أسباب الإرتياح الكبير إلى تعيينه واتساع الآمال
خوجة سفير الثقافة في مجلس الوزراء السعودي

العمير: عبد العزيز خوجه صاحب تجربة

السعوديَّة تشرّع أبواب التغيير

الشريان للخوجة: الغام وزارة الاعلام قد لاترى بعكس الغام لبنان!

وزراء quot;المنطقة الحمراءquot; عاشوا فترة تقلبات

إيلاف تستعرض سيرة الوجوه الجديدة في الحكومة السعودية

أحمد عدنان من بيروت: كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين الدكتور عبد العزيز خوجة وزيرًا للثقافة والإعلام، من جملة القرارات الإصلاحية التي أعلنت في الأيام الماضية، والتي إستقبلها المواطن السعودي والإعلامي السعودي بإرتياح وحبور. لم يكن السبب، رحيل الوزير السابق إياد مدني، بل على العكس، فقد حاز الوزير السابق على رصيد جيد لدى الإعلاميين والمثقفين في المملكة، كونه أحد أبناء مهنة الصحافة، حيث ترأس تحرير صحيفة quot; سعودي جازيت quot; وكان قدترأس الجهاز الإداري لصحيفة quot;عكاظquot; لفترة طويلة، إضافة إلى أنه ينتمي إلى عائلة لها حضورها الثقافي المعروف.

ومع هذا تعرض الوزير السابق لحملة شعواء في صفحات الإنترنت، تارة تتهمه بالكفر، وتارة تتهمه بالانسلاخ عن عادات المجتمع وتقاليده، والسبب يعود إلى أن الوزير مدني جدّد روح وزارته، ونظر إلى دور الرقابة بروح أكثر تسامحًا ممن سبقوه وبأسلوب أكثر عصرية، وحاول أن ينوع الخطاب الديني والاجتماعي داخل وسائل الإعلام التي تحت إدارته، كما كان شريكًا مع الصحف في التعايش مع حدود هوامش الحرية. لذلك تضامن المثقفون والإعلاميون مع الوزير مدني في وجه تلك الحملة، وعبروا عن تضامنهم هذا بأكثر من وسيلة، وفي أكثر من مناسبة. إذن، فالسؤال المطروح هو، لماذا استقبل نبأ توزير الخوجة سفير خادم الحرمين في لبنان بتفاؤل وثقة؟!

والإجابة تبحث في أكثر من جانب، أهمها : الخبرة، فالوزير خوجة عاد إلى وزارته التي كان وكيلاً لها في عهدي الوزير الدكتور محمد عبده يماني، وبعضًا من الوقت في عهد اللواء علي الشاعر، ويعرف المراقبون أن الخوجة ترك الوزارة في عهد الأخير، بسبب عسكرة الوزير الشاعر للإعلام ndash; وفقا للمصطلح الشائع- ليعينه خادم الحرمين الراحل الملك فهد بن عبد العزيز أستاذا في الجامعة، ثم سفيرا أولا في موسكو، ولاحقا في أنقرة، الرباط، وأخيرا ... بيروت.

وخوجة هو أحد الأسماء الثقافية اللامعة، وعلى صلة وطيدة بالإعلاميين والصحافيين، مما يجعله على علم بآلية وحاجات وهموم الثقافة والصحافة، وطوال رحلته الدبلوماسية، ومن قبل، حين كان وكيلا لوزارة الإعلام، كان يتمتع بعلاقات أخوية مع أهل الإعلام والصحافة، ولا يمكن أن يصفه مع يعرفونه، سوى بأنه شديد التهذيب، رفيع الخلق، ومرهف الحس، وجدير هنا التذكير بالقصة التي يعرفها أغلب الإعلاميين السعوديين، حين تم تكليف خوجة وكيل الوزارة إبلاغ رئيس تحرير quot;عكاظquot; الأسبق رضا لاري قرار إقالته من منصبه، فاتصل به وقال له : quot; يا أخ رضا، لقد قبلنا استقالتكquot; ، وكان السبب أنه خجل من أن يبلغه أنه أقيل، وأراد أن يراعي مشاعره.

وكان خوجة طوال رحلته الدبلوماسية، حريصا على التعريف بالمثقف السعودي والمبدع السعودي، في البلدان التي عمل فيها، فكان يرعى توقيع الكتاب السعودي، وفي أكثر من مرة شكل حلقة وصل بين المثقفين السعوديين والمثقفين العرب، وكان يسعى لإبراز النتاج الإبداعي السعودي، على سبيل المثال، دعم تعليق لوحات تشكيلية لفنانة سعودية في quot;مطار رفيق الحريري الدوليquot; ببيروت بعد حرب تموز الماضية، تعبيرا عن تضامن الفنان التشكيلي السعودي مع الشعب اللبناني.

وعلى ذكر حرب تموز، شاهد المثقفون السعوديون، والإعلاميون، كيف تعامل خوجة بوصفه سفيرا مع المواطنين السعوديون الذين داهمتهم حرب تموز وأحداث أيار في لبنان، وكيف كانت السفارة السعودية بيتا حقيقيا لهم، وكيف أشرف خوجة شخصيا على سلامتهم، والمقيمون السعوديون في لبنان يعلمون أن سلوك خوجة لم يكن استثنائيًا بمناسبة الأحداث، فالسفير خوجة يصعب أن تفصل بين شخصه كمسؤول وبين شخصه كإنسان، فحين يلجأ له المريض بوصفه سفيرًا كان يعالجه على نفقته كإنسان، وحين يذهب إليه الفقير محتاجًا كان يدعمه كأب أو أخ، وكان يسأل بنفسه ويتابع حالات العوائل السعودية الفقيرة في لبنان ويبذل قصارى جهده لتيسير معيشتهم، بوصفه سفيرًا، وحين يغيب السفير يحضر الإنسان، وهناك قصص كثيرة سيصعب جمعها إذا تحدثنا عن الجانب الإنساني من عمل خوجة في لبنان، وهذا أحد جوانب احتفاء المواطن بتعيينه لأنه شخصية يبرز الشق الإنساني في سلوكها، وفي تعيينه مكافأة لمسؤول كفوء لمسوا أو سمعوا عن كفاءته وإنسانيته.

وأروي حديثًا دار بيني وبين أحد الدبلوماسيين العرب في لبنان، حين سمعنا نبأ توزير السفير، قال الدبلوماسي بعاطفة كبيرة: quot; لقد عملت مع العديد من السفراء، قبل quot;أبو هبةquot;، لكني لم أحب أحدًا مثله، كل الناس لهم سلبيات وإيجابيات، إلا خوجة لا أستطيع أن أرى فيه إلا الإيجابيات المفروض أن يكون خليفة خوجة مماثلا له في الكفاءة والإنسانية، وقد نجد كفاءات مشابهة أو مماثلة للخوجة كسفير، ولكن هل هناك من يوازيه كإنسان؟ لا أظن !quot; . ويجدر في سياق الحديث عن خوجة، التذكير بما يريده المثقف والإعلامي من وزير الثقافة والإعلام الجديد.

يدرك المثقف والإعلامي، وحتى المتلقي، في المملكة العربية السعودية، أن وزير الإعلام، لا يتحكم تماما في هامش الحرية، الذي يتحدد وفقا لتفاعلات السياسة الداخلية من جهة والظروف الدولية من جهة أخرى، لذا فالمتوقع من الوزير خوجة ألا يضيق واسعًا، والمطلوب منه أن يستكمل الجوانب الإيجابية في أسلافه، وأن يكرس دور الوزارة كراعية وحامية للحرية، لا وصية عليها، وهذا يجب أنا يكون أمام الصحافي وأمام الدولة على السواء. ولقد أثار تصريح خوجة في يوم توزيره حساسية بعض الإعلاميين حين قال لإحدى الفضائيات إن الإعلام السعودي في عهده سيقوم بدوره في شرح السياسة الخارجية السعوديةquot; نظرًا لأنهم يعلمون أن عهد الإعلام الموجه قد ولى، وأن خوجة يفضل العمل في ظل الإعلام الحر والمبادر والشريك، وهذا تصريح غريب عليه، خاصة أن السياسة الخارجية السعودية، واضحة ولا تحتاج إلى شرح، وحتى إذا كانت غامضة أو غير مفهومة، فهذه ليست مسؤولية الإعلام.

إن المثقف والإعلامي، ينتظر من الوزير خوجة الاتجاه نحو مفهوم الإعلام العصري، الإعلام كخدمة وصناعة، وليس إعلام الرسالة / الأدلجة الذي يصادر خيارات الناس، أو يبث عليهم مواعظه الأخلاقية. ولعل أهل الإعلام والصحافة، يأملون من وزيرهم الجديد، دفع هيئة الصحافيين لأداء دورها، وفتح سوق الإعلام السعودي للاستثمار والنشر بشكل أكبر، وتحقيق الأمان الوظيفي للإعلامي والصحافي، والأهم .. تعريف الإعلامي والصحافي، وكتابة ميثاق شرف للصحافة السعودية والإعلام السعودي ينتصر فيه للموضوعية والمصداقية والمهنية، ويحدد القيم والأخلاقيات التي تجمع بين أهل المهنة، والتي تقوم عليها المهنة، والتي تحكم علاقات المهنيين بالمحيط العام والخاص.

وهل نحلم كثيرًا إذا تمنينا أن تتخلى وزارة الإعلام عن حقها في إقالة رؤساء التحرير، وأن يكون هذا الخيار مقتصرًا على الصحف التي يعملون فيها، وهل أحلم أكثر إذا صرح الوزير الجديد قائلا : quot; إن عقوبة إيقاف الكتاب أو منعهم من الكتابة قد ذهبت بغير رجعة، سنستطيع أن نناقش في تلفازنا ما كنا نناقشه على الفضائيات العربية والغربية بنفس الجرأة والشفافية والتنوع، إن وزارتي تسعى لأن تعزز مكانة الشباب ودورهم في الإعلام السعودي، وكما عين خادم الحرمين حفظه الله نائبة لوزير التعليم، لم يعد هناك مانع لأن تتولى امرأة رئاسة تحرير صحيفة يومية في المملكة، أو تدير إحدى قنوات التلفاز أو الإذاعة، يستطيع أن يصل إلمواطن إلى أي مطار دولي ويجلب ما يشاء معه من الكتب، ولماذا هذا التعب؟ إن الكتب التي يشتريها من الخارج متوفرة في مكتباتناquot; .

ينتظر من الوزير الجديد أيضًا، في دوره الثقافي، الاستمرار في دفع الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون كمراكز لاستقطاب وتفريخ المواهب والأفكار، وإحياء الحياة الثقافية في البلاد بالندوات والمهرجانات والجوائز والمناشط، والاهتمام بالرموز الثقافية في حياتها وليس فقط بعد مماتها، وإعادة بعث دور النشر السعودية، في بلد هي السوق الأكبر للكتاب العربي، ومبدعيه وباحثيه ينشرون نتاجهم خارجها، وتكريس ثقافة الديمقراطية في المشهدين الثقافي والإعلامي.

المثقف والصحافي، ينتظران من الوزير خوجة أن يكون لهما سفيرًا في الوزارة وفي مجلس الوزراء، وأن لا يرضى عليهما ما لا يرضاه على نفسه. وكل الأمل وزيرنا الخبير أن يتنبه من بعض الصحف المتملقة التي ستفيض على القارئ من أشعار الوزير، فيمل الناس ذلك الشعر الحالم، بعدما كانوا يتوقون لقراءته والتماهي معه، وليس من ضرر لو تم توجيه الصحف بالنشر على وتيرة ما قبل الوزارة، هناك حل أنجع... امنعهم من كل التملق .. تمنع عنا كل الملل.