بغداد: ليس من الصعب البكاء بين يدي الازمنة الجاحدة او الملوثة، ولكن ليس من السهل ان يرتفع صوت محتج غاضب ضد سلوكيات مستهجنة، فالصمت يسود والسكوت يترامى ليخيّم وينثر التناسي ليمر الحدث متلفعا بالظلمة الى هوة سحيقة ويمحى من ذاكرة الناس والوطن.
&&& صار.. من الصعب النظر الى دماء نساء تطايرت من حولهن كلمات تندد بهن وتصفهن بصفات يقف النفاق امامها ويحتويها بذراعيه فتشرئب اعناق الحياء مثل اعناق الابل فتصرخ، لا احد ينظر الى الدماء على انها دماء بل يرونها مياه آسنة حمراء انسكبت من اجساد غير طاهرة، اجساد من طين احمق مليء بالشوائب مستورد من مستنقع تنام في اعماقه الطحالب ويتنفس روائح الرذيلة، وهذه الدماء ليست سوى وساوس الشيطان اندلقت لتنذر الجميع ان كينونة الانسان محض هراء.
&&& وسط الصمت المطبق، الشعبي والحكومي، ووسط القسوة الباذخة التي رسمتها الصور على اجساد النساء القتيلات في منطقة زيونة ببغداد وسط حيرة عارمة لعدم ثبوت الحجة الحقيقية وراء هذه الابادة الجماعية لاكثر من 30 امرأة، انبرت الشاعرة كولالة نوري لتحتج ولتصرخ ولتعلن موقفا واضحا ونثرت وجعها اضواء ساطعة ركزتها على تلك الاجساد التي فارقتها ارواحها،غدرا وقسرا، وبقيت متهالكة هامدة تتناثر على ارجائها الدماء، صرخة كولالة الغاضبة تمخضت عن قصيدة احتجاج اسمتها (القوّادون يخلعون باب القدَّيسات) وقدمت لها بالقول (احتجاج غير مجد على جريمة الملثمين المفخّخين بالسواد والكبت في اغتيالهم لضحايا الفساد والسرقات (ضحايا زيونة ) في دولة غنية مثل العراق).
النص يستجمع آهات وتأوهات وهواجس وتوجسات اولئك النساء وهن يتعرضن لغدر فقط لانهن كن هناك،النص يرتجف بحكايات النسوة اللواتي لا يجدن مبررا لقتلهن في دولة ما زال الناس فيها حائرين على اي دستور يستندون.
الشاعرة كولالة.. وضعت لنصها عنوانا جريئا وهو (القوّادون يخلعون باب القدَّيسات)، في مفارقة فاضحة تصدم القاريء العادي الذي ربما اجهد نفسه في الاختباء لكي لا يرى تلك الدماء المسالة ولا يتأمل قطراتها بشيء من الانسانية بل ترتفع في رأسه لافتة عريضة تغطي عينيه وتسد نوافذ عقله وقلبه مكتوب عليها انهن (مومسات) كأن هذه الكلمة تجعله يتحسس بغباء معتق ما قاله المتنبي (لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى، حتى يراق على جوانبه الدم).
&
& قالت كولالة: ضحايا زيونة عارنا كلنا رجالا ونساءا.. مثقفين وغير مثقفين انهن منا واعراضنا كان عليهم قتل الاسباب لا النتائج قتل الفساد والرشاوي والتحرشات الجنسية، هذه الجريمة كارثة انسانية للنساء العراقيات (بعيدا عن الاسماء) لسبب بسيط لان العراق بلد غني جدا كل هذه الاموال والثروات والنساء العراقيات جائعات وابواب الرزق مقفلة في وجوههن، اي كفر هذا ؟...كارثة ولا ادري كيف لا يستحي ولي الامر (اي ولي امر كان) ابتداءا من راس السلطة وحتى اصغر مسؤول اغلق الابواب والارزاق بوجوههن.
&& واضافت: مرة عملت تقرير صحفي مع العاملات في بيع الهوى كلهن دوون استثناء كان لهن احلام جميلة في مجتمع مدني يؤسسن عوائل وينجبن ويسعدن عوائلهن...لكن كما ترى بعض نساءنا قد جبلهن الحكم الفاسد على العويل والضياع
&& وعن نصها التي كتبته، قالت: انه نَصّ احتجاج كتبته على جريمة قتل ضحايا الفساد المالي والسياسي وفشل ادارة المجتمع لتحقيق رفاهية العراقيين (. النساء الضحايا في منطقة زيونة في بغداد ) هن رمز للكارثة الهائلة التي دفعت نساء العراق الثري داخل العراق الى عمل صعب ومؤذ لاجسادهن وارواحهن وسمعتهن في مجتمع متخلف. بكل بساطة لان الراعي غير مسؤول عن رعيته من نساء العراق (بنات الشهداء والمفقودين والجثث المجهولة الهوية في دجلة والفرات ) بل مشغول باعداد العدة للولايات وحماية الفاسدين لاموال العراق.صلواتي لارواحكن بالرحمة انتن شهيدات بفتوى الانسانية،ولقاءكن يسير مع خالقكن وبامكانكن ان توصلن اصواتنا له ايضا.


كولالة نوري:&القوّادون يخلعون باب القدَّيسات


-احتجاج غير مجد على جريمة الملثمين المفخّخين بالسواد والكبت في اغتيالهم لضحايا الفساد والسرقات(ضحايا زيونة ) في دولة غنية مثل العراق -
(القديسة رقم 1):
تقول لطارقها "لا افتح الباب
إلا لذي شرف لا يخجل من وجهه أمامنا ولا تحت السماء،
السماء التي تكتمون صوتها،وتغلقون في وجهنا اناشيد النجاة "
يخلع القواد الملثّم باب القدّيسة
ويرى عذراء الروح تلك
فينتصب قضيب حقده نحو دماءها.
(القديسة 2):
تتذكر القديسة طفولتها
وهي تًترك وحيدة مع رأس والدها المقطوع.
تصرخ القديسة
تتذكّر شوارع بغداد وتستعجل التذكر
كي تصل لشارع السلطان وهو يمد لها خارطة هذا المصير.
تدقّق التذكّر كي تحفر المشهد في نطقها
و تردد امام القواد "اشهد الّا مجرم الا السلطان واشهد انكم عبيده وعبيد الشيطان".
( القديسة 3):
لا تصدّق الدماء أمامها
تلتفت بكامل جمالها نحو السماء
" لقد استعجلتَ عيدك الهي..وربما تهتَ بين التقاويم القمرية
ففي العراق
لا شمس لدينا كي تنير القمر في ظلامنا
انه عيد رمضانك وليس أضحاك "
يلتقط القوّاد الملثم صلاتها
يركعها على الدماء لتتوضّا بضوء الطلقة.
(القديسة 4):
تركض نحو اللااتجاه
ربما نحو باب ما او شبح رجل ما غزاها اول مرة
تركض طويلا في تاريخ جوعها الطويل وحنقها الطويل
تركض لتسقط بين باب غرفة لا يغلق و كاتم رحمة لقواد ملثم كالح السواد.
(القديسة 5):
تتذكر صوتها الرخيم القديم"غريبة من بعد عينج يا يمَا"
تنسى صوتها الرخيم..خرساء الا من عينين لا ترمشان،
وهي ترى الخفافيش من شق باب الحمّام
يشحذ القوّاد كبته لاعقا جسدها في رأسه،
حين يصل ذروته
يخنق للابد هديل اليمام.
&