&

وصلت قبل الموعد لذلك المقهى رغم أنني لازلت أتذكر كيف حدد موعدنا على عجل وقلبه معلق على عقارب ساعته التي تتسابق من أجل الوصول إلى تلك اللحظة التي يسجل بها نجاحاً جديداً يزيد من حماسه للظهور مع أصحابه وهو يفاخر بطموحاته ويتباهى بإنجازاته, لا يهم .. المهم الآن أنني سوف أجلس على الطاولة التي طلب مني أن أجلس عليها , فإحدى مميزات الشخصيات الناجحة هي الدقة , جلست أنتظر صاحب الموعد و أنا أوزع نظراتي بين المارة وعقارب ساعتي التي تصر على الوقوف لكي يبقى له عذراً و أبقى أنا على قارعة الانتظار كعادتي .&
فقررت أن لا أنظر لتلك الساعة التي كان يفضل أن أخرج دونها حتى يطلبني وقتما يشاء ويتركني كلما طلبه عمله , واكتفيت بالنظر إلى وجوه المارة وخطواتهم التي تتقارب في بدايات العلاقة وتتباعد كلما تكاثرت المسؤوليات , ثم أخذت أبحث في رسم جديد كالدهشة التي تزين وجوه الأطفال المجتمعين حول الرجل الذي يبيع& ) بالونات(& على أشكال الشخصيات الكرتونية التي كنا نجتمع لمتابعتها خلف شاشة التلفاز , فخطفت بصري تلك الطفلة الصغيرة التي ترتدي فستان زهري قصير و شعرها الأشقر يتطاير ووالدتها تحاول أن تتبع خطواتها الصغيرة ثم دخل صوت ضحكاتها إلى قلبي واكتب جملته : مازال هناك وقت للفرح .
فتذكرت أليس هذا وجه العيد ؟ ولكن لمن جاء ؟ للفساتين الجديدة والقلوب الصغيرة و الأيادي البيضاء الجميلة التي يمدها الأطفال راغبين بمعايدتهم , أم هو للذين يجلسون بالساعات و الأيام بمحطات الانتظار آملين بموعد حقيقياً , آتياً بأمر الدولة من خلال إجازة رسمية تعفي عبدة العمل لكي يلتفتوا للجانب الآخر على الشاطئ الآخر و المنسي , ليتذكروا بأن هناك واجباُ منسياً سقط سهواً من جدول أعمالهم الممتلئ .
أم أن هذا العيد هو عيد الذين يبحثون عن الفرح ؟ كالذين يقفون حول شجرة الكريسماس ويكتفون بالتصوير أمامها , أو من يجعلون الأحداث الجميلة أعياداً و أفراحاً يشعلون بها الشموع بقلوب من حولهم , لا يهم , فمازالت رائحة الكعك دلالة على العيد و المراجيح وضحكات الاطفال و باب منزل جدتي المفتوح من بعد صوت آذان العيد كلها تعيدني إلى فرحتي الأولى , وأنا جالسة انتظر أن تنتهي أمي من تسريح شعري لأركض نحو أبي أطلب منه معايدتي , لم أكن أعرف معنى آخر للفرح فقد كانت الأفراح في حينها تأتي بوجه واحد .
لذا أفرغت قلبي من الأمل و تركت الانتظار على ذلك المقعد , وأخذت أتتبع خطوات الأطفال لأحصل على ذات الدهشة والفرحة فمازال هناك وقت للحياة ومازال هناك طريقة لاستقبال العيد .