الاشتباكات في ميدان التحرير

أثار بيان المشير طنطاوي الذي يتولى إدارة شؤون مصر بعد رحيل الرئيس مبارك، مواقف متباينة في أوساط المصريين، ففي حين لقي البيان استحساناً لدى الغالبية المصرية، رفضته القوى السياسية الليبرالية والثورية، وفضلت القوى الاسلامية المراقبة بانتظار تنفيذ الوعود.


تباينت ردود الفعل حول بيان المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر، بعد إسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. فبينما لقي البيان إرتياحاً من جانب الغالبية العظمى من المصريين، رفضته القوى السياسية، لاسيما الليبرالية والثورية، وطالبت بضرورة تسليم السلطة فوراً إلى مجلس رئاسي مدني، يدير البلاد إلى حين إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ووضع الدستور. بينما لم ترفض القوى الإسلامية البيان ولم تقبله، ولكنها تراقب وتنتظر تنفيذ الوعود.

التحرير يهتف: إرحل

بينما كان المشير حسين طنطاوي يلقي بيانه عبر شاشات التلفزيون، ويعلن قبول استقالة حكومة الدكتورعصام شرف، وتقريب موعد الإنتخابات الرئاسية إلى نهاية شهر حزيران/ يونيو المقبل، بعد أن كانت في منتصف العام 2013، احتشد مئات الآلاف في ميدان التحرير وهتفوا quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;إرحل .. إرحلquot;، وquot;قول ما تخفشي.. المجلس لازم يمشيquot;. إلا أن هذا العدد انخفض إلى بضعة آلاف، بعد ساعات قليلة من انتهاء البيان، كما عاد وانخفض إلى بضع مئات صباح الأربعاء 23 نوفمبر الجاري، وتباينت مواقف المصريين تجاه الخطاب.

ارتياح في الشارع

بدا واضحاً أن المشير طنطاوي لديه ثقة عالية بأن الغالبية الكاسحة من المصريين الذين لم يخرجوا إلى ميدان التحرير، أو إلى أي من الميادين الأخرى في الجمهورية يؤيدونه، لذلك قرر اللجوء إلى الإستفتاء الشعبي في حال الإصرار على الرحيل فوراً.

يرفض السيد بخيت quot;56 عاماًquot; المقيم في حي الجيزة في القاهرة، التظاهرات القائمة في ميدان التحرير، ويؤيد استمرار المجلس العسكري في السلطة حتى تسليمها نهاية يونيو المقبل، وقال لـquot;إيلافquot; إن ما يدعو إليه المتظاهرون، هو الفوضى وتحويل مصر إلى عراق آخر. وأضاف أنه في حال سلم المجلس العسكري السلطة الآن إلى مجلس رئاسي مدني، لن ترضى عنه الأحزاب، ولن يرضى عنه الناشطون من شباب الثورة، وسوف يختلفون، ويتسببون بانقسام مصر. وتساءل بخيت: خطة تسليم السلطة واضحة الآن، والإنتخابات البرلمانية ستبدأ الأسبوع المقبل، والانتخابات الرئاسية في يونيو، عليهم أن يراعوا الله في مصر. ويتوقفوا عن التظاهر وتخريب البلاد، الناس ستجوع ولن يرحموا أحدا ممن يتلقون أموالاً من الخارج سواء من أوروبا أو الخليج.

الإسلاميون يراقبون

لم يحدد الإخوان المسلمون وهم الفصيل السياسي الأقوى والأكبر في مصر، موقفهم تجاه البيان، فهم لم يقبلوا به ولم يرفضوه أيضاً. ولكنهم قالوا إنهم سيراقبون وينتظرون تنفيذ المشير وعوده وقراراته. وقال الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، إن الإخوان سيراقبون مع كل الشعب المصري بكل اهتمام، الالتزام من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة لممثلي الشعب المدنيين، عبر الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعد غايته منتصف 2012، بحيث تعود قواتنا المسلحة إلى ثكناتها وتقوم بدورها المحدد في الدفاع عن الوطن وحماية أراضيه بعيداً عن الانغماس في الشأن السياسي الذي عرضها للإنتقادات .

وأضاف الكتاتني أن ما حدث أكبر من مجرد الأسف، وأن العزاء الوحيد يكون من خلال الإجراءات الفورية التي تكشف كل الحقائق عن الأيادي الخفية التي أشار إليها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في كلمته، ومحاسبتها ومحاكمتها على الجرائم التي ارتكبت خاصة في الأحداث الأخيرة وتعويض المصابين وأسر الشهداء.

الإنتظار والترقب، هو موقف السلفيين أيضاً، حيث قال المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية لـquot;إيلافquot;، إن ما ورد في البيان جيد، لكن المهم التنفيذ، وأضاف أن السلفيين ينتظرون تنفيذ القرارات على أرض الواقع، ولاسيما إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية في المواعيد المحددة، مشيراً إلى أن الغالبية من المصريين ينشدون الإستقرار والأمن، ودعا الشحات إلى ضرورة إجراء تحقيق في قضية استخدام أساليب العنف ضد المتظاهرين السلميين، وتقديم الجناة إلى المحاكمة، وصرف تعويضات للمصابين والقتلى الذين سقطوا في أحداث الأيام الأربعة الماضية.

الميدان صاحب الشرعية

لكن ميدان التحرير لا يقوى على الإنتظار، وما زال يهدر quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;إرحل.. إرحلquot;، وقال أحد المتظاهرين في الميدان ويدعى حسام عبد الحكيم لـquot;إيلافquot; بعد انتهاء بيان المشير أمس، إن المجلس العسكري يجب أن يرحل الآن، مشيراً إلى أن هذا المجلس قتل بالتحالف مع الشرطة، نحو 43 شاباً من خيرة الشباب المصريين خلال ثلاثة أيام. وتابع: إن المشير لا ينوي الرحيل، ويريد إشعال الفتنة، فهو ينوي إجراء إستفتاء حول بقائه أو رحيله، ونحن نقول له: هل تسلّمت السلطة بواسطة استفتاء؟ لقد تسلمتها من ميدان التحرير، الذي يعتبر صاحب الشرعية بعد الثورة، والميدان يقول لك: إرحلquot;.

إستمرار الإعتصام

ورفضت القوى الثورية البيان، ومنها حركة 6 أبريل، وقررت مواصلة الإعتصام في ميدان التحرير، ودعت في بيان لها، جموع المصريين إلى مواصلة الإعتصام فى الميادين العامة، ووضعت أربعة شروط لفض الإعتصام، وهي: الإعلان الفوري عن موعد الانتخابات الرئاسية خلال شهر أبريل المقبل كحد أقصى، وانتقال إدارة شؤون البلاد من مجلس عسكري إلى مجلس رئاسي مدني. وتعيين حكومة إنقاذ وطني ممثلة لكل القوى الوطنية. وفتح التحقيق الفوري في أحداث ميدان التحرير ومحاسبة المتورطين فيها.

طنطاوي يكرر أخطاء مبارك

ووصفت إيمان عادل من إئتلاف شباب الثورة، بيان المشير بأنه هزيل ولم يقدم أي جديد سوى الإعلان عن إجراء الإنتخابات الرئاسية في نهاية حزيران/ يونيو المقبل، وقالت لـquot;إيلافquot; إن خطاب المشير يذكرها بخطابات الرئيس السابق حسني مبارك، خلال المرحلة الأولى من الثورة، وأوضحت أنه كان يتضمن كلاماً مرسلاً وعبارات رومانسية عن كفاح وتاريخ المجلس العسكري، تماماً كما كان مبارك يتحدث عن أمجاده وتاريخه. وأضافت أن مبارك تجاهل الحديث عن الضحايا أو تقديم الإعتذار عن قتلهم، وهذا ما فعله أيضاً فهو لم يذكرهم، ولم يعتذر حتى من أسرهم. وقالت عادل: المشير يرتكب الأخطاء نفسها التي ارتكبها مبارك، ولم يتعلم منها، في حين أن الشعب تعلم من أخطائه في الموجة الأولى من الثورة، ولن يهدأ أو يتنازل عن حقوقه بالحرية والديمقراطية التي دفع ثمنها غالياً من دماء شبابه.