شملان يوسف العيسى

ازدادت في الفترة الأخيرة وتيرة التحذيرات والتصريحات والدراسات التي يطلقها بعض القادة العرب والأجانب ومراكز البحوث الاستراتيجية الصحفية والإعلامية بشكل عام، عن مرحلة ما بعد سقوط quot;الأسدquot; في سوريا، فكل المؤشرات تشير إلى أن المنطقة كلها مقبلة على تغيرات جذرية بعد نظام دمشق. والسؤال: ما طبيعة التغيرات القادمة؟ وما هي الجهات السياسية التي سوف تتأثر بعد رحيل النظام؟ هل هي الدول المجاورة لسوريا وتحديداً العراق ولبنان وتركيا... أم ستتأثر دول أخرى مثل إيران؟ وماذا عن الأحزاب السياسية المتواجدة على الساحة، سواء حزب quot;البعثquot; الحاكم أم الأحزاب الطائفية الموالية له مثل quot;حزب اللهquot;؟

كل المؤشرات السياسية تشير إلى أن سقوط النظام السوري سيكون عسيراً جداً وأنه ليس بالأمر السهل، رغم كثافة الاجتماعات على مستوى مجلس الأمن في نيويورك والاجتماعات الأوروبية في باريس ولندن وغيرها، أو حتى الاجتماعات الإقليمية العربية والإسلامية التي كان آخرها اجتماع قمة مكة المكرمة الذي علقت فيه عضوية سوريا واشتد الحصار عليها أكثر من السابق.

والحقيقة التي علينا الاعتراف بها هي أن إسقاط النظام الدموي في سوريا لن يكون سهلاً ما لم يكن هناك تدخل دولي وعربي لدعم الشعب السوري في معركته.

ورغم أن النظام الطائفي لم يسقط إلى الآن، فإن الأوضاع أخذت أبعاداً طائفية في أكثر من بلد عربي، كنتيجة للحرب الدائرة في سوريا. فهناك أجواء نزاع طائفي في لبنان أظهرها اعتقال الوزير السابق ميشيل سماحة واتهامه بالإعداد لأعمال إرهابية بواسطة عبوات ناسفة، وتفجيرات بقصد اغتيال شخصيات سياسية معروفة. كما جاء اعتقال قناص من quot;حزب اللهquot; على أيدي quot;الجيش السوري الحرquot; ليزيد التوتر الأمني، خاصة مع تزايد الاتهامات لـquot;حزب اللهquot; بالمشاركة مع قوات الأسد ضد الثورة السورية.

وكالات الاستخبارات الدولية تؤكد بدء الحرب بالوكالة بين أنصار الأسد، وهم إيران وquot;حزب اللهquot; اللبناني، وبين quot;الجيش السوري الحرquot; المدعوم من بعض الدول العربية وتركيا ودول التحالف الغربي. هذه الحقيقة المؤكدة سوف تترك آثاراً عميقة لدى الشعب السوري بعد سقوط النظام. لكن هناك تحركات لأحزاب وقوى سياسية في المنطقة تزيد من التوتر الطائفي... فالمظاهرات والاحتجاجات التي نُظمت في البحرين بمناسبة quot;يوم القدس العالميquot;، واشتداد وتيرة العنف والإرهاب والدمار في العراق... ما هي إلا نماذج لما سيحصل مستقبلاً في المنطقة.

صور العنف التي نشاهدها يومياً عبر الفضائيات الإخبارية لجرائم الدمار التي يخلفها الطيران السوري ضد المدنيين من الشعب، تركت جرحاً مؤلماً لدى الشعوب العربية التي تضع اللوم ليس فقط على النظام الاستبدادي، بل امتدت لتأخذ بعداً طائفياً ضد إيران ومناصريها، خصوصاً وأن أعمال القتل ضد الشعب الأعزل خلقت ردود فعل ضد أنصار الأسد، خاصة أن حروب الانتقام أخذت طابعاً جماعياً لأنصار الأسد ضد مناصري quot;الجيش الحرquot;. وهذا يعني أن حروب الانتقام وردود الفعل غير المنضبطة بدأت تأخذ مجراها، ما يعني أن سوريا الجديدة لن تنعم بالاستقرار والأمن لفترة طويلة بسبب الدائرة المفرغة للقتل والانتقام.

وما نتخوف منه فعلياً في الخليج، هو أن تستغل قوى الإسلام السياسي المتطرفة مثل هذه الأحداث لمهاجمة الأقليات بغية كسب رضا الشارع السني. المطلوب من الأنظمة الخليجية تأكيد وحدتها الوطنية ورفض مفهوم الطائفية.