علي حلاوي من بيروت: يبدو أنّ quot;حزب اللهquot; من أعلى هرمه متمثلاً بأمينه العام السيد حسن نصرالله قد اتخذ قرارًا جديًا بالسعي إلى احتواء تفليسة رجل الأعمال الجنوبي صلاح عز الدين الذي يوصف بأنهquot; قريب جدًا من الحزبquot;، وذلك بعدما شكلت هذه القضية عاملإحراج له. إذ تبيّن من مجرياتها أن عددًا لا يستهان به من المسؤولين السياسيين والأمنيين في الحزب هم من بين آلاف المودعين الذين وظفوا اموالهمفي مشاريع عز الدين، وذلك لقاء فوائد خيالية وصلت الى حدود 40 في المئة.

وفي موازاة قرار السعي إلى الإحتواء، اصدر بعض رجال الدين في الحزب ما يشبه فتوى دينية تحرِّم على اي كان تناول الحزب أو التطرق إليه من قريب او بعيد في هذه القضية، باعتبار أن ذلك التناول أو التطرق يمكن ان يساعد في نشر الدعاية الاسرائيلية- الاميركية التي ترمي إلى ضرب سمعة quot;حزب اللهquot;. ولم يجد السيد نصرالله وصفًا لما حصل مع رجل الأعمال الجنوبي غير كلمة quot;المصيبةquot;، وذلك خلال كلمته الموجهة إلى آلاف المودعين في قرى قضاء صور وبنت جبيل خصوصًا . لكنه شدد على ان الحزب لن يترك الناس في مهب الازمة، معلنًا تشكيل خلية ازمة تتولى مهمات مزدوجة: الإطلاع على اوضاع المودعين، ثم تصنيفهم فئتين، الاولى هي الفئة التي حصلت على ارباح شهرية واستفادت من فوائد عز الدين، أما الفئة الأخرى فهي ممن خسروا اموالهم بشكل كامل.

وقد أراد السيد نصرالله من إعلان هذه الخطوة طمأنة المودعين ومعظمهم من المؤيدين وحتى المنتسبين إلى quot;حزب اللهquot;، وهذا ما يبرر عدم رفع اي دعاوى قضائية على صلاح عز الدين حتى الساعة، غير تلك التي رفعها عضو كتلة الحزب النيابية حسين الحاج حسن مع انتشار خبر الافلاس، وذلك بتهمة اعطائه شيكًا من دون رصيد بقيمة مئتي الف دولار اميركي. وفسر بعضهم تقديم هذه الدعوى للقضاء بأنها محاولة من الحزب لاستباق اي ربط بينه وبين عز الدين، ولإظهار الحزب مظهر اول المتضررين من التفليسة.
واشارت مصادر خاصة لـ quot;إيلافquot; أن الحزب لم يعطِ حتى الآن اي ضوء اخضر للمتضررين برفع دعاوى قضائية على عز الدين ، ويعود السبب بحسب المصادر نفسها إلى أن تراكم الدعاوى سيؤدي إلى توسيع دائرة التحقيقات القضائية quot;بما لا يصب في مصلحة الحزبquot;.

وترى المصادرquot;ان كثيرين لن ينجوا من هذه القضية اذا ما تفاعلت قضائيًا، خصوصًا ان عدد المتورطين فيها يمكن ان يرتفع من خمسة حاليًا الى اكثر بكثيرquot;. وتتحدث عن أن quot;حزب اللهquot; يعمل حاليًا على سياسة الاحتواء quot;التي تخدمه اكثر من توسع في المحاكم اللبنانية، لأن هناك من كان يعمل وسيطا لجمع الأموال في مقابل حصة من الأرباح من عز الدين وحصة اخرى من المودعين. والجديد في القضية ان معظم هؤلاء الوسطاء ( Brokers) ينتمون تنظيميًا الى quot;حزب اللهquot;، ويحتمل ان يؤدي فتح الملف على مصراعيه الى المزيد من الاحراج للحزب، بفعل تورط العديد من كوارده في عملية الإعلان والدعاية لمشاريع عز الدينquot;.

وتشير هذه المصادر الى ان اكثر ما شجع المئات من المودعين في القرى الجنوبية على الإستثمار هو عملية الترويج والإقناع التي كان يستخدمها هؤلاء الوسطاء، إذ ارتكزوا في عملية إقناع المترددين والمشككين على مدى قرب رجل الأعمال ذي الصيت الحسن من قيادة quot;حزب اللهquot; والثقة التي توليه إياها. إضافة الى الإدعاء أنه يوظف أموالاً طائلة خصوصًا في مجال النفط الذي يشتريه من مصدره الإيراني، حيث حصل عزالدين على عقود طويلة الأمد بدعم من quot;حزب اللهquot; في مقابل حصة في الأرباح لمصلحة مؤسسات الحزب، وتحديدا quot;مؤسسة الشهيدquot; التي تعنى بعائلات الشهداء وتتطلب أموالاً طائلة وquot;جرارةquot; نظرًا إلى حجم الإلتزام الذي يأخذه الحزب على عاتقه حيال هذه الفئة، مما جعل العديد من أصحاب الأموال التي جمعت من أماكن الإنتشار اللبناني تصب في خانة الإستثمار مع عزالدين على قاعدة تعميم الفائدة في إطار الفئة الإجتماعية الواحدةquot;.

على هذا الاساس يتعامل quot;حزب اللهquot; مع هذه القضية الطارئة عليه باعتبارها ناقوس خطر يدق بنيته الاجتماعية وبيئته الخاصة التي لطالما تميّز بها منذ سنوات تأسيسه مع بداية ثمانينات القرن الماضي، وهو أسلوب شهد تبدلاً خطرًا حسب كثيرين من المراقبين بعد حرب تموز/ يوليو 2006، اذ لوحظت في تلك البيئة تحوّلات وتبدلات لافتة وتغيّرات في العديد من القيم quot;الحزبيةquot;، وبات اسلوب المعيشة يعتمد اكثر فاكثر على quot; الفخفخةquot;، وباتت السيارات الرباعية الدفع الـ quot; ENVOY quot; معلمًا خاصًا من معالم الحزب، الأمر الذي استفاد منه بعض العملاء اللبنانيين المتهمين بالتجسس لمصلحة quot;الموسادquot; الاسرائيلي، ممن ألقي القبض عليهم في الموجة السابقة. وتبين إن أحدهم العميل مروان الفقيه استخدم اكثر من 25 سيارة رباعية الدفع باعها لمسؤولين في الحزب بعدما زودها بأجهزة إلكترونية بغرض التجسس والتنصت عليهم.

ومن ناحية أخرى، أدى فتح الحزب المجال امام انخراط اكثر من 50 الف شاب في إطار ما يعرف بتنظيم quot;سرايا المقاومة اللبنانيةquot; -بناء على توصية القيادي في الحزب عماد مغنية- إلى تراجع في التزام المعايير الايمانية والاخلاقية السابقة التي كان التنظيم يحرص عليها، الامر الذي ادى الى مزيد من الخلل. وعلى الرغم من كل ذلك يرفض مسؤولون في الحزب الحديث عن ظهور بعض علامات التضعضع، ويعللون ما يجري بالقول إنه quot;امر طبيعي ان يحصل في تنظيم سياسي وجماهيري وصل الى حدوده القصوى، من دون ان ننسى الهجمة الاسرائيلية- الاميركية عليهquot;.