المتمردين الاكراد، حيث تقدمت صوب قاعدة رئيسة لحزب العمال الكردستاني شمال العراق يوم الاثنين، فيما حذرت بغداد من ان امدًا طويلاً للتوغل له عواقب وخيمة على المنطقة. وقالت هيئة الاركان العامة التركية في بيان ان قواتها تدعمها الطائرات الحربية والدبابات والمدفعية وطائرات الهليكوبتر المقاتلة، قتلت 41 متمردًا يوم الإثنين، مما يرفع عدد قتلى حزب العمال الكردستاني منذ بداية هجوم كبير يوم الخميس الماضي الى 153. وقال الجيش التركي في بيان: quot;يتواصل القتال عن قرب مع الارهابيين في منطقتين منفصلتينquot;. وأضاف الجيش: quot;عززت القوات في المناطق الحساسة من العملية واستبدلت بعض القوات بأخرى جديدةquot;.

وقال الجيش إن 17 من جنوده لاقوا حتفهم حتى الان في الحملة التي تدور في ظروف شتوية قارسة لاستئصال متمردي حزب العمال الكردستاني الذين يستخدمون منذ تسعينات القرن الماضي الجبال شمال العراق قاعدة لحربهم من اجل حكم ذاتي في جنوب شرق تركيا الذي تسكنه غالبية كردية. وقال موفق الربيعي مستشار الامن الوطني العراقي في بغداد ان القتال ستكون له عواقب خطرة للغاية على جزء من العراق، كان يتمتع باستقرار نسبي مقارنة ببقية البلاد الغنية بالنفط.

وقال البيت الابيض إن التوغل التركي الذي يقدر بأنه يضم الاف الجنود، وفقًا لمصدر عسكري تركي بارز ووسائل اعلام، يجب أن يكون محدودًا. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو للصحافيين في واشنطن quot;من الواضح ان هذا ليس وضعًا مثاليًا، ونأمل أن يكون هذا توغلاً قصير المدى بحيث يتسنى لهم التعامل مع هذا التهديدquot;.

وشنت أنقرة توغلاً بريًا يوم الخميس الماضي في منطقة نائية من اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي لملاحقة متمردي حزب العمال الكردستاني. وقالت ان السلطات العراقية تقاعست لسنوات عن تعهداتها بمداهمة المتمردين. وتزايد الضغط على الحكومة بعد سلسلة من الهجمات القاتلة على الجنود والمدنيين.

وصرح مسؤول أمني كردي بأن قتالاً دار اثناء الليل بين قوات تركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني في منطقة العمادية على بعد عشرة كيلومترات جنوبي الحدود. وقال مصدر عسكري تركي بارز، إن قوات خاصة دخلت في معركة قريبة على بعد كيلومترين من مركز رئيسٍ لقيادة حزب العمال الكردستاني يستخدم لتخزين معدات واسلحة في وادي زاب بعد قصف جوي كثيف.

وقال المصدر البارز quot;اذا سقط (معسكر زاب) فستكون ضربة كبيرة لمعنويات حزب العمال الكردستانيquot; مضيفًا ان ما بين 500 الى 700 جندي جديد ارسلوا الى منطقتي زاب وهافتانين في وقت متأخر من يوم الاحد. وقال ان القوات تقدمت بعد ذلك الى الهدف التالي باتجاه جبل قنديل احد معاقل حزب العمال الكردستاني.

وقال المصدر العسكري ان اضطرار القوات الى ازالة الالغام الارضية والقنابل التي يتم التحكم فيها عن بعد والتي زرعها حزب العمال الكردستاني ابطأ من تقدمها. وقال احمد دانيس وهو متحدث باسم حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ان 81 جنديا تركيا و اربعة متمردين قتلوا حتى الان في الهجوم. ولم يتسنَّ التحقق من صحة المعلومات.

وتحمل تركيا حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي كمنظمة ارهابية مسؤولية مقتل نحو 40 ألف نسمة منذ ان بدأ كفاحه المسلح عام 1984. وقال نائب رئيس الوزراء التركي جميل جيجك ان القوات التركية ستنسحب حال انهت مهمتها.

وانتحب آلاف الاتراك الذين يلوحون بالاعلام على مقتل ثلاثة من أفراد الجيش في العملية خلال تشييع جنازتهم من المسجد الرئيسي بأنقرة يوم الاثنين. وأرجأ الرئيس التركي عبد الله جول زيارة مزمعة الى افريقيا هذا الاسبوع بسبب الهجوم.

ويقول مسؤولون اميركيون ان انقرة قدمت تأكيدات بأنها ستبذل قصارى جهدها لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين. وزودت واشنطن تركيا بمعلومات مخابراتية لتتبع متمردي حزب العمال الكردستاني المقدر عددهم بثلاثة آلاف في شمال العراق.

ولم ترد حتى الان انباء عن سقوط ضحايا مدنيين ولكن سكان القرى القريبة من الحدود يقولون ان القصف المدفعي والغارات الجوية يستهدف قراهم. وحتى الان نأت البشمركة بنفسها عن العمليات العسكرية التركية التي تجري في مناطق جبلية نائية يندر بها السكان. ويعتبر مسؤولون اكراد المنطقة خارج نطاق سيطرتهم.

وعلى الرغم من قلة تعاطف اكراد العراق مع اهداف حزب العمال الكردستاني التركي، فإن هناك غضبًا واسع النطاق من عملية التوغل.وكانت قيادة كردستان العراق قد حذرت من ان اي استهداف للمدنيين الاكراد سيقابل quot;بمقاومة كبيرةquot; من قوات البشمركة التي اعلنت حالة التأهب.

وفي اواخر تسعينات القرن الماضي تحالفت قوات البشمركة مع تركيا ضد متمردي حزب العمال الكردستاني، لكن العلاقات توترت في السنوات الاخيرة مع حصول الاكراد في شمال العراق على قدر اكبر من الاستقلال.

ودعا العراق مرارًا لحل دبلوماسي لوجود الحزب، وقال انه اتخذ بعض الخطوات للتصدي للمتمردين، ولكنه يركز بصورة أكبر على محاولة تحقيق الاستقرار في بقية اجزاء البلاد. وتقول انقرة إن لها الحق وفقًا للقانون الدولي بملاحقة وقتل اعضاء حزب العمال الكردستاني.

وفي بيان اعربت سلوفينيا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي عن قلقها ازاء العملية. وقالت quot;في الوقت الذي نعترف فيه بحاجة تركيا إلى حماية سكانها من الارهاب، فإن الرئاسة تدعو تركيا الى الامتناع عن اتخاذ اي عمل عسكري غير متناسب وان تحترم استقلال اراضي العراق وحقوق الانسان وحكم القانون فيهquot;. وأضاف البيان quot;كما تدعو تركيا إلى قصر انشطتها العسكرية على تلك الضرورية للغاية لتحقيق هدفها الرئيس وهو حماية السكان الاتراك من الارهابquot;.

التوغل التركي في العراق قد يسبب توترا اقليما

هذا ويهدد التوغل التركي في شمال العراق، وهو الثاني خلال ثلاثة اشهر، بالتسبب في زعزعة استقرار المنطقة الاكثر امانا في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 واثارة اضطرابا يمكن ان تمتد اثاره الى سوريا وايران المجاورتين.وتشن القوات التركية منذ الخميس عملية واسعة النطاق في شمال العراق ضد عناصر حزب العمال الكردستاني الاتراك الذين يطالبون منذ عام 1984 باستقلال جنوب شرق تركيا ما اسفر عن سقوط 37 الف قتيل في صفوف الاكراد.وهذه هي المرة الثانية التي تهاجم فيها القوات التركية العراق منذ ان اعطى البرلمان التركي موافقته للجيش لشن عمليات عسكرية داخل الاراضي العراقية في تشرين الاول/أكتوبر الماضي.

ومحافظات الشمال الثلاث، اربيل ودهوك والسليمانية، التي تتمتع بحكم ذاتي هي الوحيدة التي لا تشهد دوريات امنية في العراق. حيث يحظى الاكراد الذين يبلغ تعدادهم نحو خمسة ملايين نسمة بحماية الولايات المتحدة منذ عام 1991، بعد هزيمة قوات صدام حسين اثر غزو الكويت.وقد اثار هذا الحكم الذاتي لاكراد العراق الامل لدى الاكراد في ايران وتركيا وسوريا حيث يمكن ان تنعكس اي زعزعة استقرار لهذه المنطقة سلبا على هذه الدول الثلاث.

وكان رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان البرزاني حذر في هذا الاطار من ان القصف التركي quot;كارثةquot; للجميع باستثناء حزب العمال الكردستاني.فيما قال برزاني في كانون الثاني/ديسمبر الماضي quot;نحن في اقليم كردستان تعطلنا في طريق السلام والديمقراطية والازدهار والجيش التركي يضغط باتجاه حرب دموية ضد حزب العمال الكردستاني خارج اراضيهquot;. وحذر من ان quot;الاقتصاد والناس في المنطقة وخصوصا في تركيا وسوريا وايران سيعانون من اثار الحربquot;.

واقترح نيجيرفان بارزاني اجراء محادثات رباعية بين العراق وتركيا والولايات المتحدة وسلطات اقليم كردستان حول مسألة الهجمات التي يشنها المتمردون الاكراد الاتراك على تركيا انطلاقا من شمال العراق.وقال quot;هذه مسألة تخص عدة دول وقد شهدت تعقيدا بسبب العلاقات القومية وليس في قدرة اي فريق حلها بمفردهquot;.واضاف quot;لهذه الغاية، نقترح اجراء مفاوضات بين انقرة وبغداد واربيل وواشنطنquot;.ورفضت انقرة اجراء محادثات مع الاكراد العراقيين الذين تتهمهم بدعم متمردي حزب العمال الكردستاني الذين يتخذون من جبال شمال العراق معقلا لتنفيذ هجمات ضد تركيا.

وتقدر انقرة بنحو اربعة الاف عنصر عدد المتمردين المتحصنين في شمال العراق. وقد اسفر النزاع الكردي في تركيا عن سقوط اكثر من 37 الف قتيل منذ ان بدأ حزب العمال الكردستاني تمرده في 1984.وتعتبر تركيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية.وتاتي عملية التوغل الاخيرة للجيش التركي الى شمال العراق، في الوقت الذي ادعت فيه واشنطن احراز تقدم في عملية استقرار العراق، الذي يعاني من التمرد وشبح الحرب الطائفية.

ويؤكد القادة الاميركيون والعراقيون على حد سواء ان معدل العنف في بغداد قد انخفض بصورة ملحوظة جدا.واكدت الحكومة العراقية ان عدد ضحايا المدنيين انخفض في عموم البلاد الى ادنى مستوياته من 23 شهر.وقدرت معدلات القتلى خلال الاشهر الاربعة الماضية ب568 في كانون الثاني/ديسمبر و606 في تشرين الثاني/نوفمبر و887 في تشرين الاول/اكتوبر و840 في ايلول/ستبمر.

وتنشر الولايات المتحدة حوالي 160 الف جندي في العراق لمحاربة المتمردين الذين يقودهم تنظيم القاعدة من اجل كبح جماح العنف الطائفي في البلاد.
وتجري حاليا عمليات عسكرية في محافظة ديالى ونينوى وكركوك وصلاح الدين ضد تنظيم القاعدة.