الحل غير الدستوري يلوح في الأفق والإستقالة ليست إلا بداية
ترقب حذر لقرار كويتي قريب حول طبيعة المرحلة المقبلة

أمير الكويت يقبل استقالة الحكومة

برلمان الكويت: ربع الساعة الأخير فراق أم وفاق؟

الكويت، مصادر مختلفة: وضعت حرب الإستجوابات المقدمة لرئيس الوزراء الكويتي أوزارها، وتنفست الأجواء السياسية الصعداء من جديد بعد فترة تأزيم طويلة عاشتها البلاد، إذ أعلن وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد أن الأمير قَبِل مساء أمس إستقالة رئيس وأعضاء حكومة الشيخ ناصر المحمد وكلفها تصريف العاجل من الأمور إلى حين صدور مرسوم بتشكيل الحكومة الجديدة. وفيما أكد الشيخ ناصر الصباح أن quot;صاحب السمو الأمير أعرب عن بالغ شكره وتقديره لرئيس مجلس الوزراء وإخوانه الوزراء، متمنيًا للجميع دوام التوفيق لخدمة الوطن العزيز ورفع رايتهquot;، كما أكدت مصادر رفيعة المستوى أن quot;إستقالة وزارة المحمد الخامسة ليست إلا quot;بدايةquot; وحبة في مسبحة إجراءات لإعادة ترتيب البيت السياسي الداخلي بشكل كاملquot;، مشيرة إلى أن quot;قادم الأيام سيحمل اجراءات ستكون أعظم وأعمق أثرًاquot;، وهو الأمر الذي إستشعره رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي بقوله: إن ديرتنا تمر بليلة ظلماء وغيمة سوداء... الله يكفينا شرها، والله يستر عليناquot;.

وقالت مصادر وزارية لصحيفة laquo;الرايraquo; الكويتية ان جلسة مجلس الوزراء عقدت وفقًا لمداولتين،وتمّ النقاش في المداولة الأولى على أساس أن الطرق الدستورية كافة وصلت الى طريق مسدود في مناورات حكومية حثيثة لحشد أغلبية برلمانية تدعم تأجيل الاستجوابات الثلاثة إلى أسبوعين وإحالتها على المحكمة الدستورية في أحسن الأحوال.

وكشفت المصادر ان الحكومة تطرقت اثناء المداولة الأولى الى ان المحاولات الدستورية كافة الهادفة الى استمرارية اطالة عمر العلاقة بين السلطتين من خلال استخدام بعض laquo;التكتيكات الدستوريةraquo; إصطدمت بالفعل بالتهديد باستجوابات أخرى لرئيس الحكومة تتمثل في laquo;الشخصانية والتكسب الشخصي والتعسف باستخدام اداة الاستجوابraquo; بهدف تقويض الجهود الحكومية لإحتواء الأزمة بين السلطتين.

ولفتت المصادر إلى أن فريقًا من الوزراء كان يدفع في اتجاه رفع كتاب عدم تعاون بسبب laquo;سوء العلاقة التي ينتهجها بعض النواب في تقديم استجوابات الى رئيس الحكومةraquo;. واوضحت المصادر ان رئيس الحكومة المحمد توجه إليه بعد تعليق الجلسة الحكومية لاستكمالها في المداولة الثانية.

واشارت المصادر الى ان اجتماع الحكومة كان واضحًا عليه تمسك اعضائها بعدم اكمال دورتها جراء الأزمات السياسية غير المبررة التي أعاقت الجهود التنفيذية وأخرت المشاريع الاستراتيجية المستقبلية في ظل ظروف تعاني منها البلاد من الأزمة الاقتصادية والتي تتطلب علاقة التعاون بين السلطتين. وأشارت الى ان عودة رئيس الحكومة وترؤسه المداولة الثانية لجلسة الحكومة كان بمثابة الحسم النهائي لرفع كتاب الاستقالات الجماعية الذي اقفل كافة السيناريوات في المواجهة بين السلطتين حول التأزيم المستمر في ما خص الاستجوابات الثلاثة.

كما علمت صحيفة laquo;القبسraquo; الكويتية ان الشيخ ناصر المحمد غادر عند العاشرة والنصف صباحًا اجتماع مجلس الوزراء، وتوجه للقاء الامير في قصر بيان، ثم عاد بعد حوالى نصف الساعة لاستكمال ترؤسه اجتماع المجلس، وذكرت مصادر انه تم استدعاؤه الى القصر.

درءًا للفتنة وتأجيج المواقف

وبحسب مصادر وزارية فإن المجلس استعرض جدول اعماله الاسبوعي بشكل عادي، لكن الامور تغيرت عندما بدأ الوزراء يتلقون رسائل هاتفية عن استقالة الحكومة، الامر الذي دفع بعض الوزراء الى الهمس laquo;ماذا يجريraquo;؟ وبعد عودة سمو الشيخ ناصر، خلال حوالى نصف ساعة، وعند الثانية ظهرًا تقريبًا بعد اختتام جدول الاعمال، طرح الشيخ ناصر المحمد موضوع استقالة الحكومة. وابلغ وزراءه انه آثر الإقدام على هذه الخطوة درءًا للفتنة وتأجيج المواقف وتعميق الازمة وازدياد فجوة الانشقاق. ويقول مصدر وزاري laquo;كان واضحًا ان امر الاستقالة قد حسم خلال غياب نصف الساعة لسمو الرئيس واجتماعه الى سمو الاميرraquo;. واضاف laquo;ابلغنا سمو الرئيس انه سوف يقدم استقالته بسبب وصول الازمة السياسية الى أفق مسدودraquo;.

ويشير المصدر الى ان جميع الوزراء ايدوا وباركوا الاستقالة، وبعدها تم فتح باب النقاش حول الاستجوابات وآلية الطرح السياسي لدى الطرف الآخر المعارض لسياسة الحكومة. وكان هناك انتقاد شديد لتعسف البعض في استخدام الادوات الدستورية. وانتهى النقاش الى ان هذه هي الديمقراطية، والامر بيد صاحب الامر.

ردود أفعال

وقال مصدر وزاري لصحيفة laquo;الوطنraquo; الكويتية انه laquo;لا يمكن للحكومة خوض موضوع البت في الاستجوابات من دون أن تكون لديها غالبية مريحة ومطمئنة وان يكون هناك وضوح في الموقف، وهو الامر الذي لم يتوافر بوضوحraquo;.

واثار نواب تكهنات حول غموض الموقف بعد تأجيل قرار قبول الاستقالة رسميا laquo;وان ذلك قد يثير تكهنات ببروز احتمالات لحل مجلس الامة دستوريًا او غير دستوري، لكن هذه التكهنات لم تجد من يؤكدها لدى اي من الاطراف الحكومية او حتى ينفيهاraquo;. هذا وذكر النائب ناصر الدويلة لـ laquo;الوطنraquo; ان laquo;الحكومة قدمت استقالتها الرسمية فعلاًraquo;، وذكر النائب عبداللطيف العميري انه تلقى ونوابًا laquo;انباء عن استقالة الحكومةraquo;.

واكد النائب د.محمد الكندري ثقته بحكمة سمو امير البلادraquo;، مشيرا الى ان laquo;حالة التأزيم السياسي يتحمل مسؤوليتها الاعضاء التأزيميون الذين تعسفوا كثيرًا في استخدام صلاحياتهم الدستوريةraquo;. واشار النائب حسين القويعان الى ان laquo;الازمة لن تحل الا باحترام الادوات الدستوريةraquo;، مبينًا ان laquo;استقالة الحكومة مرحباً بها كمخرج للأزمةraquo;.

وقال النائب مسلم البراك ان laquo;الحكومة اصبحت لا تملك الا ورقة الاستقالةraquo;، لافتاً الى انه laquo;غير مقبول استخدام حل مجلس الامة لجعل النواب يتخلون عن ادواتهم الدستوريةraquo;. واضاف البراك ان laquo;الحكومة الحالية شكلت حتى تستقيل وقد يكون هذا القرار لجس النبض وعلى النواب الانتباهraquo;، موضحا laquo;بانه بالتأكيد لن تقبل استقالة الحكومة ويترك المجلس بلا حلraquo;. وافاد بان laquo;مجلس الوزراء ترك عمله الرئيسي وتفرغ لتقديم استقاله كل فترةraquo;، معتبرا الانتخابات المقبلة laquo;فرصة لكشف تردي وضع الحكومةraquo;.

ومن جانبه قال النائب د. ضيف الله بورمية ان laquo;مجلس الأمة لا علاقة له بالأزمةraquo;، مشيرًا إلى أن laquo;الحل يكمن في قبول استقالة الحكومة وتعيين رئيس وزراء جديدraquo;. واستدرك أنه laquo;لا خوف من الحل والعودة للشارع لكن القرار بيد سمو الأميرraquo;.

ومن جانبه أكد النائب خلف دميثير انه laquo;يحق لسمو الأمير حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري اذا رأى ان العلاقة بين السلطتين في تأزيم متواصل مثلما هو حادث اليوم ومتى ما رأى سموه ان ذلك في مصلحة الكويتraquo;، مضيفا laquo;لا الكراسي ولا المناصب تدوم وانما الشيء المهم الذي يدوم هو مصلحة الكويتraquo;.

واوضح السيد محمد المهري ان laquo;استقالة الحكومة الكويتية لا تكفي لحل الازمة السياسية في البلاد ما لم ينضم اليها حل المجلس وتعديل الدوائر الانتخابية مع اعطاء صوتين لكل ناخبraquo;، مبيناً أن laquo;هذا المجلس اصبح كابوسا موحشا ومرعبا وعبئاً ثقيلا على العباد والبلاد وعقبة كبرى أمام جميع مصالح الوطن والمواطنين والسبب في ذلك هو وجود جماعات التأزيم التي لا هم لها الا تأزيم الامور وتعقيدها سياسيا واقتصاديا وغير ذلك من خلال كثرة الاستجوابات التافهة السخيفة وآخرها استجواب laquo;الشينكوraquo;.

وزاد: laquo;اننا ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية والشرعية ولمصلحة الوطن نطلب من سمو أمير البلاد المعظم التدخل السريع لحل هذه المشكلة وعودة رئيس الوزراء الاصلاحي الشيخ ناصر المحمد مرة اخرى لرئاسة الحكومة فانه محبوب ومقبول لدى جميع المواطنين الشرفاء ولا قيمة لمخالفة بعض الاعضاء التأزيميين اصحاب الاستجوابات الكثيرةraquo;.