هاجم الإعلامي جورج قرداحي البرامج التي تتطاول على الذوق العام، ولا تميز بين المجتمعات التي تخاطبها (عربية أو غربية)، إذ إن ما ينطبق على الغرب قد لا ينطبق بالضرورة على المجتمعات العربية.

ورأى quot;أن مسؤولية حماية المجتمع من هذه البرامج تقع على عاتق ثلاث جهات؛ ففي حين تتحمل المحطة التلفزيونية مسؤولية كبيرة في هذا الصدد، لكونها الجهة التي تبث هذه البرامج، فإن المسؤولية الأكبر تقع على كاهل السلطات الرسمية، التي يجب أن تبادر إلى سنّ القوانين الكفيلة بالإبقاء على المواطن في مأمن من كل ما قد يخدش حياءه ويتجاوز الأخلاق العامة في المجتمع.

وأما الجهة الثالثة فهي جمهور المشاهدين، الذي يجب أن يرفض وينأى بنفسه عن مثل هذه البرامجquot;. كلام قرداحي جاء خلال ورشة العمل التي حملت عنوان quot;إعلام المنوعات...الخط الأحمر إلى زوال!quot; والتي عقدت صباح يوم الاربعاء ضمن فعاليات منتدى الإعلام العربي.

من جانبه، إنتقد الإعلامي حمدي قنديل - في ورشة عمل أخرى شملت قراءة لمؤشر الإعلامي المصري بعد أحداث 25 من يناير - مظاهر القمع الإعلامي التي كانت تمارسه السلطة في فترة النظام السياسي السابق زمن حسني مبارك، والتي وصلت حسب قول قنديل إلى ما يقارب الألف قضية في المحاكم المصرية في عام 2010، متهماً فيها إعلاميين، وكيف كان جهاز أمن الدولة يتدخل في اختيار ضيوف البرامج وفي معايير التوظيف وإغلاق الصحف.

وأكد قنديل أن الشباب المصري استطاع كسر كل تلك القيود، وقفز من فوق كل أسوار الحظر التي فرضتها الحكومة، وذلك عبر اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وردًّا على سؤال الإعلامي محمد كريشان حول ما إذا كانت المؤسسة العسكرية الحاكمة لمصر حاليًا تفرض معايير الحظر السابق نفسها، أجاب قنديل بأن السلطة ستظل هي السلطة في كل مكان وزمان، تضع القيود، وترفع الحواجز، ويبقى الإعلامي هو من يستطيع اجتياز تلك العوائق بضميره الوطني واستقلاليته المهنية.

وكان جورج قرداحي قد أكد في حديثه أن المحطات التلفزيونية العربية شهدت خلال السنوات العشرالأخيرة نهضة كبيرة على مختلف الاصعدة والمجالات، لكن النهضة الأكبر تركزت في برامج المنوعات، التي أصبحت محط اهتمام ومتابعة من ملايين المشاهدين، مشيراً إلى أن برامج المنوعات باتت تحتل 70% من إجمالي البرامج التي تبث على محطات التلفزة، وباتت تنتشر كالعدوى في تنافس شرس بين المحطات على شراء حقوقها من منتجيها، في مشهد يحاكي قاعدة كل ممنوع مرغوب.

وردًا على سؤال حول رفضه تقديم برنامج لحظة حقيقة، أشار إلى أن كلمة quot;رفضquot; قوية، معربًا انه يمتنع عن تقديم أي برنامج يتناول خصوصيات الناس بشكل سلبي، معتبرًا أن برنامجه quot;افتح قلبكquot; تناول خصوصيات الناس، ولكن بشكل ايجابي، بهدف التوفيق بين الأطراف.

اذا، أطلق الإعلامي جورج قرداحي إعمال مقص الرقيب في كل ما تصنفه السلطات تحت سقف quot;الإبقاء على المواطن في مأمن من كل ما قد يخدش حياءه ويتجاوز الأخلاق العامة في المجتمعquot;، وصرخة أطلقها قنديل في وجه السلطات ومقصها عبر دعوة الصحافيين إلى اجتياز تلك العوائق باستقلاليته المهنية.فهل الخط الأحمر يختلف بين سياسي و آخر أخلاقي، أم إن التحديات الحقيقية الفعلية أحدثت انقلابًا غير مسبوق، لا مكان لمنظري الإعلام الكلاسيكي ونجومه فيه؟.