رغم الحرب الشرسة المفروضة على العراق عامة وإقليم كوردستان خاصة من قبل العصابات الارهابية التي تعيث في الارض فسادا فان خطط الاقليم في مجال تطوير القدرات الذاتية لاستكشاف واستخراج وتصدير النفط وتسويقه تتنامى باطراد وتسير قدما نحو تحقيق هدف تصدير نصف مليون برميل يوميا خلال الستة اشهر القادمة مع غياب قانون النفط والغاز الذي يطالب به الاقليم لأكثر من عشرة اعوام و تجاهل الحكومة الاتحادية حقيقة ان الاقليم الذي قطعت عنه الميزانية الاتحادية لن يقبل من الان فصاعدا بتحكم مؤسسة سومو النفطية المركزية بمراحل الانتاج والتسويق كما صرح بذلك رئيس وزراء الاقليم السيد نيجيرفان بارزاني.

ما سبق يعني ان الخيارات المتاحة امام الحكومة الاتحادية في بغداد وفي غياب قانون النفط والغاز وإقراره من قبل البرلمان العراقي محدودة تماما خاصة وان الاقليم قطع شوطا كبيرا في الاعتماد على النفس وفي توفير البنى التحتية الضرورية لاستخراج النفط وتسويقه بمشاركة عدد من الشركات العالمية المهمة التي نجح الاقليم في اقناعها بالعمل في كوردستان العراق هذه الشركات التي تتمتع بسمعة عالمية كبيرة ودور مؤثر ان لم يكن حاسما في رسم معالم الاقتصاد العالمي واتجاهاته والعديد من الانظمة والمواقف السياسية الدولية.

لا جدال في ان السياسة النفطية لحكومة اقليم كوردستان تحوز على تأييد قطاعات جماهيرية واسعة بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على الاقليم و حرمانه من حصته في الميزانية الاتحادية اضافة الى قطع رواتب الموظفين والعاملين في مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية الامر الذي خلق مصاعب حقيقية لا لتنفيذ المشاريع والخدمات المدنية الضرورية وإنما للمواطنين سواء العاملين منهم في الدولة او ذوي المهن الحرة و خلق ايضا تذمرا واسع النطاق ضد الحكومة الاتحادية وسياساتها تجاه الاقليم دون بارقة امل في تجاوز الازمة وإصدار قانون النفط والغاز يتفق عليه ويخدم الاقتصاد العراقي ككل وقبل كل هذا وذاك الغاء الحصار الاقتصادي لكوردستان العراق ودفع المرتبات الشهرية و معالجة اوضاع قرابة مليوني لاجيء مما اضاف عبأ جديدا على ميزانية الاقليم و ما لم تتخذ اجراءات عاجلة فان الاقليم يتجه حثيثا نحو خيارات اخرى كمثل اعلان الاستقلال الاقتصادي عن بغداد و ما يعنيه هذا من نتائج و تعقيدات جديدة لملف العلاقات بين بغداد واربيل.

نعم هناك عدد من الخيارات على طاولة اصحاب القرار خاصة مع انهيار المنظومة السياسية والأمنية التي رسمتها معاهدة سايكس – بيكو قبل قرابة قرن من الزمان فالإقليم يحظى بقبول دولي عام ويملك علاقات اقليمية ودولية متميزة واستمرار الحكومة الاتحادية في بغداد على النهج السابق من تجاهل مطاليب الكورد والحصار الاقتصادي و محاربة المواطنين في ارزاقهم.

و حرمانهم من قوتهم اليومي لن يخدم بكل تأكيد وحدة العراق وإنما سيدفع بالكورد و قيادته السياسية المتمسكة حتى الان بالعراق الاتحادي الى اللجوء للخيارات الاخرى.

&

غني عن البيان ان المراهنة على مواقف الاطراف الاقليمية السابقة من معاداة الكورد والتوقع بان هذه الاطراف ستقف ضد الخيارات الكوردية غير صحيحة قطعا اذا ما اخذت التطورات العالمية والإقليمية والمصالح الحيوية المشتركة وتواجد الشركات المتعددة الجنسية وتحول كوردستان الى منتج للطاقة والدور الفعال الذي تلعبه في الحرب ضد الارهاب الدولي بنظر الاعتبار.

السؤال الذي يفرض نفسه في حالة تجاهل المطاليب الكوردية المشروعة ومن بينها ضرورة وجود قانون للنفط والغاز على سبيل المثال هو: هل هناك اتجاه في الحكومة العراقية الاتحادية يدفع بالكورد وبقية مكوناته الاساسية دفعا للانفصال والتقسيم؟ وهل يشهد العراق اخر ايامه الان قبل ان يصبح التقسيم امرا واقعا ؟ لماذا ولمصلحة من؟

&

*[email protected]