كريم بقرادوني
المال يفسد الإنتخابات والتسويات
هل يبدأ دور ميشال سليمان بعد الإنتخابات؟
الانتخابات النيابية في لبنان: توقعات قد تصحّ

بقلم كريم بقرادوني: لفتني منذ أيام كلام قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال تخريج جنود اناث حملن العلم بعدما انهين مدة التدريب حين قال: quot;ان المرأة صنو الرجل في التضحية والعطاءquot;. انه رأي صائب، والمرأة هي صنو الرجل في كل شؤون الحياة وشجونها.

ولكن اذا القينا نظرة سريعة على الترشيحات الانتخابية لتبين لنا ان عدد المرشحات لانتخابات 2009 لم يتجاوز 11 امرأة من اصل اكثر من 550 مرشحاً، ولا اتوقع ان ينجح منهن سوى ثلاث او أربع من اصل 128 نائباً ، فلا تتعدى نسبة النساء في المجلس المقبل 3%، مع الاشارة ndash;وهنا المفارقة- الى ان عدد النساء في لبنان يفوق عدد الرجال ويقارب 52% من سكان لبنان.

لا يفوتني ان الحركة النسائية في لبنان لا تشدد على مطلب الكوتا النسائية لأن البعض يعتقد ان هذا المطلب يتناقض ومبدأ المساواة الذي تنادي به. غير اني ارى ان طرق الوصول الى المساواة عديدة، ومنها الكوتا النسائية التي لجأ اليها العديد من ألانظمة الغربية، لفترات معينة من الزمن، الى ان اعتادت تلك المجتمعات على انتخاب المرأة لمواقع رسمية متقدمة.

لو كانت في لبنان أحزاب وتيارات ترشح النساء باعداد محترمة، لما كنا بحاجة الى قانون للانتخاب يحفظ للمرأة حصتها. غير ان احزابنا، كل احزابنا، لا تلامس حقوق المرأة الا لماماً، ولا ترشحها الا في حالات نادرة، وتكتفي بتخصيص جهاز للمرأة داخل الحزب، في حين ان المطلوب هو توسيع حضور المرأة على امتداد خريطة الوطن. والدليل على تخلف الاحزاب اللبنانية في هذا المضمار انه لم يقم اي حزب ، منذ الاستقلال لتاريخه، بانتخاب امرأة رئيسة له، ومعظم من وصل منهن الى البرلمان او الى الوزارة كان على قاعدة الوراثة.

في هذا السياق ، اتطلع صوب رئيس الجمهورية، رجل التوافق والاصلاح، وصوب السيدة الاولى المعروفة بحضورها وحركتها ، ليعملا على تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة وادراج الكوتا النسائية في قانون الانتخابات النيابية المنوي اقراره بعد السابع من حزيران/ يونيو ليكون ايذاناً باطلاق دور الشباب والمرأة في السياسة.

وفي ظني ان تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية هو مؤشر لارادة الاصلاح، وإن قُدّر لرئيس الجمهورية اقرار مشروع اللامركزية الادارية الذي عرضه قبل اشهر، وتشريع حماية النساء من العنف الاسري الذي تقدم به التحالف الوطني لحماية النساء، اضافة الى قانون عصري ومتوازن للانتخابات للمرأة فيه حصة محفوظة، يكون العهد قد خطى خطوات سياسية واصلاحية متقدمة باتجاه اصلاح الدولة والمجتمع.

فلنتذكر على الدوام ان الانتخابات النيابية تصنع مجلساً للنواب، لكنها لا تصنع حكماً اصلاحياً . وحده توافر البرنامج الاصلاحي ينتج عهداً يترك بصماته على المستقبل، ولنا من تجاربنا الانتخابية العديدة خير دليل على ما نقول. ففي انتخابات 1968 اكتسح ما عرف بـquot;الحلف الثلاثيquot; المؤلف من كميل شمعون وبيار الجميل وريمون اده معظم الاقضية المسيحية في جبل لبنان في مواجهة quot;النهج الشهابيquot;، غير انه سرعان ما تفرق لغياب المشروع السياسي الجامع له. كما حصد تيار 14 آذار/ مارس اكثرية المقاعد النيابية ، أثر اغتيال رفيق الحريري في العام 2005 ، لكن ممارسته في الحكم في السنوات الاربع الاخيرة خيبت الكثير من الآمال لافتقاده برنامج الاصلاح وروح التجديد.

وما حصل في انتخابات 1968 و 2005 يمكن ان يتكرر في انتخابات 2009 في حال لم تنبرِ الاحزاب والتيارات الى ارساء تحالفاتها على قاعدة البرامج الاصلاحية. ومن المتعارف عليه ان قضية المرأة الى جانب القضية الاجتماعية هما ركنان رئيسان من أركان كل اصلاح.

ليت السياسيين يحذون حذو المؤسسة العسكرية فيشركون المرأة على قدم المساواة مع الرجل ولا يحصرون نظرتهم اليها على اساس ان quot;وراء كل رجل كبير امرأةquot;، بل يفسحون لها في المجال ليكون وراء كل عمل سياسي كبير امرأة.

*وزير سابق ورئيس سابق لحزب الكتائب اللبنانية.