اعتبر محلل سياسي تركي موقف إردوغان تحول جذري في الخطاب السياسي التركي حيال إسرائيل.

أنقرة: تعاني العلاقات بين تركيا واسرائيل اسوأ مرحلة في تاريخها منذ نشوئها في عقد الخمسينيات وحتى تتويجها بمعاهدة التعاون الاستراتيجي منتصف التسعينيات بسبب ما تصفه انقرة بـ quot;عنجهية وغطرسة اسرائيلية لا تبالي بالقيم والاخلاقquot;.

فتركيا التي كانت اول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بقيام اسرائيل والحليف الاوحد لها في الشرق الاوسط ما انفكت تتصدى منذ سنتين لسياسات الحليف توخيا لاستقرار المنطقة وعدم تدهور الاوضاع ليبدا بعدها مسلسل التوتر بين البلدين.

فما كان التوتر ليهدا تارة حتى يشب تارة اخرى برغم محاولات تهدئة الخواطر التي تبذلها اطراف اسرائيلية او أميركية للتقريب بين تل ابيب وانقرة اللتين ما ان تقتربا من بعضهما حتى تتنافرا مجددا بسبب ملفات عدة اهمها الملف الفلسطيني. ومرد هذا التنافر استمرار الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الاوضاع الانسانية والاقتصادية والصحية من جرائه وهو وضع يغيظ اسرائيل ان ترى رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان يدينه وينتقده دوما ويطالب بانهائه فورا.

وجاء الاعتداء الدموي الذي نفذته وحدات كوماندوس اسرائيلية على سفينة quot;مرمرةquot; التركية اكبر سفن اسطول الحرية ا ليعمق شرخا لم يبرأ بعد في العلاقات بين البلدين منذ تدهورها اثر العدوان الاسرائيلي على غزة اواخر عام 2008.

وهذا الاعتداء الذي حمل إردوغان على قطع جولته اللاتينية والعودة لبلاده ليدرس احتمالات الرد عليه quot;كان عنوان خطاب عنيف لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات بين البلدينquot; تعهد فيه بان تركيا لن تدير ظهرها لغزة حتى لو تخلى العالم عنها وستستمر بتقديم الدعم لها.

وفي هذا الصدد اكد المحلل السياسي التركي المختص بشؤون الشرق الاوسط هاكان تجابور لوكالة الانباء الكويتية اليوم ان quot;خطاب إردوغان دشن مرحلة تاريخية في العلاقات التركية الاسرائيلية حينما وصف الهجوم الاسرائيلي بquot;القرصنة والعمل الدنيءquot; وهذا بحد ذاته تحول جذري في الخطاب السياسي التركي حيال اسرائيل كما توعد بمعاقبة المسؤولين عن هذا الهجوم.

واضاف تجابور المحلل في مؤسسة (ستاف) للدراسات الاستراتيجية والسياسية ان quot;الخطاب السياسي العنيف تزامن مع نشاط دبلوماسي قاده وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو ليس للتنديد بالفعل الاسرائيلي وانما لتهيئة الارضية للرد على اسرائيل في المحافل الدولية بدءا من الامم المتحدة ومنظمة حلف شمالي الاطلسي بوصفها عضوا فيها ومرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي وكذلك داخل اطار جامعة الدول العربية على اعتبار ان الفعل الاسرائيلي كان انتهاكا سافرا وصريحا للقانون الدولي بلاشكquot;.

واوضح ان موقف تركيا من الاعتداء الدموي الذي راح ضحيته 39 قتيلا وجريحا معظمهم من مواطنيها يتلخص في خطاب إردوغان وهو حشد المجتمع الدولي ضد اسرائيل والسعي لمعاقبة المسؤولين عن الاعتداء ما يعني مزيدا من التوتر في العلاقات.

واستبعد المحلل ان يكون خطاب إردوغان بعنفه قد تاثر بالحالة الانفعالية التي يمر بها الشارع التركي الذي لم تتحد اطيافه كافة كما هي الان حاليا بسبب quot;الجرم الاسرائيليquot; وقال ان الخطاب كان quot;واقعيا وبعيدا عن الانفعالquot;.

واكد انه برغم حجم الاذى الذي تعرضت له كرامة تركيا فانها ستلجا للوسائل الدبلوماسية والسياسية لمعاقبة اسرائيل على هذا الجرم مضيفا ان إردوغان التزم الجانب القانوني بقوله ان تركيا تقف الى جانب القانون والعدل بالقدر الذي تقف فيه اسرائيل الى جانب العنف والفوضى لهذا اتبعت تركيا بداية السبل القانونية.

واستذكر تجابور بداية التدهور في العلاقات العلاقات التركية الاسرائيلية ابان العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في ديسمبر عام 2008 وما اعقبها من حرب كلامية بين البلدين وانتهاء بالمشادة الكلامية الشهيرة بين إردوغان والرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس مطلع عام 2009 .

وقال ان اسرائيل كان بامكانها السعي للتهدئة مع تركيا منذ هذه الحوادث لكنها عملت بوعي او من دون وعي على تاجيج التوتر لذا جاء هجومها على اسطول الحرية وبالاخص السفينة التركية مقصودا.واعتبر ان اسرائيل ارادت ان توجه رسالة واضحة لتركيا وهي انها اي اسرائيل قوة اقليمية وليست تركيا وبذلت جهودا من شانها ان تخلق جوا لزعزعة صورة تركيا القوة المتصاعدة في المنطقة.

وتوقع المحلل ان انقرة لن تبقى مكتوفة الايدي ازاء ذلك خصوصا بعدما تلطخت يد تل ابيب بدماء الاتراك وانها تنتظر الانتهاء من موضوع اعادة جثث الضحايا والجرحى والسفن وركاب سفن القافلة جميعهم باقرب وقت ممكن لتبدا سلسلة اجراءات عقابية بحق اسرائيل.

واعتبر ان استدعاء السفير التركي من تل ابيب والغاء تمارين عسكرية مشتركة وسحب فريق كرة قدم تركي ما هو الا مقدمة لهذه الاجراءات مشيرا الى مقولة إردوغان بهذا الصدد quot;حذار من محاولة اختبار صبر تركياquot; وquot;عداوتنا ليست في صالح احدquot;.