&

ترجمة:حسونة المصباحي
&
في هذا العام، تكون قد مرت 40 عاما على وفاة الشاعر الفرنسي الكبير جاك بريفيرـ1900-1977) الذي كان الأكثر شهرة بين شعراء عصره. وكانت قصائده الأكثر إنتشارا على مستوى القرا،وأحباء الشعر لما تميّزت به من غنائية، ومن بساطة لا تخلو من عمق، ومن قدرة فائقة على اللعب بالكلمات. وفي سنوات شبابه، إنتسب إلى الحركة السوريالية، وارتبط بصداقات متينة مع رموزها من شعراء وكتاب وفنانين تشكيليين وغيرهم. إلا أنه رفض الإنضمام إلى الحزب الشيوعي رغم إلحاح صديق جورج سادول على ذلك. وفي عام 1930 تمرد على "ديكتاتورية بروتون"، وكتب نصا بعنوان:”موت سيّد" أوضح فيه أسباب إنفصاله عن الحركة السورياليّة.
توفي جاك بريفير في 11 أبريل-نيسان 1977 بعد صراع مرير مع السرطان

-1:ساحة "كارّوسال"
ساحة"كارّوسال"
عند إقتراب نهاية يوم صيفيّ جميل
دم حصان
أصيب في حادث وتوقف عن العمل
يتدفّق
على حجر التّبليط
والحصان كان هناك
واقفا
ساكنا
على قوائم ثلاث
الأخرى كانت جريحة
جريحة ومُقْتلَعَة
تتدلّى
في الجانب الآخر
واقفا
ساكنا
كان هناك الحوذيّ أيضا
والعربة أيضا ساكنة
من دون جدوى مثل ساعة مّحطمة
والحان كان صامت
الحصون لم يكن يشتكي
والحصان لم يكن يصهل
كان هناك
كان ينتظر
وكان جميلا جدا وحزينا جدا وبسيطا جدا
وعاقلا
جدا
ولم تكن ثمة قدرة على حبْس الدموع

أوه
حدائق ضُيّغتْ
مناهل نُسيتْ
مروج في ضوء الشمس
اوه يا للألم
الأبهة والجلال ولغز الحظّ العاثر
دم وأنوار
جمال تشوّه
أخوّة.

-2:الوقت الضائع
أمام باب المصنع
توقّف العامل فجأة
الطقس الجميل أمسك به من طرف السّترة
وبينما هو يستدير
لينظر إلى الشمس
الحمراء المدوّرة
باسمة في سمائها الرصاصيّة
غمز بعينه
بألفة
قولي لي يا رفيقتي الشمس
ألا ترين أنه من البلاهة أن نهب يوما كهذا
لصاحب المصنع؟

3:أوزيريس أو الهروب إلى مصر
أنها الحرب إنه الصيف
الصيف جاء ولا تزال الحرب مستمرة
والمدينة معزولة ومخربة
تبتسم لا تزال تبتسم
تبتسم تبتسم رغم كلّ شيء
بنظرتها الصيفية اللطيفة
تبتسم بلطف للعشاق والمحبين
إنها الحرب إنه الصيف
رجل وامرأة يسيران في متحف
وقع خطواتها هو الوحيد في هذا المتحف الخالي من الزوار
إنه متحف أنه "أللوفر"
والمدينة هي برايس
ونضارة العالم هي هنا نائمة
حارس يستيقظ عند سماعه وقع الخطوات
يضغط على زرّ ثم يسقط في أحلامه من جديد
في حين تظهر في هذا العشّ الذي من حجر
تحفة مصر منتصبة في نورها
تمثال أوزيرس حيّة في الخشب الميّت
حيّة إلى درجة أنها قادرة على أن تقتل مرة أخرى
كلّ العبودات الميّتة في كنائس باريس
والعشاق يتبادلون القبل
وأوزيريس تُزوّجهم
ثمّ تدخل في عتمة
ليلها الحيّ.

-4:باربارا
تذكري باربارا
كانت تمطر من دون توقّف في برست ذاك اليوم
وكنت تمشين باسمة
مُتفتّحة مبتهجة سائلة
تحت المطر
تذكري باربارا
كانت تمطر من دون توقف في برست
وأنا لاقيتك في شارع"سيام"
كنت تبتسمين
وأنا كنت أبتسم أيضا
تذكري باربارا
أنت التي لم أكن أعرفك
أنت التي لم تكوني تعرفينني
تذكري
تذكري ذاك اليوم رغم كل شيء
لا تنسي
كان ثمة رجل يحتمي تحت سقيفة من المطر
وصاح باسمك بابارا
وأنت ركضت نحوه تحت المطر
سائلة مبتهجة مُتفتّحة
وارتميت في أحضانه
تذكري ذلك باربارا
ولا تغتاضي مني إن أنا خاطبتك من دون كلفة ولا رسميّات
فأنا أفعل ذلك مع كلّ من أحبّ
حتى ولو أنني رأيتهم مرة واحدة
أفعل ذلك مع كل الذين يتبادلون الحب
حتى ولو أنني لا أعرفهم
تذكري باربارا
ذاك المطر الرصين والسعيد
على وجهك المشرق بالفرح
على تلك المدينة السعيدة
ذاك المطر على البحر
على الترسانة
على باخرة"أواسانت"
أوه باربارا
يا لها من حرب قذرة
ماذا أصبحت الآن
تحت هذا المطر الذي من حديد
من نار فولاذ من دم
والذي كان يضمك بأحضانه
عاشقا ولهانا
هل مات أم فقد أم لا يزال حيّا
اوه باربارا
تمطر على برست من دون توقف
مثلما كانت تمطر من قبل
لكن ليس بنفس الصورة وكل شيء يتلف ويفسد
إنه مطر حداد مرعب مدمّر
لم يعد حتى عاصفة
الحديد والفولاذ والدم
بكل بساطة سحب
تموت مثل كلاب
كلاب تختفي
في سياق الماء على برست
وستتعفن بعيدا
بعيدا بعيدا على برست
التي لم يتبق منها شيء.