rlm;محمد عبدالمنعم

ليس جديدا بالمرة هذا الانفلاتrlm;,rlm; وتلك الإضطرابات العنيفة التي يشهدها العالم العربي منذ ينايرrlm;2011rlm; وحتي يومنا

هذا وذلك رغم التنفيذ الكامل والشامل لذلك الشعار الموحد الذي جلجل في أركان المنطقة العربية مناديا: الشعب يريد إسقاط النظام... لم يقتصر التماثل والتطابق علي ذات مفردات وكلمات هذا الشعار ولكن امتد هذا التماثل والتطابق إلي النغمة والإيقاع فكانت هي نفس النغمة, ونفس الإيقاع في شتي دول الربيع العربي, ولانستطيع إنكار أنه كان إيقاعا فعالا, ولكننا في الوقت نفسه لانستطيع تجاهل أن ثمة إتفاقا وعملية تنظيم وإعداد وليس الصدفة أبدا كانت وراء هذا التماثل والتطابق من تونس في أقصي الشمال الأفريقي, إلي اليمن في أقصي جنوب المنطقة العربية!.
كذلك ومع الظهور المفاجئ لجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تعشعش في الجحور منذ ما يقرب من مائة عام.. هذا الظهور المفاجئ يذكرنا بأحداث نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في سوريا الشقيقة, والحليفة الدائمه لمصر في كل جولات الصراع العربي الإسرائيلي.
ففي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي كانت سوريا منشغلة بالحرب الضروس التي اشتعلت في لبنان في عام1976 في الوقت الذي كانت فيه العلاقات السورية مع تركيا قد توترت فجأة, وبدون أي مبرر, مع تركيا التي دفعت بجيشها إلي الحدود السورية كما لو كانت تركيا هذه التي تتوق للإنضمام إلي الاتحاد الأوروبي مستعدة للقيام بأي عمل لإرضاء العالم الغربي حتي لو كان علي حساب العالم الإسلامي الذي أصبح ملطشة للجميع, والغريب أنه وسط هذا المناخ المشحون بالعداء والتربص انطلق فجأة الإخوان المسلمين السوريون وبدأوا في شن عمليات إرهابيه كالعادة ضد النظام, وذلك بجانب عمليات اغتيال استهدفت ضباط الجيش, بما في ذلك الهحوم علي مدرسة المدفعية في حلب مثلما هاجمت الجماعات الإسلامية عندنا الكلية الفنية العسكرية ـ نفس الفكر ونفس التطبيق وقام اخوان سوريا باغتيال83 من الدارسين في هذا المعهد العسكري, ثم بدأت بعد ذلك استخدامات السيارات المفخخة داخل العاصمة دمشق, واغتيال مئات من المواطنين الأبرياء( عام1980) ثم جاءت بعد ذلك عملية انفجار البرج الشهيرة وهو المبني الضخم الذي كان يتمركز فيه الخبراء السوفييت الذين جاءوا لمساعدة سوريا ضد إسرائيل فكان أن تم القضاء علي كل هؤلاء الخبراء في ضربة واحدة لم تستطع ولم تجرؤ إسرائيل علي تنفيذها وإن كانت تتمناها من أعماق قلبها وأشتات أحلامها!.
lt;lt;lt;
بعد ذلك وتحديدا في20 يونيو عام1980 جرت محاولة اغتيال الرئيس الراحل حافظ الأسد أثناء استقباله لرئيس دولة مالي, وكان أن نجا الأسد من هذه المحاولة, وإن كان قد أصيب بإصابة طفيفة ـ بسبب شجاعة وتضحية أحد رجال الأمن المكلفين بالحراسة الخاصة للرئيس السوري, وبعد هذا الحدث الجلل, وتحديدا في شهر تموز عام1980 أصدر القانون رقم49 الذي يقضي بإعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين, وعلي الفور نشط رفعت الأسد شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد, وقام بإعدام625 عضوا من تنظيم الإخوان المسلمين وذلك في سجن تدمر وشرع في ردع ومطاردة أعضاء الجماعة في جميع ربوع سوريا مستخدما في ذلك قوة عسكرية هائلة تتألف من اللواء47 دبابات, واللواء21 مشاة ميكانيكي, والفوج21 من المظليين والقوات الخاصة, وقد قام رفعت الأسد وقواته بتدمير أحياء كاملة في حلب وحماة علي رءوس أصحابها, واختلفت تقديرات الخسائر في الأرواح من10 آلاف إلي أربعين ألف قتيل, وعلي الفور هرع إلي سوريا العرابون من المراسلين الأجانب وفي مقدمتهم توماس فريد مان وروبرت فيسك ومراسلو صحف الأندبندنت والجارديان... والـ سي. إن. إن التي انفضح أمرها, وانكشف زيفها ووجهها الحقيقي عندما جاءت عندنا في مصر بعد ثورة30 يونيو لتذيع وتؤكد بالصوت والصورة أن الملايين التي خرجت في هذه الثورة الحقيقية التي تعكس أصالة وعراقة هذا الشعب المصري تلك الملايين من الثوار الحقيقيين, أكثر من30 مليون نسمه, أعلنت سي إن إن وأعادت وأكدت أنهم ينتمون إلي جماعة الإخوان المسلمين!
وبسبب حاجز اللغة بيننا وبين العالم الخارجي كان أن ابتلعت معظم الدوائر في الدول الغربية هذا الطعم المسموم الذي بثته من تدعي أنها الشبكة الإخبارية الأولي علي مستوي العالم!
lt;lt;lt;
أما بالنسبة لعزل الرئيس السابق محمد مرسي فقد خرجت واشنطن لتعلن وتؤكد أن ما يحدث في مصر ما هو إلا انقلاب عسكري غير معترفة بأنه ثورة شعب, بل أنه أكبر وأضخم ثورة في تاريخ العالم وأنها الأكثر تحضرا ونقاء وسلمية حقيقية, وعندما فشلت هذه المحاولة الأمريكية الرخيصة والبذيئة, واكتشف باقي دول العالم بمن فيها الذيول التقليديون لواشنطن, صدق الرواية المصرية وفحش المزاعم الأمريكية, اكتشفت واشنطن أنها تقف وحدها وأن كل أجهزتها فشلت تماما في تزييف حقيقة ما يجري علي الساحة المصرية وتحويل ثورة30 يونيو, غير المسبوقة علي مستوي العالم كله, إلي مجرد انقلاب عسكري علي غير إرادة الشعب!.
وهنا كان البديل السريع والمفاجئ هو حدوته ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا علي غرار حدوتة الأسلحة النووية, والمدفع العملاق, في العراق والتي انتهت بغزو, وتدمير, وتقطيع أوصال حارس البوابة الشرقية للعالم العربي الذي مازال يعاني حتي يومنا هذا من آثار الغزو الأمريكي, ومن الدسائس التي زرعها الأمريكيون داخل جميع طوائف الشعب العراقي الشقيق. وعلي الفور تحرك الأسطول السادس الأمريكي الذي لا يغادر مياه البحر المتوسط, وكانت الخطة هي قيام قطع هذا الأسطول بتوجيه هجمة صاروخية مكثفة ضد الأهداف الحيوية السورية بواسطة الصواريخ سطح ـ أرض, والطائرات بدون طيار, وطائرات الشبح التي لا تظهر علي شاشات الرادار.. وذلك التزاما بالمبدأ الجديد الذي تلتزم به الولايات المتحدة والذي يقوم علي شن الحروب وممارسة أعمال القتال إما عن طريق الحرب بالوكالة( أي توكيل طرف آخر للقيام بهذه المهمة) أو حروب الجيل الرابع التي تحدثنا عنها من قبل, والتي تعتمد علي أطراف محلية داخل الدولة المراد مهاجمتها( مثل جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات المجتمع المدني) أو حربا جماعية فيما يسمي بـ التحالف الدولي, كما حدث خلال غزو العراق, وفي أسوأ الظروف فإنه لو أضطرت واشنطن لأن تخوض حربا بمفردها فإنه ينبغي أن تكون حربا عن بعد أي بدون تعريض العنصر البشري الأمريكي لأي أخطار, أما باقي وسائر البشر وخاصة العرب فليذهبوا إلي الجحيم.. بلا رجعة ولا ندم!.
أتصور أن معظمنا, إن لم نكن جميعنا, نفهم جيدا هذه المناورات الخسيسة التي تمرسنا عليها بسبب موقعنا الإستراتيجي الفريد والمتميز, وأيضا بسبب مكانتنا وسط العالم العربي الذي لو تلاحم واتحد لأصبح قوة عظمي اعترف الغرب بعد حرب أكتوبر73 بأنها القوة السادسة علي مستوي العالم!
اتصور أننا نفهم ذلك جيدا ولكن ما لا أفهمه أنا بالمرة هو هذه القطيعة بين مصر وسوريا بعد ثورة الربيع العربي رغم أن سوريا كانت دائما حليفا لمصر في كل الحروب وكل الأزمات الإقليمية, والعالمية, التي تنهال علينا بانتظام منذ فجر التاريخ, وحتي يومنا هذا... في كل هذا كانت سوريا دائما حليفا قويا لمصر.. بل أنهما معا توحدا معا في دولة واحدة( الجمهورية العربية المتحدة) كان يمكن أن تكون الأساس لوحدة عربية شاملة هي أكثر ما يخشاه الأعداء والخصوم.. وما أكثرهم!.
إن كنت لا أفهم ذلك, فإنني أفهم جيدا وتماما أن هذه القطيعة مع سوريا تمت خلال الحقبة الحالكة التي إحتوتنا في مصر بعد وصول الإخوان المسلمين إلي سدة الحكم... إن هؤلاء الإخوان لا يعترفون بالدولة كما يراها سائر البشر والشعوب, ولكنهم يعترفون بـ العشيرة والقبيلة والأمة( بشرط أن تكون إسلامية فقط) مثلهم في ذلك مثل الشيوعيين الذين يؤمنون بأن الشيوعي في أي دولة من دول العالم هو أقرب إليهم من الرأسمالي الذي ينتمي إلي نفس أوطانهم.
وهكذا انقض الإخوان في سوريا علي ثورة الربيع هناك, وقام الاخوان هنا وهناك باستجلاب عشيرتهم من كافة بقاع الأرض, وإن كانت هذه الحثالة المستوردة قد انتشرت داخل سيناء في مصر, بينما في سوريا فإنهم يصولون ويجولون في جميع أنحاء البلاد!
ومن أغرب الأحداث التي جرت في سوريا وأعلن عنها هذا الجيش الحر هو أنهم نجحوا في إسقاط طائرة قتال سورية!
وأضاف البيان أنه جار البحث عن الطيار قائد هذه الطائرة.. لم يدرك هؤلاء الأحرار ان تلك الطائرة يقدر ثمنها بملايين الدولارات فمن المعروف عالميا أن طائرة القتال الواحده تساوي وزنها ذهبا خالصا!
lt;lt;lt;
أما حكاية البحث عن الطيار السوري الذي قالوا إنهم أسقطوا طائرته فهذا ما نراه وما نسمع عنه في الحروب والمعارك مع الأعداء وليس أبدا مع أبناء الوطن الواحد.. هذا إذا كانوا فعلا من أبناء ذلك الوطن وليس بينهم مرتزقة ولا خلفهم أجندات فرضت عليهم من أطراف خارجية وتلقوا من أجل تنفيذها كما رأينا مع الإخوان في مصر.. كيف, وأين تنفق أمواله! وسط هذا السعار والخيانات الفاضحة أستطيع أن أفهم أسباب قيام الرئيس السابق محمد مرسي العياط بقطع العلاقات مع الشقيقة والحليف التاريخي: الجمهورية العربية السورية فهو مثل كل الاخوان لا يؤمن بالدولة ولا الشعب ولا الدولة الشقيقة أو الصديقة والحليفة ولكنه يؤمن تماما بالأمة سواء كان إناس هذه الأمة ينتمون إلي مصر أو إلي تورا بورا!!
لقد فاجأنا الرئيس السابق مرسي العياط, في يوم أغبر, بحشده لعشيرته في استاد القاهرة.. ودون أي مبرر أو اعتبار للعلاقات الأخوية التاريخية, ودون اعلان مسبق عن هذا الاجتماع الحاشد إذا به يبرطم, كعادته بلغو غير ذي معني ويختتمه بإعلان قطع العلاقات مع سوريا!! هكذا جاء هذا القرار الخطير والطائش, أما الآن وقد تحققت المعجزة وتخلصنا من هذا النظام المشئوم فإن ما لا أفهمه أبدا هو الاستمرار في هذا الإتجاه بعد إزاحة مرسي وكل أركان نظامه وعشيرته!.


قبل أن تتخلف مصر إليكترونيا!


في شهر يونيه من عام1975 فوجئت بإتصال تليفوني من روبرت هوتز رئيس تحرير مجلة أفييشان ويك الأمريكية التي هي أكبر مجلة علي مستوي العالم متخصصة في شئون الطيران والفضاء, وتعتبر الحجة الأساسية في كل الأمور المتعلقة بالطيران والصواريخ والأليكترونيات, سواء في مجال الإستخدامات العسكرية أو السلمية, ومن المعروف أن روبرت هوتز كان ضابطا طيارا في سلاح الطيران الأمريكي, وأن شهرته تعود أساسا إلي خدمته في سرب النمور الذي كان متمركزا في الصين خلال الحرب العالمية الثانية, والذي ساعد الهجوم الجرئ الذي قام به الكولونيل طيار دوليتل في غارته الشهيرة علي اليابان بواسطة قاذفات القنابل( ب17) وذلك ردا علي الغارة اليابانية الأشهر علي بيرل هاربور وتدمير الأسطول الأمريكي بأكمله فيما كان أكبر نكسة عسكرية بالنسبة للأمريكيين!
وخلال هذا الإتصال التليفوني عرفت أن هوتز يطلب مقابلتي في القاهرة التي يمكن أن يصل إليها خلال أيام, وبالطبع كان أن وافقت فكان أن تم اللقاء بعد ذلك بثلاثة أيام في فندق شيراتون القاهرة وكان بصحبة هوتز روبرت روبلوسكي مدير مكتب الأفييشان ويك في باريس, ومن خلال الحديث الذي دار بيننا علمت أنه من المقرر أن يقوم بزيارة لعدد من الوحدات العسكرية المصرية, ويلتقي ببعض القادة, أما عن السبب وراء مقابلته لي فقد كان أساسا بسبب الكتاب الذي قمت بتأليفه بعنوان6 أكتوبر: الحرب الإليكترونية الأولي, وهو الكتاب الذي صدرت طبعته الأولي في أكتوبر عام1974. قال لي هوتز وزميله روبلوسكي وهذا هو ملخص للحديث الذي دار بيننا, فقد كان الرجل يتمتع بنشاط بالغ ويتجنب الثرثرة من قريب أو من بعيد, ومن ثم فقد بادرني بقولة إن حرب أكتوبر هي أول حرب إليكترونية في تاريخ العالم, وأرقي حرب عرفها البشر من حيث المستوي التقني, والأساليب الفنية والعلمية التي أستخدمت في عمليات القتال, ثم أضاف هوتز قائلا إن مختلف الدوائر العالمية أجمعت علي أن المصريين يتمتعون بمهارات مرموقة في مجال الإليكترونيات, وأن الجميع يتساءلون عن سر هذه الظاهرة, ثم كان أن وجه نفس السؤال لشخصي ظنا منه أنني أعرف السبب طالما أنني قمت بتأليف كتاب كان محوره الأساسي تفوق المصريين في مجال الإليكترونيات!
وهنا كان أن شعرت بالحرج وذلك لأنني لم أكن أتصور أن المسألة وصلت إلي هذا الحد من الإهتمام العالمي, وردا علي هذا السؤال الذي وجههه لي هوتز مباشرة كانت الإجابة المعهودة التي نلجأ إليها جميعا: لعل السبب وراء ذلك هو أن كل إنسان مصري مهما كانت درجة تعليمه يقف خلفه7 آلاف سنة من الحضارة والخبرة في الحياة وهنا رد علي الرجل بجدية وثقة من بحث طويل في هذا الشأن إن الفراعنة لم يعرفوا أي شئ عن الإليكترونيات ثم أضاف قائلا: عليك أن تعرف أن كبري الشركات عندنا لاحظت أن العاملين المصريين يتفوقون علي سائر الجنسيات الأخري بما فيهم الأمريكيون في مجال الإليكترونيات فما كان مني إلا أن التزمت بالصمت التام ولكنه كان صمتا مليئا بالزهو والإفتخار بهذه المعلومة التي أكتشفها الأجانب عن أبناء مصر الذين لايعرف البعض منا مدي قيمتهم وتفردهم!.
وهنا أتذكر الراحل العظيم الأستاذ أحمد بهاء الدين الذي استشف قيمة الإليكترونيات, وكيف أنها ستشكل ثورة جديدة في التاريخ الإنساني, وأنها ستكون أقوي من الثورة الصناعية, وكل ما شهدته البشرية من ثورات علمية, ولكن للأسف الشديد لم يتنبه المسئولون عندنا لهذه الدعوة التي كان أول من أطلقها الأستاذ بهاء رحمة الله تعالي, ورغم علمنا جميعا بحجم الجهود التي تبذلها الدولة من أجل مواكبة العملية التعليمية لهذا السباق المحموم علي صعيد الإليكترونيات في العالم, إلا أن الخوف كل الخوف من أن تجنح جهودنا تلك إلي الأساليب التقليدية المعيقة في التدريس, كمثل ما حدث في مناهجنا التعليمية الأخري, فإذا بنا بدلا من أن ندفع بأجيالنا إلي الأمام, نكون سببا في تخلفهم عن هذا الركب, ونحن الذين نملك ثروة من عقول احتار العالم في تفسير تفوقها إليكترونيا.