وسط دعوات لتفكيك نظامه وفرض عقوبات على وشاياته الكاذبة
المخبر السري تسبب بإعتقال 20 ألف عراقي عام 2008

غيتس: اوباما اخذ خيار الانسحاب من العراق الذي اوصى به البنتاغون

ميليباند: قواتنا تنسحب من العراق نهاية الشهر المقبل

ميليباند: نسعى الى تحويل العلاقات مع العراق

إتفاق على إغلاق ملفات تعيق تطور العلاقات العراقية الكويتية

القوات الأميركية تغادر العراق في أب 2010

أسامة مهدي من لندن: وسط تنامي الدعوات لتفكيك نظام المخبر السري في العراق الذي يعتبر أكبر أجهزة الدولة رعبا وتسببا بإيذاء العراقيين ويقوم على تجنيد آلاف في المحافظات العراقية مكلفون بنقل المعلومات والأخبار عن أماكن تواجد المسلحين أو البعثيين أو المطلوبين للقوات العراقية والأميركية وحتى المتذمرين فقد أكدت منظمة للحقوق والحريات الدستورية أن تقارير المخبر السري تسببت خلال العام الماضي باعتقال حوالى 20 ألف مواطن جراء وشايات كاذبة وتهم كيدية قام بها المخبرون بهدف تصفية حسابات شخصية أو عائلية أو تكريس الإحتقان الطائفي والعرقي وزرع البغضاء والأحقاد بين أبناء المدينة الواحدة أو المنطقة أو الحي وبين العشائر أو أبناء العشيرة الواحدة.

واشار مرصد الحقوق والحريات الدستورية في العراق في تقرير وزعه اليوم الى ان من الانتهاكات التي حرص على رصدها هي ظاهرة الاعتقالات التي سجلت أعداداً تجاوزت آلافاً عدة . ولاحظ أن الحكومة شنت عمليات عسكرية أسهمت في استتباب الأمن والقضاء على أوكار الإرهابيين لكن تلك العمليات العسكرية رافقتها انتهاكات شديدة لافتة للنظر متمثلة بالعديد من عمليات الاعتقال التي استندت في أغلبها الى تقارير استخبارية تعتمد بدورها على تقارير مخبرين سريين . واكد أن كثيراً من الأبرياء جرى اعتقالهم استناداً الى هذه التقارير التي تشوبها الأخطاء وعدم الدقة والكيدية .

وقال انه وفق معطيات وقرائن عدة فقد لاحظ أن الحكومة لم تجر لحد الان مراجعة تقويمية لظاهرة المخبر السري ولم تأخذفي الاعتبار أهلية هذا المخبر وصدقيته ولم تتشدد في فرض معايير رصينة يتم الاحتكام اليها في اختيار المخبر السري مثل quot;السمعة الحسنة، السجل الجنائي النظيف، الصدق، الأمانة، الالتزام الديني والاجتماعي، والولاء الوطني غير المشوب بشبهة التحزب والطائفية والعنصريةquot; نظراً إلى أهمية الدور الذي يقوم به وتأثيره سلباً أو إيجاباً على الأفراد والمجتمع وانعكاسه على اداء الأجهزة الأمنية واجباتها ومسارات تحقيق العدالة . واضاف أن الأجهزة الأمنية لم تتبع ايضا السبل الكفيلة في التحري عن حقيقة المعلومات الواردة لها مكتفية بإلقاء القبض على ما تسميهم المشتبه فيهم تبعا لتلك التقارير ووضعهم في السجون لأشهر انتظارا لعرضهم على قضاة التحقيق .

وانتقد المرصد الحكومة والأجهزة الأمنية والجهات المعنية الأخرى ولا سيما وزارتي حقوق الإنسان والعدل واللجان المختصة في مجلس النواب لعدم تعاطيها بمسؤولية مع كثير من التقارير التي أشارت بفصاحة الى زجّ العديد من المواطنين الابرياء في السجون جراء وشايات كاذبة وتهم كيدية وإخبارات ملفقة قام بها مخبرون سريون بهدف تصفية حسابات شخصية أو عائلية أو انخراطاً في إملاءات ترمي الى تكريس الاحتقان الطائفي والعرقي وزرع البغضاء والأحقاد بين أبناء المدينة الواحدة أو المنطقة أو الحي أو بين العشائر أو أبناء العشيرة الواحدة .

واكد المرصد أن العام الماضي 2008 شهد اعتقال 19 ألفاً و708 عراقيين تم الاستناد في كثير منها الى تقارير المخبر السري . واشار الى ان من اهم المشاكل التي تم رصدها خلال ذلك العام السابق والتي لا تزال قائمة: وشايات كاذبة لكثير من المخبرين السريين أدت الى زيادة أعداد المعتقلين وقلة عدد القضاة المكلفين النظر في الدعاوى ضد المشتبه فيهم وبطء سير الإجراءات التحقيقية على الرغم من أن الدستور نصّ على وجوب عرض المتهم على قاضي التحقيق خلال 24 ساعة اضافة الى ضيق وقلة الأماكن المخصصة للاحتجاز وكذلك السجون التي لا تستوعب الأعداد الكبيرة من المعتقلين فضلا على حاجة السجون الى المستلزمات الضرورية لتوفير متطلبات العيش للسجين، وإن بحدّها الأدنى.

وازاء ذلك فقد دعا مرصد الحقوق والحريات الدستورية الى ضرورة الالتزام بمحاسبة كل من يقدم معلومات الى الأجهزة الامنية يثبت أنها كيدية والالتزام بالتعويض المادي والمعنوي للمتضررين الابرياء سواء من جرى اعتقاله وثبتت براءته أو من لقي حتفه أثتاء تنفيذ الاعتقال أو في السجن ثم ثبت أنه كان بريئاً . كما طالب بالالتزام الفعلي في إلغاء نظام quot;المخبر السريquot; واستبداله quot;بإجراءات مدروسة وصحيحة تكفل تعزيز سلطة القانون واحترام حقوق الإنسان في آن معاً بما يجعل اداء الأجهزة الأمنية ضامناً لترصين الأمن والعدالة وليس سبيلاً الى مظالم اجتماعية تفقد المواطن ثقته بالحكومة ومؤسساتها الأمنية والقضائيةquot; كما قال .

وأكدت مصادر أمنية عراقية ان وزارة الداخلية التي ورثت برنامح quot;المخبر السريquot; من القوات الاميركية، تتجه الى تفكيكه في سياق انتقال السلطات الأمنية الى الجانب العراقي بموجب الاتفاقية الأمنية بين البلدين . وتقول المصادر ان برنامج المخبر السري يعتبر أكبر أجهزة الدولة رعبا وتسببا بإيذاء العراقيين ويقوم على تجنيد آلاف في المحافظات العراقية يكلفون خلالها بنقل المعلومات والاخبار عن أماكن تواجد المسلحين أو البعثيين أو المطلوبين للقوات العراقية والاميركية أو العراقيين الذين يكنون العداء للاميركيين . وتشير الى ان رئيس الوزراء نوري المالكي أوعز بتشكيل لجنة في وزارة الداخلية لمراجعة جميع المعلومات التي تدفقت عبر ذلك الجهاز كما أمر بإحالة أكثر من 250 مخبرا منهم للتحقيق بعد ثبوت كذبهم في معلومات أدت الى قتل أو اعتقال مواطنين أبرياء.

ومن جهته قال اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد إن قيادته ملزمة بمحاسبة المخبر السري الذي يعطي معلومات ldquo;مضللةrdquo; او معلومات غير صحيحة وفق القانون. وأضاف انه ستتم محاسبة كل من يعطي معلومات الى الاجهزة الامنية يثبت انها كيدية وفق القانون . وكان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قد طالب في اجتماع مع وزير الأمن الوطني شيروان الوائلي مؤخرا القوات الحكومية بالكف عن الاعتقالات العشوائية ومداهمات بيوت المواطنين على مدار الساعة بسبب ما يسمى بظاهرة quot;المخبر السريquot; والوشايات الكيدية . وقال الهاشمي إن التحسن الأمني ينبغي أن يتجسد عمليا من خلال تقلص عدد المداهمات وأوامر إلقاء القبض التي لا تزال تطال حتى الناشطين سياسيا . واضاف quot;عندما نشيع أن البلد قد تعافى والأمن قد تحسن كثيرا فينبغي أن ينعكس ذلك عمليا بشكل يتقلص فيه عدد المداهمات وأوامر إلقاء القبض التي لا تزال تطال حتى الناشطين سياسياquot;. وشدد على أهمية quot;توطيد دعائم الأمن وتحرير الأجهزة الحكومية للتركيز على الاعمار والتنميةquot;. واشار الى أن الدستور quot;كفل الحرية ولا ينبغي التعدي عليها في إطار اخباريات مشبوهة أو مخبر سريquot; داعيا إلى ضرورة quot;إنهاء دور هذا المخبر في ظل التحسن الأمنيquot; .

كما انتقد رئيس كتلة الفضيلة في مجلس النواب العراقي حسن ألشمري آلية quot;المخبر السريquot;التي استخدمتها أجهزة الأمن العراقية وقال quot; سعينا إلى بناء دولة العراق على أسس صحيحة ودعونا إلى ضرورة استقلال القضاء ودعم المؤسسات القضائية ودعم القضاة في مجال امتيازاتهم وحصاناتهم حتى لا يتأثروا بأي مؤثر آخر من السلطات التنفيذية والتشريعية وما زلنا نجاهد إلى هذه اللحظة لتحقيق ذلك الهدف حتى نخلص القضاة من الابتزازات التي تحصل هنا وهناك كما يحصل الآن في بعض الحالات في آلية المخبر السري التي أدت إلى أن يكون الكثير من أبنائنا وأخوتنا قابعين في السجون من دون أي تهمة حقيقية ومن دون أي أدلة إثباتquot; .

كما دعا رئيس الوقف السني في العراق احمد عبد الغفور السامرائي أجهزة وزارة الداخلية إلى عدم اعتبار التقارير التي يوردها المخبرون السريون قرينة أساسية يتم إجراء عمليات الاعتقال والتحقيقات على أساسها. وقال السامرائي في كلمة ألقاها في المؤتمر السنوي الثاني لمديرية التحقيقات الجنائية التابعة لوزارة الداخلية مؤخرا إن quot;التحقيقات الجنائية في السنوات الماضية كانت اكبر معضلة عاشها العراقيون لكونها لم تكن بالمستوى المطلوبquot; . واشار الى انه quot;في بعض الأحيان كان العديد من العراقيين يأخذون بجريرة غيرهم وتنزع منهم الاعترافات بالقوة وهم لم يقوموا بعمل شيءquot;. وأشار السامرائي إلى أن quot;اختيار العناصر الجيدة في مديرية التحقيقات الجنائية ستمكن وزارة الداخلية من اختيار التشخيص الأفضل لكل قضية تواجهها بما يخدم استقرار البلد وتطورهquot;. وكانت العديد من الجهات قد اتهمت وزارة الداخلية العراقية خلال السنوات الخمس الماضية بالقيام بعمليات اعتقال عشوائية بناء على معلومات يقدمها مخبرون سريون تؤكد هذه الجهات أن اغلبها غير صحيحة ولا تمثل دليلا راسخا على تورط المعتقلين في إعمال العنف.