لأول مرة منذ عقود طويلة، اسمع شيئا منطقيا من بلاد العم سام. أتى ذلك على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية التي رأت ان في المعارضة السورية خطر التطرف.
هل استلزم الأمر ما يقارب العامين حتى ترى الصورة جلية هكذا؟
أي مستقبل ينتظر سوريا والمتطرفون يجوسون فسادا في ثياب المعارضة؟ راجمات واسحلة رشاشة يرمون بها اي شيء تحت صرخات الله اكبر الله اكبر، كما لو أنهم في غزوة سينمائية.
حكمة قديمة وعميقة تلك التي تقول quot;عدو عاقل خير من صديق جاهلquot;. فإذا كان النظام السوري عدو، فهو عاقل على الأقل مقارنة بمعارضة ممزقة لا يعرف احد ماذا تريد ولا كيف تصل الى ما تريد؟
هل نستطيع اليوم ان نحصي عدد فرق المعارضة وانقساماتها؟ كل يوم هناك فرقة جديدة. معظمها يحمل اسماء تاريخية تكشف توجهها وخطورتها التي لا تقل عن القاعدة. بل هي اسوء من القاعدة. ذلك ان لهذه الأخيرة تنظيم وهدف، في حين تفتقر المعارضة السورية الى اي تنظيم وأي هدف. سيقول لك اي منهم ان هدفنا هو اسقاط النظام. حسن، كلنا يريد اسقاط النظام، لكن هل يأتي ذلك بزرع الفتنة والانقسام المسلح؟
قلت سابقا ان النظام يرتكب مجازر بشعة. وأنا اليوم مقتنع بأن المعارضة ترتكب مجازر اكثر بشاعة. لست وحدي من يقول ذلك، بل حتى منظمات حقوق الانسان تقوله.
هل علينا بعد كل هذا ان نزود المعارضة بالسلاح؟
انظروا ما يحدث في ليبيا التي تبدو طالبان اخرى تخلق فيها. فهل نريد شيئا مماثلا في شرقنا الاوسط؟
لقد دفعت المنطقة ثمنا غاليا لقطع رأس صدام دون ان تكتفي بكسر رجله. فكان ان انفلت مارد التطرف السني من عقاله، وتوسع النفوذ الإيراني حتى البحر المتوسط. إن اردنا كبح الخطر فلن يكون ذلك بإزالة النظام السوري، لإن خطر التطرف السني اقوى بأضعاف كثيرة من خطر المد الإيراني.
حسن، لنسقط النظام السوري. سيتوقف عندها المد الإيراني باتجاه الغرب. ثم لن يلبث ان يعود ليتمدد في اماكن اخرى. لكن، إن انتشر التطرف والتخبط السني المسلح بعد سقوط النظام، فمن يستطيع ان يكبح جماحه وقد عجزت امريكا بكل عدتها وعتادها ان تلجمه في العراق؟
لن تنتصر المعارضة، ولن ينتصر النظام. وبدون تدخل المؤمنين بكسر الساق لا قطع الرأس، فإن حواجز الحدود وحرس الحدود وبواباتنا الحديدية لن توقف تدفق الدماء تجاهنا.
[email protected]