ضغطت أميركا وإسرائيل طويلًا على أوروبا لتدرج حزب اللهعلى لائحة الارهاب الأوروبية من دون أن تستجيب فرنسا، لكن عمق تورط الحزب في سوريا غيّر الموقف الفرنسي، فاكتفت بإدراج الجناح العسكري للحزب على هذه اللائحة، في موقف يراه المراقبون رمزيًا بلا فاعلية.


بيروت: تطول لائحة الاتهامات الدولية لحزب الله اللبناني بالتورط في أعمال تدخل في خانة الارهاب، وتتضمن نيات للحزب بتنفيذ عمليات أمنية في الأرجنتين والهند وتايلاند وجورجيا وكينيا وقبرص، وآخرها إعلان وزير الداخلية البلغاري تسفيتان تسفيتانوف رسميًا أن حزب الله هو المسؤول عن العملية الانتحارية التي استهدفت سياحًا إسرائيليين في مطار بورغاس، وإدانة محكمة قبرصية اللبناني على حسام طالب يعقوب، العضو في حزب الله، بتهمة الإعداد لهجمات تستهدف مصالح إسرائيلية في قبرص، وسجنه أربع سنوات.

حثٌّ أميركي

على الرغم من هذه اللائحة، بقيت النظرة الفرنسية إلى حزب الله هي نفسها، بلا تغيير، إذ رفضت باريس طلبًا أميركيًا متكررًا بوضع حزب الله على لائحة الارهاب الأوروبية. كما ضغطت فرنسا على الاتحاد الأوروبي لتمنعه من الرضوخ للضغوط الأميركية والاسرائيلية في هذا الاتجاه، حرصًا منها على استقرار الوضع في لبنان، وتاليًا في المنطقة.

استمرت العلاقات الفرنسية مع حزب الله من خلال سفارتها في بيروت، إذ اعتبرته حزبًا سياسيًا ممثلًا في برلمان منتخب شعبيًا وشرعيًا، آملة في يوم ما أن يترك السلاح ويتحول إلى حزب مدني.

ولم تخضع باريس للضغوط الأميركية، التي تكللت بإعلان نائب الرئيس الأميركي جون بايدن أخيرًا، أمام مؤتمر مجموعة الضغط الإسرائيلية الأميركية ndash; أيباك أن الولايات المتحدة تحث كل دولة تتعامل مع حزب الله أن تغير نظرتها إلى هذا الحزب، الذي يطرح نفسه مجموعة سياسية واجتماعية بينما يتورط في أعمال إرهابية، في أنحاء مختلفة من العالم، وأن يعلنه منظمة إرهابية، مؤكدًا استمرار جهود واشنطن لإقناع أوروبا بوضع هذا الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية، وفرض العقوبات عليه.

سوريا هي المفتاح

لكن هذا الموقف تغير في اليومين الماضيين، خصوصًا بعد توقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس، في طريق عودته من جولته الشرق أوسطية، واجتماعه بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.

فقد كشف مسؤولون فرنسيون تطورًا في الموقف الرسمي الفرنسي، قضى بالموافقة على الطلب الأميركي، وإدراج الجناح العسكري لحزب اللهعلىلائحة الارهاب الأوروبية، بسبب ثبات تهمة قتل السياح الاسرائيليين في بورغاس البلغارية على عناصر تنتمي لهذا الحزب، واعترافات يعقوب في قبرص، بمناصرة حزب الله نظام الرئيس السوري بشار الأسد عسكريًا في الحرب الدائرة في سوريا، بدليل تكبده الخسائر البشرية بشكل يومي.

لا شك في أن الأزمة السورية هي المفتاح هنا. ففي الفطور السياسي الذي جمع كيري بفابيوس، أشار المضيف الفرنسي لضيفه استعداد باريس وضع عناصر حزب الله، الذي تتهمه بلغاريا بالضلوع في عملية بورغاس، على لائحة الإرهاب الأوروبية. لكن الموقف الفرنسي ما لبث أن تطور إلى إعلان فابيوس أن باريس ستحذو حذو لندن، وأنها توافق على وضع الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، بسبب استمرار الحزب في القتال إلى جانب النظام السوري.

خطان متوازيان

ثمة دليل آخر على أن الأزمة السورية هي الدافع الفعلي لهذه الخطوة. فالتقارير الدبلوماسية التي تناولت لقاء كيري والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أكدت تركيز الضيف الأميركي على ملف حزب الله، وعلى ضرورة إدراجه على لائحة الإرهاب الأوروبية على خلفية عملية بورغاس، وكأن الأمر متلازم مع القرار الفرنسي الأخير بالتفرد في إمداد المعارضة السورية بالسلاح.

إلا أن غير الواضح في المسألة، والمفاجئ في الوقت عينه، تأكيد التقارير نفسها على أن هولاند شدد لكيري على قناعة فرنسا بضرورة حل الأزمة السورية سياسيًا، لكن بالتوازي مع تعزيز القدرات العسكرية للمعارضة، كي تتمكن من إحراز تقدّم ميداني يغير ميزان القوى في سوريا.

وقد يكون تطور الموقف الفرنسي من حزب الله اليوم نابع من قرار فرنسي بلعب دور أكبر في المنطقة، وخصوصًا في سوريا، بعدما لمست التوافق الأميركي الروسي على حل سياسي للأزمة السورية.

موقف رمزي

فرنسا ترى أن إضعاف حزب الله دوليًا يساهم بشكل أو بآخر في إضعاف موقف النظام السوري في أي تسوية ممكنة، خصوصًا مع إحراز القوى العسكرية للمعارضة السورية إنجازات ملموسة في الميدان.

إلا أن مصادر أوروبية قللت من شأن القرار الفرنسي، ومن تأثيره على قدرات حزب الله، واضعةً هذه الخطوة في خانة الموقف الرمزي لا أكثر، فإدراج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله لن يطال المنظمة السياسية للحزب، على الرغم من أن الولايات المتحدة مصرة على ملاحقة قنوات تمويل حزب الله، خصوصًا أنها تتهمه بالاستفادة ماليًا من عمليات واسعة لتبييض الأموال في دول مختلفة في العالم، لتمويل عملياته الارهابية، على حد وصف كيري.