الفوضى السياسية في مصر تزيد أعباء الموازنة العامة للدولة

أجمع خبراء الإقتصاد على تعرّض مصر لأزمة إقتصادية كبيرة، قد تُطيح بفرصة تعافي الإقتصاد، وعودته مرة أخرى إلى سابق عهده، بسبب ما يحدث من تظاهرات واعتصامات تشهدها البلاد الآن، وكان أولى تلك الخسائر إنخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار إلى جانب الخسائر اليومية للبورصة.


القاهرة: في ظلّ ما تشهده مصر من أحداث سياسية متدهورة أثّرت سلباًفي الاقتصاد، فرض البنك الدولي شروطاً أكثر صعوبة، تتمثل فيفرض فوائد تصل إلى 14% على القرض الذي طلبته الحكومة المصريةأخيرًا لسدّ العجزفي الموازنة، وهو الشيء الذي وضع الحكومة في مأزق شديد، وتسبب بالمزيد من تدهور وضع الإقتصاد المصري، بسبب الأحداث الجارية في ميدان التحرير.

يقول الدكتور محمود حسينمدير عام الإستثمار العربي لـquot;إيلافquot;: quot;هناك مخاطر كبيرة سوف تصيب الاقتصاد المصري، نتيجة ما يحدث في ميدان التحرير من فوضى، حيث سيؤدي ذلك إلى إحجام المستثمر الأجنبي عن الدخول في السوق المصرية، أو التوسع في مشاريع موجودة في مصر، وقد يصل الأمر إلى لجوء المستثمر إلى تصفية أعماله، والأمر نفسهبالنسبة إلى المستثمر المصري، الذي يتوسع في استثماراته في الخارج.

من المخاطر الناجمة أيضاً تأثر الإنتاج، نتيجة عدم الإستقرار السياسي في الدولة، سواء ما هو متعلق بالسلع أو الخدمات، ما يتسبب في زيادة معدلات الركود، وصعود التضخم، وهو ما يمثل آثارًا فردية على الإقتصاد المصري، نتيجة الفوضى القائمة والتي يجب حسمها قبل تعرّض الإقتصاد لنكسة quot;اللا عودةquot;، وإعلانالدولة عن حالة الإفلاس، نتيجة تراكم الديون الخارجية وانخفاض موارد السداد السنوي.

وهو معناه بيع الأصول في الخارج والداخل، متمثلاً في الشركات والأراضي التي تملكها الدولة من أجل سداد تلك الديون، ومنع لجوء الدول إلى ملاحقة مصر قضائياً، أو فرض وصايتها على الحكومة المصرية عن طريق التحكم في الإقتصادquot;.

عن فرض البنك الدولي شروطاً جديدة من أجل إقراض مصر، قال الدكتور محمود حسين: quot;عدم الإستقرار سوف يضرّ بالتصنيف الإنتمائي لمصر، ما سيكون سبباً لفرض المؤسسات والبنوك الدولية شروطاً أكثر صعوبة في حالة طلب القروض، وسيمثل زيادة لأعباء الدين المحلي، وسيكون تأثيره الأكبر على معدل النمو.

كما حذر من انخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية،مثلما حدث خلال الأيام الماضية، ما يتسبب بزيادة الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع الأسعار في السوق المصرية، كما سيؤدي إنخفاض الجنيه المصري إلى انخفاض استيراد الموارد.

يطرح الخبير الإقتصادي خطة لتعافي الإقتصاد المصري، وهي ضرورةصدور قرار من المجلس العسكرييقضي بالإعتماد على التمويل المحلي، سواء بدعم من المستثمر المصري في الداخل أو الخارج، وإعداد خطة مجدولة لإقامة مشروعاتعن طريق الإستثمار بالعملة المحليةquot;.

كما أكّد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الإقتصادي لـquot;إيلافquot; على تأثر الإقتصاد المصري بما يحدث من فوضى سياسية في مصر، بدليلالخسائر اليومية التي تتكبدها البورصة يومياً، ووصلت إلى أكثر من 10 مليارات جنيه في اليوم الواحد.

وقد وصلت خسائر أحداث ميدان التحرير إلى 20 مليون جنيه حتى الآن، منها تراجع خسائر الإنتاج الإعلامي لتصل إلى 51 مليون جنيه في 9 أشهر، إلى جانب الخسائر التي تتكبدها السياحة جرّاء تراجع السائح الأجنبي عن القدوملزيارة مصر. وكشف الدكتور عبد العظيم عن تأثر خزانة الدولة نتيجة ارتفاع الدولار أمام الجنيه، وهي الزيادة التي تحدث للمرة الأولى على مدار السنوات الماضية.

وحذر من تأثير الفوضى السياسية في البلاد على زيادة أعباء الموازنة العامة للدولة، حيث ستلجأ الحكومة إلى إصلاحتداعيات الإعتداء على سيارات الشرطة والمرافق العامة من هذه الموازنة، ما سيكون له تأثير سلبي على توفير الخدمات للمواطن وزيادة الرواتب.

كما كشف عن نقطة مهمة بشأن تأثير ارتفاع الدولار، وقال إن ذلك سيشجّع المستثمر المصري والأجنبي للجوء إلى التعامل بالدولار والعملة الأجنبية.

يتفق معهم الدكتور العزب منصور أستاذ الإقتصاد في الجامعة الأميركية، قائلاً لـquot;إيلافquot;: إنه كلما زادت فترة الفوضى... تأثر الإنتاج سلبياً، وبالتالي تتأثر حركة التجارة والتعاملات الإقتصادية، ما يتسبب بغلاء الأسعار بشكل مخيف، ويترتب عليه تدهور مستوى المعيشة للأفراد.

استبعد الدكتور العزب تعرّض مصر للإفلاس، كما يردد بعضالإقتصاديين على مدار الفترة الماضية، حيث إنبمقدور الحكومة سداد الديونالخارجية وفوائدها، عن طريق فرض الضرائب، كما توجد مصادر متعددة من الموارد، التي تحقق دخلاً تستطيع به مصر عدم التعرّض للإفلاس، منها قناة السويس.

علل الدكتور حمدي عبد العظيم سبب فرض البنك الدولي فائدة تصل إلى 14% على القرض المقرر إعطاؤه لمصربالقول إن ذلك أمر طبيعي، حيث تريد هذه المؤسسات ضمان تسديد القرض، وفرض الفائدة الكبيرة، لكي تكون تعويضاً في حالة عدم التزام الدولة بدفع الأقساط بشكل منتظم.