في ذكرى غزو الكويت
شباب فلسطينيون: صدام وقع في شرك نصبته قوى خارجية

خلف خلف ndash; إيلاف: نتذكر كيف كانت الصواريخ العراقية تمر من سماء فلسطين متجهة إلى إسرائيل، كنا فرحين وقتها، إعتقدنا أن مخلصنا من عذابات الإحتلال والقهر والإذلال أخيرًا قد جاء بعد طول انتظار، لم نستوعب باقي المجريات وما صاحبها من وقائع وتحركات على الساحتين الإقليمية والدولية، أوصلت المنطقة عمومًا والعراق خصوصًا لمشهد مأسوي دموي نعايشه يوميًا عبر شاشات الفضائيات العربية ووسائل الإعلام بكافة أنواعها. بهذه الكلمات عبر معظم الشبان الفلسطينيين، الذين إلتقت بهم quot;إيلافquot; في محاولة لرصد الصورة العالقة في ذهنهم عن غزو صدام حسين للكويت أوائل التسعينات، بينما كانت أعمارهم لم تتجاوز الست سنوات.

الشاب الفلسطيني شادي كايد في منتصف العشرينات، كان منشغلا في دردشة مع أصدقائه، حاولنا الحصول منه عن إجابة لسؤالنا، الذي كان نصه الآتي: quot;حينما تم غزو الكويت كنت طفلا، كيف ترى الآن هذا الحدث؟، فقال: quot;فرحنا للصواريخ التي أطلقها صدام على إسرائيل، ولكن اكتشفنا لاحقا أنها لم تقتل سوى إسرائيلي مات اختناقًا لعدم استخدامه الواقي من الهجمات الكيماوية بالشكل الصحيح، ولم يمت من القصف المباشرquot;.

وتابع: quot;صدام وقع في شرك نصبته قوى خارجية، شجعته على الإقدام على مثل هذه الخطوة لتحقيق مآربها الخاصة، وهي نفسها من دعمته سابقا في حربه مع إيران، ولذلك كل ما يجري الآن هو عبارة عن مخطط رسم عبر زمن من بعض القوى الكبرى في العالم والتي تتحكم في خيوط اللعبة الدوليةquot;.

حب السيطرة والنفط

ويضيف: quot;غزو الكويت كان الشرك الذي وقع صدام حسين في أحابيله، فهو نسي أن الكويت بلد عربي، لا يجب احتلاله أو المس بشرعيته، كون ذلك يمثل إهانة لكل العرب، وهو ما تبلور عمليًا من خلال تدخل معظم الدول العربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية بفعل مصالحها النفطية، لصد العدوان على الكويت.

ولا يختلف رأي الشاب الجامعي مروان أبو سليم (25) عامًا، عن سابقه، ولكنه، يضيف: quot;غزو الكويت كان بدافع حب السيطرة الذي تملك صدام، فخروجه منتصرًا في حربه مع إيران، جعله يصاب بمرض العظمة، فأراد أن يحتل الكويت، ليزيد قوته، ويحكم منطقة الشرق الأوسط برمتها، وهذا خطأ كبير باعتقادي، لأن الكويت بلد عربي شقيق. ومنظمة التحرير أو بالأخص الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بموقفه الداعم والمؤيد لصدام حينذاك دلل على تعلق الفلسطينيين بأي قشة لتخليصهم من الاحتلال ليس أكثر، بينما أسيء فهم الموقف من قبل الأشقاء الكويتيينquot;.

أما زميلته مريم محمود، فترى أن غزو الكويت، جاء نتيجة عداوة شخصية بين صدام وأمير الكويت، وبحسبها، احتلال العراق للكويت لم يكن مخططًا، بل جاء بدافع انتقامي أكثر منه استراتيجي، وتضيف: quot;لو عرف صدام نهايته، لما أقدم على مثل هذه الخطوة التي جعلته يدفع ثمنها حياته، بالإضافة إلى تدميره بلده، واحتلاله من قوى أجنبيةquot;.

ولكن الشابة سحر يوسف تختلف مع آراء سابقيها، بل لديها نموذجها الخاص، بخصوص ما تسميه quot;دخول صدام للكويتquot;، وتقول: quot;حينما دخل صدام الكويت ترددت أحاديث وسيناريوهات عديدة، أحدها على الأقل، ما زال عالقا في ذهني حتى اللحظة ويرفض الزوالquot;، طلبنا منها الاستفاضة والإيضاح أكثر، فقالت: quot;لم أكن في ذلك الوقت ناضجة تمامًا، ولكن سمعت في حديث عام، شخصا ما يقول إن صدام دخل الكويت لإحباط مخططات أميركية تحاك ضد المنطقةquot;. quot;لا أعرف ما مدى مصداقية مثل هذا الحديث، لكنه وقتها أعجبنيquot;، تقول يوسف.

ماذا يقول الكبار؟

جلال سلمان (50 عامًا)، يعمل في محل لبيع الخضار في مدينة رام الله، ضحك عندما طرحنا سؤالنا عليه، حول رؤيته لغزو صدام للكويت بداية التسعينات، ثم قال مستجمعًا أفكاره: quot;راهنت على صدام كثيرًا، لقد أعجبني تحديه لإسرائيل وأعجبني حتى في لحظة إعدامه، وبقيت مع جميع أفعاله، حتى في احتلاله للكويت، فالأخيرة محتلة عمليًا من قبل الأميركيين، فما الفرق بين احتلالها الآن، واحتلالها من صدام في التسعينات؟

ولكن هذا الرأي السابق يبدو مخالفًا تماما لما يقوله المدرس بشار خليل (47 عاما): quot;صدام حسين كان دكتاتورا في حكمه لشعبه، فهو حرمه من الطعام من أجل حروب خاسرة، فاحتلاله للكويت كبد العراق الكثير الكثير، ويمكننا تلمس ذلك مما نشاهده اليوم عبر شاشات التلفزة، وكنت من أشد المعارضين لهذه الخطوة ورأيي لم يتغير ولن يتغيرquot;.

ويعتبر أمجد أبو رأس (43 عامًا)، صدام حسين بطلاً عربيًا، وقع في خطأ قاتل قلب كل مستقبل المنطقة، تمثل باحتلاله للكويت، فلولا هذه الخطوة، لكان صدام الآن يمتلك دولة عظمى تمتلك أقوى الجيوش والأسلحة في العالم اسمها العراق، بدلا من عراق ممزق دمه ينزف، ومدمر محتل من قبل الجيش الأميركي في الوقت الحاضر.

بينما ترى السيدة بهية عبد الجبار (48 عاما) أن صدام ونظامه مثل أحد الأنظمة الدكتاتورية، واحتلاله للكويت لم يخرج عن هذا الإطار، ولكن عبد الجبار، تقول: quot;للأسف صدام لم يعدم، لأنه أضر بشعبه، بل لأسباب سياسية، أميركا أرادت ذلك، وليس بناء على رغبة الشعب العراقي، الذي لم يستشر أيضا عندما تم احتلاله، فكثير من الشعوب تكره واقعها، وتأمل الخلاص، ولكن لا تريد ذلك على يد الاستعمار الأجنبي، وتضيف، باعتقادي كان سيكون شكل العراق أفضل، لو أن شعبها، امتلك الجراءة والقوة، وخرج ضد صدام، ولم يحصل ما حصل.

ويكاد شباب فلسطين وكبارها يجمعون على أنه يجب التصدي لأي مخططات خارجية تهدد المنطقة، ولكن ليس عبر الاستعانة بقوى خارجية إنما بالوحدة، ويقولون كلهم بصوت واحد، متى يأتي اليوم الذي يتم التخلي به عن القطرية لصالح الوحدة العربية؟