"الى (نون) عاشقة ما وراء البحار"

السيّدة تاءُ التأنيث الساخنة
تجلسُ جوار موقدها في بلاد الثلج
يتعالى بخارُ كوبِ قهوتها
وهو في غرفته الخانقة
ببلاد الوَيلات الفائضة&
يترقّبُ دخان سيجارته
&يغازلُ احدهما الاخر
حدّ عناق الدخان بالبخار
غريبين أرضا يتلاصقان معا
مثل جذوةِ نارٍ وأزيزِها
يتبادلان القُبلَ من وراء زجاج
أنفاسُهما بلا شهيقٍ ، أو زفير
&غريبين في بحبوحة الهواء
يُومئان ويلوِّحان معا
كطقوسِ رِحْلةِ وداعٍ في محطّةٍ مكتظّة
نفايات الثرثرة الغراميّة تُجمعُ أوّل الليل
وتُرمى في خانة& "التراش" كحاويةِ قمامة كلام
هي وأكوام الشهوة الباحثة عن جسدٍ يحتويها
تتراءى في مرآةِ شاشةٍ ممنوعة اللمس
مثل ابتسامات تغرّدُ على شفاهٍ هلامية
عيونٌ من صدَفٍ صناعي تترقب مرأىً جميلا
أدمنت المعاينة بشراهة " السكوبوفيليا " (*)
أيادٍ تتصافح بلا حرارة ، بلا خدَرٍ
سوى تنمّلِ الاحاسيسِ في المخيّلة
حواسّ اللمس والشمّ والتذوّق
غادرتْهما لتقضي عطلتها الربيعية
في غرفِ النوم
في المباغي والمواخير الصاخبة
وهما وحدهما في غرفة الدردشة
تُبقيهما& مثل موميائين محنّطين
بقيَ السمعُ والبصَرُ ندامى لهما
يحكيان عشقا غرائبيا طائرا عبر الأثير
يتضاجعان بلا حراكِ الجْلْد
بلا دبقِ المسامات
بلا لسانٍ يمدّ عنقهُ فضولا
سيجيء جيلٌ ثانٍ من سفاحِ " الماسنجر "
وقبائل السبيّ من بقاع " سكايبي " وفروعهما
يعقُّهما ، هذان العذريان العاشقان
يبتلعان شهواتهما على مضض التنهّدات
وهي تنبعث من سمّاعةٍ ثرثارة
صُنِعتْ من جليدٍ لا يُرجِفُ جسدا
تتأوّه ، تتنهّدُ مثل صدْرٍ مسلول
صُنعتْ من جليدٍ لايرجف الجسد
وصورٌ ايروسية لم تصلْ
الى مكمن العناق والشدّ والجذب
ياهذا النبع الذي يُظمئ الريقَ والأوصال
ولايداري العاشقَين
تعال وابطش بجسديهما البعيدين
اسلخ رغباتهما وعلّقهما في أسارِ قلبيهما
ماؤك ليس سلسبيلا عذبا
سوى سرابٍ بمرأى ساحرٍ
وسطْحٍ يموجُ مثل قشعريرةٍ تغازل جِلْداً
كأسُك أيها السرابُ الوهم
ممتلئٌ بسمومِ الغياب
مهما حضرتَ قبالتي وروّيتني بحديثك
بَلّورُك عبر الشاشة لا يؤنس الأنامل
كخديعةِ عرّافٍ يضلِّل مريديه
كريستال وجهك ينهكُ العينين الماجنتين
فليفترسا احدهما الآخر
فبساط الاثير غادرٌ أيها العاشقان البعيدان
ولَمستُهُ موخزةٌ كقنافذَ خائفة&
وفرشتهُ ليست ناعمة الملمس
مثل هدايا ورقِ السيلوفان
كلٌّ يريدُ جسَدا يدعكُـهُ سحقا
يكبحُ جماحهُ الهائج
يتشهّى زماما يخنق رقَبتَيهما حتى تسيحَ عصارتهما
ساقا تلتفّ بهما كأفعى ارجوانية تعتصرهما
قبلةً جهنمية تُشعل الغابات اليانعة واليابسة&&
يا ذا الذّكُرُ المتلفّع بالدثار والزمهرير
ياعاشقةَ الزجاجِ وحَبّة المايك العالقة في أذنيك
لاتفرشي لوحة المفاتيحِ قبالتك
ابسطي شرشفكِ الأحمر القاني واسترخي عليه
كفّي ؛ فقد بردتْ قهوتُـك
خمدتْ نارُ موقدِك
نفدتْ سجائرُ معشوقك
واختفى دخانهُ مُنسلاًّ بين ثناياكِ
فلتفتحي نافذةً تتّسعُ لرياحٍ عابرة القارّات
تطردُ أدخنة الخناق
وأنتَ يا رهين غرف الدردشة
طِرْ بجناحِك الزاجل وتعلّق بحبل السماء
انْ أنهكَـكَ التحليق ، غَـنِّ بملءِ فمِك :
" كأنّـا خُلِقـنا لـلِّقـا وكأنما&&&&&& حلالٌ على الأيام أنْ نتجمَّعا " (*)

هوامش:
(*) السكوبوفيليا : شراهة النظر خلسةً بدوافع جنسية (بأبسط تعريفٍ لها )
(*) قلْبُ معنى بيت الشاعر الأمويّ الصمّة القشيري تماما
"كأنّا خلقنا للنوى وكأنّما&&&&&&& حرامٌ على الايام انْ نتجمّعا"
&
[email protected]
&