قرار الجنائية الدولية يقيد حركة البشير ولن يسقطه سوى انقلاب عسكري
القاهرة تقود تحركاً دبلوماسياً يهدف لإرجاء تنفيذ قرار الاعتقال لمدة عام

العالم منقسم حول مذكرة إعتقال البشير

دعوات الى ضبط النفس في السودان بعد قرار اعتقال البشير

أوكامبو: لم ألتق البشير ولا مشكلة شخصية معه

التحالف من أجل دارفور: كان على العرب نصح البشير

معارضون مصريون يطالبون بإعتقال قادة إسرائيليين أيضا

rlm;وزراء الخارجية العرب يحذرون من تداعيات توقيف البشير

هيومان رايتس: مذكرة إعتقال البشير إنذار للرؤساء المسيئين

الخرطوم تدعو موظفي أطباء بلا حدود إلى مغادرة السودان

نبيل شرف الدين من القاهرة: في أول تحدٍ لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، أعلنت حكومة الخرطوم أنه سيحضر قمة الدوحة العربية المقررة في نهاية الشهر الجاري في قطر، في ما رحب محمد حسين شريف ممثل quot; حركة العدل والمساواة quot; في القاهرة، بصدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير، ورأى أنه quot; يوم عظيم للشعب السوداني ولأهالي إقليم دارفور، لافتاً إلى تجديد الدعوة للرئيس السوداني، quot; للمثول أمام المحكمة لإثبات براءته، إن كان بريئاًquot;، على حد تعبيره. من جهة أخرى وصل إلى القاهرة يوم الخميس زعيم حزب الأمة السوداني الصادق المهدى قادما من عمان في زيارة لمصر تستغرق أياماً، وصرحت رقّية عبد القادر مديرة مكتب حزب الأمة بالقاهرة ان المهدى سيلتقي خلال هذه الزيارة مع عدد من كبار المسؤولين فى مصر لاجراء مشاورات حول الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية وقضية دارفور، وأضافت أن المهدي سيقوم بجولة خارجية بعد انتهاء زيارته للقاهرة، حيث سيزور تركيا وألمانيا وسيلتقي مع الجالية السودانية في الخارج.

وما أن أعلن عن صدور ذلك القرار حتى اجتمع وزراء الخارجية العرب على نحو طارئ لبحث تداعيات القرار، وأعلن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية أن مجلسها قرر إرسال وفد رفيع المستوى إلى مجلس الأمن الدولي في مسعى دبلوماسي عاجل لتأجيل إجراءات اعتقال البشير، لافتاً إلى التنسيق العربي ـ الأفريقي في هذا المضمار.

وحول التحرك لمعالجة الموقف...أكد عمرو موسى أن التعامل مع هذه القضية سيكون بعمل قانوني وسياسي، وقال إن quot;العمل القانوني أن نشير إلى مواد معينة في النظام الأساسي للمحكمة لتطبيقها، وهو الأمر الذى سيصوت عليه مجلس الأمن، وهذا عمل سياسي، أما عن تشكيل الوفد العربي ـ الأفريقي المقرر أن يتوجه إلى مجلس الامن، قال موسى إنه سوف يضم أعضاء اللجنة السابقة مع التشاور مع الإتحاد الأفريقي.

خيارات التحرك

وترجع جذور النزاع في إقليم دارفور، الذي يقع في أقصى غرب السودان ويمتد على مساحة كبيرة تبلغ نحو 510 آلاف كيلومتر مربع، في ما يبلغ عدد سكانه ما يزيد على 6 ملايين نسمة، إلى العام 2003، عندما بدأت المواجهات بين الحكومة السودانية ومجموعات مسلحة، تحولت لاحقاً إلى اقتتال دامٍ غذّته حزمة من الأسباب المعقدة، تأتي في صدارتها النزاعات القبلية التي يشهدها الإقليم المنكوب.

وقرار الاعتقال هو الأول من نوعه الذي تصدره المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي ضد رئيس في السلطة منذ إنشائها في عام 2002، ويخشى محللون سياسيون أن يتسبب هذا الإجراء في المزيد من الاضطرابات بالسودان والمنطقة المحيطة، وتشير حكومة الخرطوم إلى تصاعد العنف في دارفور خلال الشهور التي سبقت قرار المحكمة، ويقول علي كرتي وزير الدولة في الخارجية السودانية إن بلاده لن تكترث بهذا القرار الذي وصفه بأنه كان متوقعاً وتقف خلفه دول بعينها، على حد تعبيره.

غير أنه في المقابل فإن الخبراء في القانون الدولي يرون أن هذا القرار ملزم حتى للدول التي لم توقع أو تصدق على معاهدة روما، والتي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية، وهنا ترى الدكتورة أميرة الشنواني أستاذة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن غاية ما يمكن أن تفعله الضغوط في هذا الاتجاه هو إرجاء تنفيذ القرار لمدة عام واحد قابل للتجديد.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها لم تجد أدلة كافية لتضمين قرار الاتهام بحق الرئيس السوداني تهمة الابادة الجماعية لكنها وجهت الى البشير سبعة اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وتشير التقديرات الأمم المتحدة إلى أن ثلاثمائة ألف شخص قتلوا في صراع دارفور منذ العام 2003 ، كما شرد ما لا يقل عن مليونين وسبعمائة ألف نتيجة ذلك الصراع الدامي الذي بدأ عندما حمل متمردون السلاح ضد الحكومة مطالبين إياها بتمثيل أفضل وتحسين البنية التحتية في منطقتهم.
والرئيس السوداني هو أول رئيس دولة توجه له المحكمة الجنائية الدولية اتهامات وهو في منصبه منذ ما حدث مع رئيس ليبيريا تشارلز تيلور، والرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش، وكلاهما نقل إلى لاهاي في نهاية المطاف، وقد توفي ميلوسيفيتش قبل إصدار حكم في محاكمته التي استمرت زهاء أربعة أعوام.

خلفيات وتداعيات

وقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عريضة اتهام بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دافور ضد سكانها من قبائل quot;الفور والمساليت والزغاوةquot;، مستخدما في ذلك جهاز الدولة بأكمله وتحت مبرر مواجهة التمرد في الإقليم. وبعيدا عن تصريحات الرفض والشجب التي يطلقها مسؤولو الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وحتى السودان نفسه، فإن الأكثر أهمية هو ما يسوقه مراقبون يرون أن هذه الرسالة ربما تفتح أبواب الفوضى ليس في السودان فحسب، بل وفي دول افريقية أخرى عديدة، لأنها ستقوي نزعات التمرد المسلح في أكثر من مكان ودولة من دول القارة السمراء التي تواجه العشرات من أحداث التمرد والمواجهات الدامية.

ويذهب المراقبون والمحللون السياسيون إلى أن الاتهام الدولي حقق هدفه الاولّي في إضعاف مكانة الرجل الاول في السودان، وهو بحكم منصبه الدستوري ورئاسته لعدد من المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية، فضلا عن رئاسته لحزب المؤتمر الحاكم، بات متهما وعليه أن يثبت العكس، وهذا فى حد ذاته أمر لا يبدو ممكناً في ظل التعقيدات التي تحيط بقضية دارفور وتداعياتها الدولية والإقليمية.

غير أن موقف البشير يختلف اختلافا كبيرا عن ميلوسيفيتش وتيلور، فهو يحكم قبضته بقوة على كافة مقاليد السلطة كما أن هؤلاء الذين يمكن أن يسلموه للاهاي تفصلهم عنه مسافة كبيرة، ويقول نيك غرونو من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات: quot;إنه من المستبعد أن ينتهي الامر بالبشير في قفص الاتهام بقاعة المحكمة في أي وقت عما قريبquot;، مؤكداً أنه quot;ليس هناك احتمال حقيقي بأن تتم الإطاحة بالبشير في المدى المنظور باستثناء وقوع انقلاب عسكريquot;.

لكن في المقابل فإن قرار القضاة الدوليين باعتقال الرئيس السوداني من المؤكد أنه سيقيد حركته كثيرا، مما يجعل السفر الى الخارج بالنسبة للرئيس شبه مستحيل بشكل خاص ويجعل من الصعوبة بمكان قيامه بإجراء أي اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى خارج حدود بلاده.