مجلس الأمن الوطني يدفع بقوات إلى الموصل لحماية المسيحيين
رؤساء الطوائف المسيحية: شعبنا يتعرض لإبادة جماعية

أسامة مهدي من لندن: أكد رؤساء الطوائف المسيحية في العراق أن الشعب المسيحي يتعرض لحَملةِ إِبادة جماعيةٍ تهدد وجوده في البلاد وبخاصة في مدينةِ المَوصِل الشمالية... بينما قرر مجلس الأمن الوطني تشكيل لجنة وزارية أمنية لتقديم الدعم لعمليات المدينة وإسناد الجهد الأمني وإجراء تحقيق شامل للظروف التي أدت إلى إستهداف المسيحيين هناك، وإرسال لواء من الجيش والشرطة وتعزيز الدوريات الثابتة والمتحركة في المناطق المستهدفة لحماية المواطنين المسيحيين والحفاظ على أمنهم وسلامتهم.

وقال مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد إِن الشعبَ المسيحي الذي يمتد تاريخه إلى أَكثر مِن أَلفي عامٍ قَد ساهَمَ في بِناءِ حَضارةِ وادي الرافدين هذا الشعب الذي وَضعَ مَصلحةَ الوطنِ فوقَ كُلِّ الإِعتِباراتْ يَتعرضُ اليومَ لحَملةِ إِبادةٍ جَماعيةٍ تهدد وجودَهُ في العراق وبخاصةٍ في مدينةِ المَوصِل. وأضاف المجلس في بيان وصلت نسخة منه إلى quot;إيلافquot; أَن إِستمرارَ قَتلِ المسيحيينَ في العراقِ عامةً وبغدادَ والمَوصِلَ خاصةً وتَهجيرَهم يهدف إِلى إِفراغِ البَلدِ مِنَ المَسيحيين. وناشد المجلس الحكومة العراقية والمؤسسةَ العسكرية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه المَسيحيين المستهدَفينَ في المَوصِل .. مشددًا على ان المُواطَنَةَ حقوق لا تخضع لحكم الاكثرية أو الاقلية ..

ومن جهته اعلن الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ عن تشكيل لجنة وزارية امنية لتقديم الدعم لعمليات مدينة الموصل الشمالية وإسناد الجهد الأمني وإجراء تحقيق شامل للظروف التي أدت الى استهداف المسيحيين هناك ومعالجة الحالات الانسانية التي نتجت عن هذه الحوادث المؤسفة. وقال الدباغ في تصريح صحافي استلمت quot;ايلافquot; نسخة منه أن مجلس الأمن الوطني قد تدارس في اجتماع الليلة الماضية الوضع الأمني في مدينة الموصل الشمالية والحوادث المقلقة لما يتعرض له المواطنون المسيحيون من عمليات تهديد وتهجير من قبل جماعات مجرمة تحاول الإساءة لقيم التعايش والتسامح بين العراقيين وإعطاء صورة سلبية عن الواقع العراقي الذي تحاول مجموعات متطرفة تكفيرية تتعاون مع رموز مجرمة من بقايا النظام السابق إستهداف كل العراقيين وهذه المرة يستهدفون مكونًا أساسيًا من العراقيين وهم المسيحيون الذين نعتز في العراق بتاريخ طويل من التعايش والتآخي معهم.

واضاف ان مجلس الأمن الوطني قرر تشكيل لجنة ميدانية تحقيقية من وزارات الداخلية والدفاع والدولة لشؤون الأمن الوطني وجهاز المخابرات الوطني تكون من مهامها تقديم الدعم لعمليات الموصل وإسناد الجهد الأمني وإجراء تحقيق شامل للظروف التي أدت الى هذا الوضع ومعالجة الحالات الانسانية التي نتجت عن هذه الحوادث المؤسفة. واوضح بان ذلك يتزامن مع تحرك لواء من قوات وزارة الدفاع والشرطة الوطنية وتعزيز الدوريات الثابتة والمتحركة للمناطق المستهدفة في مدينة الموصل من أجل طمأنة الجميع وخصوصا المواطنين المسيحيين بحرص الحكومة العراقية على أمنهم وسلامتهم.

ودعا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي امس الى تحرك سريع يعيد المهجرين المسيحيين الى قراهم وديارهم ويوقف حملة التهجير القسرية وسفك الدماء على عجل في نينوى مشددًا على عدم وجود حملة من مسلمين ضد مسيحيين، موضحًا ان هناك حملة قتلة ومجرمين وخارجين عن القانون على المسيحيين لتحقيق اجندة سياسية... وقال الهاشمي خلال مؤتمر صحافي عقد اجتماعه مع رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد انه يشاطر المسيحيين القلق والالم ولذلك لا بد من وقفة للدولة واجهزتها الامنية وقواتها المسلحة كي تؤدي ما عليها في هذه الظروف لحماية الاخوة المسيحين باعتبارهم شركاء في الوطن ولهم استحقاق على الدولة واجهزتها بأن تحميهم من كل هؤلاء الطارئين والمجرمين والقتلة. واضاف ان هذه المشاطرة في الحزن والالم والموقف لا تكفي ولا بد من تحرك سريع يعيد الامور الى نصابها ويعيد المهجرين الى قراهم وديارهم ويوقف حملة التهجير القسرية وسفك الدماء على عجل.

وعما اذا كان يتهم جهات معينة بالوقوف وراء استهداف المسيحين وهل هناك خطة عاجلة وعملية لإيقاف هذا النزيف والتهجير اجاب الهاشمي قائلا ان الرسالة وصلت والموقف واضح بالنسبة إلى الحكومة، وهناك اجراءات اتخذت على عجل اليوم وينبغي التركيز على ملف تهجير المسيحيين من قراهم ومدنهم.هذا يجب أن يحظى بالأسبقية الى ان يستتب الامن والنظام وتعود هذه العوائل وبعد ذلك لا بد من اعادة تصويب العمليات العسكرية. واشار الى ان الوضع ما زال مضطربًا، وهناك جهات عديدة لها مصلحة في اضعاف العراق وخلق فتنة جديدة ولا بد من خلق مشكلة بين طائفة وطائفة، بين عرق وعرق، بين دين ودين. العراق مستهدف والمسألة ليست جديدة، فالمسلسل قائم منذ 2003 وما زال مستمرًا، المهم ان نصمد وان نقاوم وألا نستسلمquot; . وشدد على ان quot;هناك قتلة ومجرمين ينشطون في اطار اجندة سياسية لذا لا بد من وقفة واحدة من جميع العراقيين ايا كان انتماؤهم لهذا الغرضquot;.

ومن جانبه فقد أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بأتخاذ الاجراءات اللازمة لاعادة مئات العائلات المسيحية التي تم تهجيرها من مدينة الموصل الشمالية مؤكدا ان للمسيحيين الحق في العيش بأمان وكرامة في وقت تم فيه ارسال فوجين عسكريين الى المدينة لحماية ابناء الطائفة المسيحية واماكن عبادتها. فقد أمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء المالكي بإجراء تحقيق فوري عن أسباب هجرة عدد من العوائل المسيحية في محافظة الموصل واوعز بإتخاذ الإجراءات الفورية واللازمة لإعادة العوائل المسيحية التي تم تهجيرها خلال الأيام الماضية. وشدد على ان للمسيحين الحق في العيش بأمان وكرامة، وهم مكون اساس من مكونات الشعب العراقي يستحق الرعاية والاهتمام والتقدير وتوفير جميع احتياجاته. وأكد ان الاجهزة الامنية في نينوى ستقوم باتخاذ الاجراءات اللازمة لعودة المهجرين الى منازلهم والوصول الى الجماعات الارهابية التي تقف وراء هذا المخطط الارهابي وتقديمهم للعدالة كما نقل بيان صحافي لمكتب اعلام رئاسة الوزراء الى quot;ايلافquot;.

وعلى الصعيد نفسه قال قائد العمليات في وزارة الداخلية اللواء الركن عبد الكريم ان الوزارة ارسلت فوجين من الشرطة لحماية الاحياء المسيحية في الموصل بعد عملية نزوح جماعية شملت نحو الف عائلة اثر تهديدات ومقتل اكثر من عشرة مسيحيين. واوضح قائلا quot;أرسلنا فوجين الى المناطق المسيحية لوضع الكنائس ودور العبادة تحت حماية مشددة في الموصل ونشرنا قوات مكثفة منذ منتصف ليل امس السبتquot;. واضاف ان الوزارة quot;ارسلت فريقين احدهما امني والثاني جنائي للتحقيق في القضايا التي وقعتquot; في اشارة الى مقتل 11 مسيحيًا خلال عشرة ايام وتفجير ثلاثة منازل والتهديد بقتل ابناء الطائفة اذا لم يرحلوا.

وقد شنت القوات العراقية منتصف ايار (مايو) الماضي حملة quot;ام الربيعينquot; لمطاردة القاعدة والجماعات المتطرفة في المدينة، واعتقلت اكثر من الف مشتبه به. وفي الاسابيع الاخيرة نزل مئات المسيحيين الى شوارع بغداد والموصل للاحتجاج على قانون الانتخابات المحلية الذي يحرمهم من تخصيص نسبة صغيرة من المقاعد لهم في نينوى وبغداد ومحافظات اخرى الامر الذي طالبت معه الحكومة مجلس النواب بإعادة نظام الحصص .

وقد تعرض المسيحيون في الموصل لسلسلة من الاعتداءات ابرزها خطف اسقف الكلدان المطران بولس فرج رحو في شباط (فبراير) الماضي والعثور عليه مقتولاً بعد اسبوعين في شمال الموصل . كما شهدت كنائس في الموصل وبغداد في كانون الثاني (يناير) الماضي موجة اعتداءات اسفرت عن سقوط قتيل واربعة جرحى وألحقت اضرارًا طفيفة بالمباني المستهدفة. وقتل مسلحون كاهنًا وثلاثة شمامسة في حزيران (يونيو) عام 2007 امام احدى كنائس الموصل اضافة الى عمليات خطف تعرض لها اساقفة وكهنة في المدينة.

وتتعرض كنائس المسيحيين في العراق باستمرار الى اعتداءات ما ارغم عشرات الالاف منهم على الفرار الى الخارج او اللجوء الى سهل نينوى واقليم كردستان العراق. ويعيش في محافظة نينوى حوالى 750 الف مسيحي يمثل الكلدان سبعين في المئة منهم فيما يشكل السريان الارثودكس والكاثوليك والاشوريون الباقي. وتشير تقديرات الى ان عدد المسيحيين في العراق كان اكثر من مليون شخص قبل الاجتياح الاميركي لكنه تضاءل كثيرًا بسبب الهجرة فيما نزح قسم كبير الى الشمال بعد ان تعرضوا لعمليات قتل وخطف وتهجير من جانب متطرفين اسلاميين.