إلى الحالمين بالسلام في زمن الحرب، وبالحياة في زمن الموت، وبالأغنيات في زمن السكوت.

الآن: أبحث عن فمي لأقولني:
لا شيء أسوأ من رصاصة قاتل عَلقت بكاتم صوتها / فتفجرت في نفسها...
لا شيء أسوأ من حنين صامتٍ فينا يدق دموعهُ قمحا ليصنع من جروح الروح خبزا يطعم الغرباء منهُ.
لا شيء أسوأ من بقائك في السكوت البائس
لما السّماء تصير غيما غاضبا متورّم العينين يمطرنا بماء النار والكلمات.

الآن: أبحث عن فمي لأقولني:
بعض الحديث خناجر في لحمنا
والبعض منه ضمادة الجرحى الذين (تنازفوا) فوق الميادين التي غصّت إذ ابتلعت حشود البحث عن وطن جميلٍ داسه الظلم القبيحُ لأنّنَا...
في الصّمت نأكل بعضنا / أوجاعنا/ أيامنا / أحلامنا...
في الحلم ننظر للموائد في القصور وندعي أنّا شبعنا من صحون ملؤها رملٌ تبقى من جفاف الأمنياتِ ...

الآن: أبحث عن فمي لأقولني:
فأنا حنينٌ ميتٌ من قبل أن يَحيا - كثيرا أو قليلا لست أدري- ربعُ قرنٍ أرسم الأنفاسَ من خلف الزجاجِ على مرايا تعكس الموتى بوجهي في العيون المتعباتِ... سائرين بلا اتجاهٍ في امتداد النافذاتِ...
أعكس الموتى .../ وقلبي .../ والمدائن في الظلامِ ..../ الـ لا تضيء بصمتنا ...
لكن تضيء - إذا أردنا- بالكلامِ...
تضيء إن قلنا الحقيقة كلها من دون تزييف وتحريف وتخريفٍ /
بلا خوفٍ من الذئب الموارب خلف بابٍ في الأزقةِ/ أو من الغول القديم الـ يأكل الأطفال إن غفلت جفون الأمهاتِ.

الآن: أبحث عن فمي لأقولني:
/ أطفالُ حزنٍ جائعون بلا حليبٍ/ أمهات حائراتٌ/
عابرون بلا انتباهٍ/ ضائعون مع المنافي / واقفون بلا جلوسٍ / جالسون بلا ارتياح ... راجفون مع الرياح /
الميتون بلا قبور/ منتمون بلا جذور/ القادمون من الجحيم / الخارجون من النعيم /
الآملون اليائسون/ العاشقون الكارهون/ الضاحكون النازفون / العائدون الذاهبون/ الساهرون النائمون /
المفلسون الـ يحسبونَ رغيف خبز نعمة ً كبرى عليهم / إن أتى فصل السنابل في بلادي... يكتفون بما تبقى من فتاتِ.
الآن أبحثُ عن فمي لأقولني...
لأقولهم ...
لابد أني رغم هذا الصمت لي صوتٌ... ولكنّي: (نسيتُ مكانهُ!)