quot;الرسائل quot; إلى إسرائيل تقلق اللبنانيين بعدما اطمأنوا 10 أيام
السيّد غيّر رأيه : عادت لغة الصواريخ
إيلي الحاج من بيروت: ساد القلق اللبنانيين العاديين والسياسيين على السواء إثر شيوع نبأ الخرق الأخطر من جانبي الحدود للقرار 1701 الذي أوقف حرب صيف 2006 . قبل هذا التطوّر كان شاع نوع من الإطمئنان ارتكز على إعلان الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيّد حسن نصرالله في أول أيام عاشوراء أن فتح جبهتين على إسرائيل لا يفيد غزة وأهلها ولا سيما quot;حماسquot; لأن الجيش الإسرائيلي معروف بقدرته على القتال على جبهتين. إطمئنان ما لبث أن تبدد بفعل لهجة مغايرة تماماً في اليوم العاشر والأخير من عاشوراء عندما سحب السيّد حسن كلامه quot;المطمئنquot; مهاجماً ساسة لبنانيين بالقول : quot;لا يجوز طمأنة إسرائيل إلى أن جبهتها الشمالية ستظل هادئةquot; فيما غزة تتعرض للذبح.
ومع صعوبة التكهن بحسابات السيّد نصرالله وفريقه في قيادة quot;حزب اللهquot; بين أول أيام عاشوراء والعاشر منها- وإن كان يمكن التأكيد أن المسألة ترتبط بصعوبة موقف quot;حماسquot; في غزة وبرغبة مشتركة إيرانية سورية quot;حمساويةquot; في إسقاط المبادرة المصرية لوقف النار- يُستنتج بيُسر من مراجعة المعلومات المعلنة وغير المعلنة أن الحزب غيّر رأيه وقرر التحرك وإن تحت ستار فصيل فلسطيني ما ، يُرجح أنه quot;الجبهة الشعبية ndash; القيادة العامةquot; التي تأتمر بأوامر دمشق. ومرد اليقين بتحريك الحزب لهذا الفصيل أو ربما السماح له بالتحرك على هذا النحو أن المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ تخضع لرقابة شديدة يستحيل معها أن يمر بها غرباء ويتوغلوا فيها من دون سؤالهم عمن يكونون وما هي غاياتهم ومقاصدهم . فكيف إذا كان الأمر يتعلق بنقل صواريخ وتجهيزها وإطلاقها على الأراضي الإسرائيلية؟
الواقع أنها الرسالة الصاروخية الثانية تتلقاها إسرائيل من وراء الحدود اللبنانية خلال ايام . الأولى كانت قبل اندلاع حرب غزة مع الإعلان عن اكتشاف ثمانية صواريخ موجهة إلى الجليل، وبدا واضحاً وقتها وُضعت لتُكشف، والثانية ردت عليها إسرائيل بالمثل وكانت كافية لتظهر خلال ساعات قوافل منتقلين من قراهم وبلداتهم في الجنوب، وإن بأعداد محدودة اقتصرت على من يملكون منازل في بيروت والضاحية الجنوبية، فضلاً عن تهافت مفاجئ على سفارات دول أفريقية لطلب تأشيرات، بينما كان صندوق المهجرين- للمصادفة- يصدر بياناً يدعو متضررين من حرب quot;حزب اللهquot; وإسرائيل في تموز/ يوليو 2006 إلى تسلم شيكات تعويضات عن منازلهم ومتاجرهم ومصالحهم المدمرة.
وتوحي الظروف التي واكبت هذا التطور العسكري أن الطرفين المعنيين على quot;تناغمquot; واضح معلوماتياً. فقبل يوم واحد كتبت صحيفة quot;هآرتسquot; نقلاً عن quot;مسؤول سياسي إسرائيلي رفيعquot; أن quot;المخاوف ( في إسرائيل) تزايدت اخيرا من إقدام ناشطين من quot;الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامةquot; على إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه البلدات في شمال إسرائيل. واضاف المسؤول الإسرائيلي أن quot;القيادة العامة تنشط في لبنان في ظل رعاية حزب اللهquot;، وأن quot;الحزب ينوي إظهار التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة من طريق القيادة العامةquot;، مذكرا بالتحذيرات التي كانت الأجهزة الأمنية قد أطلقتها حول خشيتها من أن quot;حزب اللهquot; قد يقوم بالرد على اغتيال القائد العسكري والأمني للحزب عماد مغنية، خصوصاً مع اقتراب ذكراه السنوية الأولى في 13 شباط / فبراير، وأنها تخشى أن تؤدي الحرب على غزة إلى تعجيل رد quot;حزب اللهquot; على اغتيال مغنيةquot;. وتابعت: quot;في ظل هذه المخاوف، رفعت حال التأهب على الحدود الشمالية، وتم تجنيد عدد كبير من جنود الاحتياط لتعزيز القوات العسكرية العاملة بأمرة قيادة الشمالquot;.
والمفارقة أن لبنان الرسمي في ظل هذه التطورات يبدو أعجز ما يكون. فبعد quot;اكتشافquot; الصواريخ الثمانية زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومعه
وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي المنطقة الحدودية ، وأكد سليمان أن quot;جنوب لبنان لن يكون منصة لإطلاق الصواريخquot; . وهرع قائد القوة الدولية الجنرال الإيطالي كلاوديو غراتيسانو الى البقعة التي quot;عثرquot; فيها على تلك الصواريخ للإطلاع ميدانياً على الوضع .
أما الموقف الأغرب فصدر عن quot;حزب الله quot;الذي اعتبر أمينه العام السيد حسن أن تلك الصواريخquot; مشبوهةquot;.
لكن ذلك كان في أول أيام عاشوراء. أما في آخر أيام عاشوراء وما بعدها فيبدو حسب إعلام quot;حزب اللهquot; وأجواء قيادته وأنصاره أنها صواريخ quot;وطنيةquot; لا غبار عليها ولا شبهة. وإن كانت لا علاقة لها بسلاح الحزب الذي عادت إليه صفة quot;القداسةquot; في الإستهلاك السياسي الداخلي.
وأما اللبنانيون العاديون من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال فليس على ألسنتهم وفي أذهانهم سوى سؤال وحيد: هل ستقع الحرب مجدداً؟
-ليس غداً ، ولكن إذا تكررت quot;الرسائل الصاروخيةquot; المجهولة- المعلومة المصدر عبر الحدود إلى إسرائيل، فبعد أيام ... بالتأكيد.
والأفضل في هذه الحال أن يتوقف صندوق المهجرين عن دفع التعويضات موقتاً لإجراء جردة شاملة .