مصافحة تاريخية في دمشق بين الأسد والحريري

دمشق أوكلت الى إرسلان مسألة ترتيب زيارة جنبلاط لها

إنزعاج متبادل يحكم علاقة دمشق بالحريري قبل الزيارة

فتحت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لسوريا الباب واسعًا أمام تبادل الزيارات بين البلدين. وأعلنت المستشارة السياسيّة والإعلاميّة للرئيس السوري بثينة شعبان أن المجلس الأعلى اللبناني ــ السوري لن يلغى، ورأت انه سيساهم في تعزير العلاقات، مما أثار حفظية أطراف في فريق 14 آذار. ورأى مراقبون أن الإتصالات ستنشط بين الجانبين مع مطلع العام المقبل، للإتفاق على موعد اجتماع جديد للمجلس الأعلى الذي يرأسه كما هو معروف رئيسا الجمهورية اللبنانية والسورية.

إبراهيم عوض من بيروت: الزيارة quot;التاريخيةquot; التي قام بها الرئيس سعد الحريري لدمشق ولقاؤه الرئيس بشار الأسد بعد تباعد وجفاء بين الرجلين امتد أكثر من أربع سنوات، وانعكس سلبًا على علاقات البلدين بفعل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتحا الباب واسعًا أمام زيارات متبادلة بين وزراء ومسؤولين في البلدين وفق ما أعلنته المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان التي ذكرت بأن هذه الزيارات ستركز على ربط علاقة مؤسساتية بين الوزارات والمؤسسات السورية اللبنانية.

إلا أن أكثر ما استوقف المراقبون في كلام الدكتورة شعبان قولها تعقيبًا على سؤال يتعلق بمصير المجلس الأعلى اللبناني ــ السوري بأن المجلس المذكور سيساهم في تعزيز العلاقة أيضًا، وفي إغنائها، مشيرة الى أنه كلما كثرت الهيئات التي تغني هذه العلاقة، كلما استفادت هذه العلاقة أكثر.

ويأتي رد شعبان هذا ليثير حفيظة عدد من قيادات وأطراف في فريق 14 آذار سبق أن طالبت بضرورة quot;إنهاء خدماتquot; المجلس الأعلى اللبناني ــ السوري لزوال الحاجة إليه بعد إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وفتح سفارة لكل منهما في بيروت ودمشق، من دون أن يلقى طلبها هذا آذانًا صاغية، سواء لدى رئاسة الجمهورية أو رئاسة المجلس، فيما كانت أوساط الحريري قبل إجراء الإنتخابات النيابية الأخيرة تتحدث عن ضرورة إعادة النظر في وضع المجلس المذكور.

ويرى المراقبون الذين تابعوا عن كثب زيارة الرئيس الحريري الدمشقية أن ما نطقت به مستشارة الرئيس الأسد جاء تكملة لمواقف سورية سابقة أعلنت تمسكها بهذا المجلس، واعتبرت أنه لا يتعارض مع عمل السفارتين السورية واللبنانية من منطلق أن المسؤوليات والأعمال المنوطة به مختلفة تمامًا عن الدور المطلوب من البعثة الديبلوماسية والمهمات الموكلة لها.

من هنا يتوقع هؤلاء المراقبون أن تنشط الإتصالات بين الجانبين السوري واللبناني مطلع العام المقبل، للإتفاق على موعد اجتماع جديد للمجلس الأعلى الذي يرأسه كما هو معروف رئيسا الجمهورية اللبنانية والسورية ويحضره رئيسا البرلمان في البلدين ورئيسا حكومتيهما ونائباهما ووزيرا الدفاع والخارجية، إضافة الى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ــ السوري، علمًا أن آخر اجتماع عقده المجلس تم قبل أشهر قليلة من اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، وقد أبلغ الرئيس الأسد يومها الحاضرين أنه عازم على إقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا، وكذلك تسريع الخطى في عملية إعادة انتشار القوات السورية العاملة في لبنان، بحيث يتم سحب عدد كبير منها الى الداخل السوري مع الإبقاء على مجموعات محددة في منطقة البقاع كما نص على ذلك اتفاق الطائف.

هذا وتتفق بيروت ودمشق على أن عددًا من المعاهدات والإتفاقيات التي أبرمت بينهما في إطار معاهدة الأخوة والتعاون تتطلب مراجعة متأنية، خصوصًا بعد الأحداث والتطورات التي شهدتها العلاقات اللبنانية ــ السورية طوال السنوات الأربع الماضية، وانعكست جمودًا وتراجعًا في حركة التبادل التجاري والسياحي والصناعي بين الدولتين، الأمر الذي يستدعي إلتئام المجلس الأعلى للنظر بهذا الشأن وبأمور أخرى استجدت بعد الدخول في مرحلة التعامل الديبلوماسي.

وإزاء ما تقدم ثمة تساؤلات، وإن مبكرة، تطرح عن المكان الذي سيشهد التئام شمل المجلس الأعلى اللبناني ــ السوري وإذا ما كان سيحط رحاله هذه المرة في العاصمة اللبنانية، باعتبار أن الإجتماع السابق استضافته دمشق، وفي حال استقر الرأي على إحياء هذا المجلس مجددًا في بيروت فمعنى ذلك أن على اللبنانيين الإستعداد لاستقبال الرئيس الأسد في زيارة ستكون الثانية له بعد الزيارة الأولى واليتيمة التي قام بها في عهد الرئيس السابق إميل لحود متعمدًا يومها النزول في مطار بيروت الدولي للدلالة على الإعتراف السوري بسيادة لبنان قبل إقامة العلاقات الديبلوماسية معه.