شكّل سقوط الرئيس المصري محمد مرسي تحديا مبكرا لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي استلم الحكم منذ أيام، وألقت تحليلات سياسية واقتصادية الضوء على تأثير هذا الحدث على سياسة قطر وعلاقاتها الخارجية.


لندن: عندما تسلم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر البالغ من العمر 33 عاما، مقاليد الحكم من والده الاسبوع الماضي، توقّع مراقبون أن يوضع انعدام خبرة الأمير الشاب على المحك في أجواء إقليمية متفجرة.

تحد سريع
ولكن قلّة توقعوا أن يأتي التحدي بهذه السرعة مع سقوط الرئيس المصري محمد مرسي وحكومته بقيادة الاخوان المسلمين، موجهًا ضربة لمصداقية السياسة الخارجية النشيطة التي تنتهجها قطر.
وإذا كانت القاهرة مركز العالم العربي، فإن دعم قطر للحكم الذي جاء بعد إسقاط الرئيس حسني مبارك، يدخل في صميم الدعم الذي تقدمه الدوحة للجماعات الاسلامية منذ انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها تونس وليبيا ومصر، كما يشير المراقبون.

وكانت قطر أسعفت مرسي بمساعدات بلغت 8 مليارات دولار وتصدرت دول الخليج في دعم حكومته، حتى أن دعمها بدأ قبل ان يتولى مرسي مهام الرئاسة.
وسيرتبط مآل ما قدمته قطر لمصر في هذه الفترة بمصير الزعيم الذي أُنهيت رئاسته يوم الأربعاء.
وقال الباحث مايكل ستيفنز من معهد الخدمات الموحدة الملكي في الدوحة quot;إن الأجواء المحيطة بسياسة قطر الخارجية الآن، هي إحساس بأن عليهم أن يديروا علاقاتهم على نحو أفضل بعض الشيءquot;. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن ستيفنز قوله quot;إن الأزمة المصرية عبء ثقيل على كاهل قطرquot;.
وكان أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء وزير الخارجية الذي تنحى بعده الشيخ حمد بن جاسم، قادا صعود الدوحة من وسيط إقليمي إلى لاعب نشيط في المنطقة. وعمل الاثنان على موازنة تحالفات الدولة القطرية باستضافة أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة من جهة، واحتضان جماعات متطرفة في السياسة العربية من جهة اخرى.

وراهنت القيادة القطرية السابقة على أن يتولى الاسلام السياسي ملء الفراغ الناجم عن سقوط الأنظمة الدكتاتورية في ثورات الربيع العربي، آملة بتوظيف تحالف يساعد في تأمين موقع قطر.
ودعمت قطر في عهد الشيخين حمد بن خليفة وحمد بن جاسم، ألوية الإخوان الليبية المسلحة، التي شاركت في إسقاط نظام القذافي، لكنها أصبحت الآن تخيف الآخرين بسطوتها المسلحة، حتى بعد فشلها في الانتخابات الأخيرة التي جرت في ليبيا. كما أسفر دعم قطر quot;للاخوانquot; السوريين عن تقسيم المعارضة حتى أنها باتت قوة متشظية تثير شكوك مؤازريها الغربيين، على حد تعبير صحيفة فايننشيال تايمز.
والآن، وبعد سقوط مرسي، تهدد الأزمة بدفع مصر إلى فترة من انعدام الاستقرار لا يمكن التكهن بتداعياتها.
وقال دبلوماسيون إن الشيخ حمد بن جاسم ونائبه الذي تولى حقيبة الخارجية من بعده، أدركا خلال الأشهر القليلة الماضية ردود الأفعال السلبية التي أثارها تحمس قطر لدعم مرسي.

تغير تدريجي
ولكن في الوقت الذي يلمح الأمير الجديد الشيخ تميم يميل إلى الاعتدال والتخفيف من غلواء السياسة الخارجية المغامرة التي انتهجتها قطر حتى الآن، يرى محللون ان أي تغيير سيكون تدريجيا بعد انغمار قطر بهذا العمق في المعمعة.
وتكمن جذور العلاقات بين قطر ومرسي في أواصر أمتن بين قطر والحركة الاسلامية في عموم المنطقة. فإن الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي يقيم في قطر منذ عقود، مستخدمًا أراضيها منطلقًا لإيصال مواعظه التي كثيرا ما تكون مثيرة للجدل.

رهان على حسان طروادة
كما تعرضت قناة quot;الجزيرةquot; الفضائية القطرية إلى انتقادات تتهمها بالإنحدار من قناة مستقلة رائدة، إلى منبر لبث وجهات نظر الاخوان ومواقفهم. ويضع مثل هذا الانحياز دليلا آخر بيد الليبراليين الذين يحذرون من تسلل نفوذ قطر إلى الديمقراطيات العربية الفتية. ويذهب الليبراليون إلى ان الدوحة تراهن على حصان طروادة من أجل اقامة نظام ثيوقراطي، على حد وصف صحيفة فايننشيال تايمز، مضيفة أن دولًا خليجية تنظر بقلق إلى اهداف قطر، الأمر الذي ترك الدوحة في عزلة متزايدة.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن محلل اقتصادي قوله quot;إن قطر أخطأت في ليبيا ثم في سوريا، والآن قد تذهب مليارات الدولارات هدرا في مصر. وكان يُراد بهذا المال شراء أفضيلة سياسية لكنهم راهنوا على حصان خاسرquot;.