محمد الحمامصي من القاهرة: ليس دفاعا عن جائزة ما، أو كاتب أو كاتبة حصل على جائزة ما، أو لجنة تحكيم جائزة ما، ولكن الأمر فرض نفسه، فعلى مدار سنوات طويلة من العمل بالحقل الثقافي المصري خاصة والعربي عامة، لا تمر أوقات منح الجوائز سواء كانت تلك الجوائز تمنحها الدولة، أو تمنحها مؤسسات خاصة، أو يمنحها أشخاص ذوي حيثية، إلا وتخرج الطعون والشكوك والاتهامات، نقضي فترة لا بأس بها نعالج قضايا السب والقذف لهذه الجائزة أو تلك، أو لهذا أو ذاك ممن حصلوا عليها، وقائع كثيرة لا تحصى في تاريخ جوائزنا العربية، على الرغم من أن كل تلك الجوائز لم تخرج إلا منذ ما يقرب من نصف قرن حين أنشأت الدولة المصرية جوائزها في العلوم والآداب.
بالطبع هناك ما أثار حفيظتي لإجراء هذا التحقيق وطرح تساؤلات من قبيل (لماذا تظل جوائزنا عربيا ـ بيننا ـ محل شك وريبة وطعن وعدم مصداقية؟ لماذا دائما متهمة على مستوى لجانها التي تمنحها أو على مستوى الفائزين بها؟ لماذا دائما تطاردها الاتهامات بالفساد؟ هل في ذلك جلدا للذات أم حقدا دفينا داخل ثقافتنا لا نستطيع التخلص منه أم تراجعا في قيم الثقافة داخل الوسط الثقافي نفسه أم انهيارا للمصداقية الثقافية عامة؟).
ما أثار حفيظتي هو ما نشر حول جائزة البوكر العربية، وأن الرواية الفائزة بها قد قررت سلفا عبر لجنة التحكيم، الأمر الذي يعني أنه لا قيمة ومعنى للدخول في المنافسة، وأن كل من يعرف عضوا بارزا في أي من لجان الجوائز العربية يمكنه أن ينهي الأمر، وكفى الله المبدعين شر الإبداع والتنافس والانتظار، وبهذا المعنى فإن جوائزنا كلها محل شك وكل من حصل عليها وسوف يحصل عليها محل شك في إبداعه بالأساس، وأيضا كل لجان التحكيم الماضية والقادمة مشكوك في نزاهتها ومصدقيتها.
ليس هذا مصادرة لآراء من استطلعت آراءهم، والذين ربما تخلتف رؤيتهم للأمر جذريا، ولكن مجرد استفهام ضمن استفهامات طرحتها.

إبراهيم عبد المجيد
الكاتب الروائي إبراهيم عبد المجيد يرى أن كل الجوائز العربية فيها نسبة مجاملات، لكن ليس في ذلك مشكلة، لأننا نحن العرب نحب المجاملات، ويقول: لكن عندما تكون هناك جوائز معروفة نتائجها مسبقا، هنا تكون المشكلة، حيث يفضل إلغاء هذه الجوائز.
الجوائز في حد ذاتها نشاط ثقافي جميل لابد من الحرص عليه والدفاع عنه، لكن على المحكمين أن يراعوا ضمائرهم، فلا يكون هناك تربص بأناس واحتفاء بأناس لأسباب شخصية، صحيح أن هذا لن يحدث مرة واحدة، لكن أرجو أن يحدث. النقاد والمحكمون عموما يكونون في مكانة وموقع أعلى من الجميع ولا يحتاجون للنزول من مكانتهم لأي سبب شخصي، هنا مسألة ضمائر وأعتقد أنه ليس من الصعب عليهم تحكيم ضمائرهم.
ويؤكد إبراهميم عبد المجيد أن الأمر ليس طعنا في جائزة أو مبدع لأنه عندما يكون الفائز أفضل من الآخرين في هذه المناسبة بالذات الجميع يسكتون.

تشابه الهياكل السياسية والثقافية

عبد المنعم رمضان

ويقول الشاعر عبد المنعم رمضان: أميل لفكرة الهياكل الأنظمة السياسية التي نتهمها دائما بالاستبداد نحن هياكل وأنظمة ثقافية على غرارها، انظر مثلا فكرة التوريث في مصر وكيف يجوز لنا أن ندين هذه الفكرة سياسيا ثم انتقل ببصرك بهدوء شديد إلى ميدان الثقافة ستجد أن المناصب الرئاسية الكبرى تخضع لمبادئ التوريث، في السياسة التوريث للابن المباشر، في الثقافة لابن تختاره أنت لإرثك.
هذا التشابه الكامل بين الهياكل الثقافية والسياسية يجعل جوائزنا مشكوك فيها، كلنا متفقون على أن محمود درويش كان يستحق جائزة مؤتمر الشعر الثاني، كلنا متفقون على ذلك، لكن كان هناك أيضا شعراء آخرون على الدرجة ذاتها من الاستحقاق، إلا أن السيد أمين المجلس الأعلى وقتها عندما اعتذر له محمود درويش عن الحضور اتصل به وأبلغه أن يأتي وسوف نمنحك الجائزة، وكأنه لا توجد لجنة تحكيم وكأن أعضاء لجنة التحكيم مجرد أدوات لتنفيذ رغبة الرئيس، هذا الأمر تكرر كثيرا مما يجعلنا نرتاب في جوائزنا.
ستكتشف أن النقاد المحترمين لا يشاركون في مثل هذه اللجان، مثلا لم نضبط خالدة سعيد أو عبد الفتاح كليطو في مثل تلك اللجان التي تنفذ رغبات الجهات مانحة الجوائز.
دعني أسألك سؤالا مباشرا لا أريد النيل منه من أحد ولكنه سؤال يمر على ألسنة الجميع ويمتنعون عن النطق به: هل يمكن لشخص اسمه طالب الرفاعي أن يكون رئيسا للجنة أية لجنة؟ هذا أمر يثير الريبة، أضيف أيضا ما يتردد ولا يقال إن أعضاء لجان التحكيم في الماضي كانوا يحصلون على أجر مقابل عملهم، الآن يبدو وكأنهم يدفعون مقابل أن يكونوا أعضاء والدفع له أشكال عديدة أن تكون كويتيا تستطيع أن تستضيف هذا وذاك أو نبيلا أو أميرا أو تكون صغيرا حتى أنك تنفذ فقط ما يطلب منك وهذا حال اللجان التي تثير الريبة.

فتنة تقديس الذات

أ.د.رمضان بسطاويسي
الناقد الكبير أ.د.رمضان بسطاويسي محمد، يقول: إن المأمول أن يكون للجوائز العربية أثر إيجابي علي الحركة الأدبية العربية، لأن الأدباء في حاجة إلي مثل هذا التشجيع، ويدل علي هذا كثرة عدد من يتقدموا لهذه الجوائز، فهناك جوائز عربية كثيرة بالفعل في مجال الأدب، وهذا ليس معناه أن الأديب العربي قد أخذ حقه، لكن يأخذ الأديب حقه حينما يغير المجتمع العربي نظرته للثقافة بوجه عام، وليس إلي الأدب فقط بل للثقافة الشاملة كالفن التشكيلي والأدب والموسيقي و العلم، وعندما يعلي من قيمة الثقافة لن أقول بدلا من الترفيه، ولكن علي الأقل إلي جانب الترفيه والرياضة، لكن الحقيقة أن الثقافة مازالت تحتل مكانا هامشيا جدا في اهتمامات العامةrlm;.rlm;
إن العقليةُ التي تُدَبّر بها الجوائزُ الثقافية، هي ذات العقلية التي تُدبّر بها السياسة، التي استطاعتْ أنْ تنقلَ عدواها بنجاح إلى الحقل الثقافي، وحوَلتْ كثيرا من المُثَقفين إلى مشاريع لخدمة جهة معينة ولعل ردود الفعل التي أعقبتْ اعتذار الكاتب صنع الله إبراهيم و الكاتب الإسباني الكبير، خوان غويتسولو، عن قبول جائزة عالمية للأدب، تكشف عن وجه من وجوه هذا التدبير السياسي، الذي يريدُ أن يطوّق عنق المثقف بسلسلة ّذهبية غليظة، وحتي يسمع منه غير عبارات الحمد والشكر والامتنان. صنع الله ابراهيم و غويتسولو، انسجاما مع قناعاتهما، رفضا السلسلة الذهبية المُهيَّأة، ورفضا معها الدخول في مؤامرة الصمت.
لم يعد بعضُ المثقفين العرب يبتلعون فقط ألسنتهم أمام الأهوال السياسية، التي تقع، كل حين، في بلدانهم، بل أصبحتْ لديهم رغبة جدية أيضا في ابتلاع كل شئ، وذلك حتى يتأتى لهم الاستمرار في الفوز بالجوائز، دونما تشويش أو وخزة ضمير من أحد، من هنا أصبح التهييؤ للجوائز العربية، مثل التحضير للإنتخابات.
ويضيف د.بسطاويسي: تثير الجوائز العربية فتنة. فتنة تقديس الذات لدي بعض الكتاب لدرجة تأليه الذات، و البعض الآخر يدخل في مرحلة من الغيبوبة و العمي دون أن ينتبه لما يدور في الكواليس لهذه الجوائز، فهو قد صدق نفسه أنه أفضل الكتاب و الجائزة تؤكد هذا المعني.
ولكن وأهمية الجوائز تأتي من خلال مصداقية مانحيها، فقيمة الجائزة المادية تأتي بعد القيمة المعنوية.والجائزة لمبدع ما في نهاية مشواره الكتابي، هي تتويج وتقدير وتكريم للإبداع، والدول التي تحتفي وتكرم مبدعيها وفق معايير معينة، حتما تسهم في خلق فضاء حقيقي للأجيال المقبلة.إن الثقافة العربية هي جزء من السلطات والأنظمة العربية لذلك تكون الجوائز ومعاييرها بحسب البلد الذي تكون فيه، وفي عالمنا العربي كثير من هذه الجوائز من شرقه حتى غربه، فكل دولة لها جوائزها ومبدعوها أيضا وفق شروطها وتوجهاتها، وتمنح في الغالب للذين ينضوون تحت تلك الشروط، ويخرج منها من لا يتسق معها، فكم من مبدعين كبار في بلدانهم لا يجدون التكريم والجوائز،والجوائز العامة أو المتخصصة قيمة لا ينكرها أحد في بناء المجتمع، لأن المجتمع المتقدم أو النامي يحتاج إلى التركيز على النجاح والتميز، ويحتاج إلى آليات لتحقيق ذلك، والجوائز هي إحدى تلك الآليات. كثير من الجوائز أسهمت في تطوير قطاعات بعينها، فكما أسهمت جائزة بوليتزر في تطوير الصحافة، وأسهمت جائزة أوسكار في تطوير صناعة السينما، فإن جوائز أخرى أقل شهرة وأكثر تخصصا أو أكثر محلية صنعت الأمر نفسه.
و إذا تأملنا سيناريو طقوس الجوائز فإن أول ما تطرح الجائزة يتم الحديث عن الثقافة والإبداع وعن الحياد وشرف التحيكم، ويتم تشكيل لجنة تفشي اسرار العمل وتبدأ الواسطات والضغوطات ويتم تخريب الهدف والعملية برمتها، أنا اعرف ان بعض الجوائز العربية منحت مناصفة نتيجة ضغط عضو لجنة تحكيم، وكثير من الجوائز تتم وفق نظام الترضية فهذه السنة لهذا البلد والسنة التالية للبلد الفلاني وهكذا حتى يتم ارضاء اعضاء الجائزة، وبقية الاقطار العربية و لكن في الغرب يظهر لك اسم روائي او روائية هندية او باكستانية او امريكي لاتيني أو اوروبي لم تسمع به من قبل والجوائز عموما تمنح للنص وليس للشخص اما لدينا فالعكس صحيح تمنح الجائزة لاسم الكاتب وليس للعمل الذي تقدم به.
ويرى د. بسطاويسي أن السبب في وصول الجوائز العربية لما آلت إليه هو أنه في غياب النقد الجاد في العالم العربي تبقى هذه لجان تحكيم هذه الجوائز إحدى معايير النص ومن تجربة خاصة أمكنني الوقوف على الكثير من الإيجابيات والسلبيات التي تتدخل في التأثير في الحصول علي الجوائز الأدبية محليا وعربيا فنظرة لجنة ما لنص معين تختلف عن سواها لدى لجنة أخرى لنفس النص بل هناك جوائز تحتفي بنصوص بنصوص معينة علي حساب نصوص أخري، و سيأتي يوم تنكشف كل هذه الأبعاد الخفية و تظهر الأسماء الحقيقية التي تستحق التكريم و التقدير ليكون الاحتفاء بالإبداع هو احتفاء بالحياة وكل نظام لا يقدر الحياة لا يعرف معنى الإبداعbull;

تجربة شخصية

السيد نجم

القاص والروائي السيد نجم: حول الجوائز لن أصدر حكما، سوف أكتفي بسرد تجربة خاصة تعرضت لها منذ سنوات قريبة تقدمت لنيل جائزة الدولة فى أدب الطفل.. كان شرط التقدم للجائزة في تلك السنة، ضرورة أن يتجه العمل القصصي في اتجاه التعبير عن معطيات العلم، أو في مجال الخيال العلمي.
تقدمت بكتاب quot;روبوت سعيد جداquot; وقد علمت ما دار من نقاش حول المجموعة وحولي، فقد كانت المجموعة القصصية الأقرب الى الترشيح إلا أن بعض أعضاء اللجنة طلبوا معرفة المزيد عن شخصي الضعيف.. فلما قال أحد الأعضاء ما يعرفه عنى
وأننى درست العلوم الطبية أو دراستي الأكاديمية علمية، وأمارس الإبداع منذ أكثر من ثلاثين سنة، وحاصل على ليسانس الآداب أيضا، ولى عشرة كتب إبداعية فى مجال أدب الطفل
اعترضت جماعة منهم بما أذهلني، فقد قال أحدهم ووافقه البعض الآخر:
quot;آه، تريدون بروزته (أي يقصد بروزتى)!! ولن أضيف الجملة الأخرى.. ولن أعلق بأكثر مما قلت.. ورفضوا إعطائي الجائزة، بل وحجبت فى تلك السنة، ولم يحصل عليها أحد.

المثقف والسلطة

سحر الموجي

الكاتبة الروائية سحر الموجي: لقد دأبت سياسات الحكومات المصرية المتتالية في فترة ما بعد الثورة على تدجين المثقف/ الكاتب المصري، فإن كان معارضا فهو مطارد ومنبوذ من جنة الثقافة الرسمية المصرية. وتتعارض تلك السياسات مع تعريف المثقف الذي يطرحه إدوارد سعيد بوضوح في كتابة quot;المثقف والسلطةquot; حيث يؤكد مرارا أن المثقف هو الهامشي (في العلاقة مع الثقافة التي ينتمي إليها)، إنه مقلق ومخلخل للصفو العام. المثقف هو من يعمل في خدمة الحقيقة وليس في بلاط السلطان.
وبسبب الكراهية الدفينة التي تحملها مؤسسات الثقافة الرسمية لكل معارض ومقلق ومخلخل للصفو العام فقد دأبت تلك المؤسسات على تدليل من هم في صفها وليسوا من المعارضة. إنه تاريخ طويل ومؤلم من تدليل مثقفي السلطة ونبذ المقلقين المخلخلين للصفو العام، لكنه لا يعني على الإطلاق أن كل من حصلوا على جوائز الدولة كانوا من المدجنين فللسياسة ألعابها التي لا تعلن عنها بوضوح. لكن تلك الألعاب السياسية نتج عنها شك المثقف في الجوائز التي كانت محملة دوما برسائل وخطط سياسية.
لكن لا يمكننا إدانة سياسات الثقافة وحدها وإعفاء المثقفين من تهمة البارانويا، أي تضخيم الشك وفرد تهمة العمالة أو التواطؤ على كل من حصلوا على جوائز والتشكيك في لجان الجوائز. أحيانا يلجأ الكاتب لإلقاء تبعة عدم الإنجاز وقلة التحقق على تلك السياسات. الأضعف هو من يلجأ دوما إلى نظرية المؤامرة وهو ما يحدث كثيرا، إذ ببساطة لا يمكن التعامل مع كل الجوائز على أنها كتلة واحدة من حيث هدفها وخططها ولجانها.
لكن الواقع الحالي هو نتاج تاريخ طويل من الشكوك وعدم الثقة وفي اعتقادي أن الأمر سيظل هكذا طالما أن المانح (الطرف الأقوى) هو السياسة الرسمية لدول تتسم بالديكتاتورية وكراهية المعارضة. الخروج من المأزق يتضمن دخول مؤسسات المجتمع المدني المستقلة إلى الحقل الثقافي.

اعتياد مظاهر الفساد

نورا أمين

الكاتبة نورا أمين: أعتقد أن الناس بسبب اعتيادهم على مظاهر الفساد.. بشكل عام أصبحوا يتوقعون أ، كل شىء فاسد و هكذا قرارات لجان التحكيم. من ناحية أخرى ليست هناك روح للمنافسة الشريفة و قبول الهزيمة إذن فلابد لمن لم بفز أن يفقد الفائز مصداقيته لكى يلغى شرف الجائزة. و يمكننا أن نلحظ ببساطة أن حتى من يفز لابد له أن يخوض حروبا للرد على الاتهامات والدفاع عن نفسه بدلا من أن يستمتع بحلاوة الفوز. و لا يمنع ذلك أن هناك جوائز أحيانا تشوبها بعض الشوائب لكن فى تلك الأحيان يكون الجميع واثقا ممن يستحق الفوز و يكون المستحق نفسه و لو لم يفز راضيا لأنه في الحقيقة لا يحتاج إلى جائزة من ذلك النوع.

حالة ارتياب

بسمة الخطيب

القاصة بسمة الخطيب: شخصياً أرتاب من الجوائز العربية، بعدما واكبت مسار عدد منها والفصول المسرحية التي تمرّ بها، المشكلة ليست في الجائزة نفسها بل في سلوكيات وأخلاقيات الوسط الثقافي العربي، انه نسخة مصغرة عن المجتمع العربي ككل بعيوبه وفساده تتخلله بالطبع بعض بوارق الأمل ويمرّ به قليل من المثقفين المرموقين ثقافة وخلقاً ونزاهة وهم نادرون، وغالبا ما نجد هؤلاء ينسحبون من المسابقات بعد أن يلمسوا بأنفسهم عدم نزاهتها وكثير منهم لا يرضون الانخراط في دوامتها منذ تلقي العرض الأول لاشتراكهم في لجانها. شهدنا هذا في كثير من الفعاليات مؤخرا.لا أستطيع إعطاء أمثلة لأنني سأتهم بالغيرة ممن فازوا أو الحقد عليهم، وهذه آفة أخرى في الوسط التنافسي الثقافي، فمن الصعب أن تنتقد أحدا أو شيئاً من دون ان يرجعه الآخرون الى أسباب شخصية وذلك لأن هذا هو العرف المتبع، فالجميع يخلطون الشخصي بالعام، لذلك غالباً أفضل الاحتفاظ بآرائي وأهوائي وملاحظاتي لنفسي.. بالتأكيد هناك أزمة مصداقية ونزاهة زترفع عن المصالح الشخصية والمحاصصات.

معايير يختلف الناس حولها

نجاة علي

الشاعرة نجاة علي: أعتقد أن الكاتب ينبغي ألا يشغل نفسه بمسألة الجوائز، أنا أمتلك تصورا ربما يبدو مثاليا عن الطريقة التي ينبغي أن يفكر بها الكاتب، فالكاتب ينبغي أن يكون مثل الصوفي في علاقته بالكتابة،لا ينتظر منها شيئا،حتى لا يحبط سريعا ويسقط في منتصف الطريق وحتى يأتي عمله خالصا لوجه الفن.
بالتأكيد الجوائز تكتسب قيمتها من الأسماء التي تحصل عليها، وفي ظنى أنها اعتراف جميل وحميم وتقدير للكاتب الذي يحتاج في ظل ظروفنا الصعبة لان يشعر بان هناك من يقدره، والى الدعم المادي أحيانا لان كثيرا من الكتاب ينفقون على الكتابة ولا يربحون منها، وبعضهم تضطره الظروف للعمل في بعض المهن التي لاتتيح له وقتا كافيا للكتابة والقراءة،فتأتي الجوائز لتعين الكاتب على ظروف الحياة الصعبة والتفرغ للكتابة.
أعتقد ان الجوائز في كل العالم لها معايير يختلف الناس أحيانا حولها وفي عالمنا العربي، تزداد بطبيعة الحال الأمور تعقيدا،ربما لأننا اعتدنا الفساد في كل شيء،فلم نعد نصدق أن هناك شيئا نظيفا و أن الجوائز تذهب في الغالب إلى من يستحقها بل من أجل المجاملات،وربما تزداد الامور لغطا ان كان من بين هيئة التحكيم من هم تطولهم الاتهامات دائما بالفساد الثقافي والسمسرة وتمتد الشبهات للفائزين حتى لو كانوا كتابا محترمين ويستحقون الجائزة،وهو ظلم كبير لان هناك أشخاصا لا يسعون للجوائز ويجدون أنفسهم متهمين فجأة وقد يحدث اللغط كثيرا بسبب تصفية الحسابات التي يقوم بها بعض الكتاب تجاه من يرون أنهم أجدر منه،وفي الغالب الانتقاد لا يكون موضوعيا للجائزة.
أعتقد كلما كانت لجنة التحكيم محترمة ونزيهة كلما كانت الجائزة ذات مصداقية وتجعل الكاتب يشعر بالفخر لانه نال هذه الجائزة،أنا شخصيا فرحت بالجائزتين اللتين نلتهما هذا العام وهما:جائزة طنجة والتي رشحوني في المغرب لها دون معرفة شخصية وبناء على قراءتهم لشعري
والجائزة الثانية:بيروت 39 وهي لاختيار افضل الكتاب العرب تحت سن 39 عاما، وقد فرحت بالجائزتين رغم انهما كانتا جائزتين تقومان على التقدير المعنوي المادي.