كنت جالسا صباح هذا اليوم أمام شاشة حاسوبي كعادتي الصباحية حين رن هاتفي المحمول. عندما أجبت صعقت من هول المفاجئة: كان المتصل الفنان العربي الكبير عادل إمام.... لم أصدق ما يقع لي... الفنان عادل إمام شخصيا يهاتفني، أنا؟؟؟
و الفنان المصري الكبير متواجد منذ أمس هنا في مدينة مراكش بمناسبة مهرجان السينما المنعقد في دورته الرابعة عشرة و الذي أصبح يحظى بتغطية إعلامية دولية نظرا لتواجد كم كبير من رموز الفن السابع من مغاربة و عرب و غربيين. لا أخفيكم أنني كنت جد مسرور بتلقي مكالمة هاتفية من الزعيم عادل إمام شخصيا... كل عربي يحلم بتلك اللحظة، و لكن و بمجرد انتهاء المكالمة، خيم علي حزن كبير و قذفت بهاتفي المحمول بعيدا عني و جلست مطرق الرأس غارقا في أفكاري. فعوض أن أفرح بتلك المكالمة التاريخية أصبت بخيبة أمل كبيرة.
في تلك اللحظة دخل إلى غرفتي صديق عمري الذي وجدني على تلك الحال و سألني:
هو: ما بك يا جعفر حزين؟ هل أصابك مكروه؟
أنا: لقد تلقيت لتوي مكالمة هاتفية من الفنان العربي عادل إمام أحزنتني.
هو (غير مصدق ما يسمع): ماذا؟؟؟ ماذا تقول؟؟ مكالمة هاتفية من... عادل إمام؟؟ تقصد... الفنان المصري الكبير؟
أنا: أجل. هو بعينه.
هو: و هل لأن الزعيم تواضع و هاتفك تحزن؟ يا لك من مخبول... يجب عليك أن تفر ح و تطير من الفرح. كم من عربي يحظى بشرف تلقي مكالمة هاتفية من الزعيم؟ فتلك فرصة يحلم و يتشرف بها كل شخص.
أنا: يا ليته ما هاتفني... يا ليته ما هاتفني...
هو: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم... أكيد أنت مجنون و يجب أخذك لمستشفى الأمراض العقلية بأقصى سرعة... يا بهيمة، لماذا تحزنك مكالمة هاتفية من أحد رموز الفن العربي؟... آآه لو هاتفني أنا عوضا عنك لطرت من الفرح.
أنا (صمت)
هو: لتوضح لي الأمر قبل أن أجن. لماذا يهاتفك الزعيم أنت الشخص العادي الذي لا علاقة له بالتمثيل أو الإخراج؟ لست من عائلته و لم يسبق أن التقيت به من قبل...أنت مجرد سائق تاكسي و لست بفنان.
أنا: سأحكي لك قصتي مع الزعيم: مساء أمس الجمعة، و مباشرة بعد خروجه من حفل تكريمه هنا بالمهرجان في يومه الأول، صدمت بسيارتي التاكسي السيارة التي كان يركبها الممثل عادل إمام.
هو: ماذا؟ صدمت سيارته؟؟
أنا: أجل... و كي أزيد الطين بلة، هربت بفعلتي مباشرة بعد ذلك.
هو: هربت مباشرة؟ (ساخرا) و أكيد كنت فرحا منتشيا بهروبك... يا لك من مجنوووون.
أنا: و ما أدراني أن السيارة التي صدمت تقل الزعيم عادل إمام؟ لم أكن أعرف... و يبدو أن أحد الأشخاص الذين كانوا متحلقين حول سيارة الزعيم قد تعرف علي. و لكي يظهر شهامته و مروءته و ربما أخذ صورة تذكارية مع الزعيم أعطى رقم هاتفي المحمول إلى الزعيم الذي هاتفني منذ لحظات.
هو: و ماذا قال لك الزعيم؟
أنا: و ماذا عساه يقول لي يا مخبول؟ (ساخرا) هل تريده أن يشكرني لأني صدمت سيارته و هربت بفعلتي؟؟...
(جادا) لقد عاتبني و أخبرني أنني تسببت في خسائر فادحة بالسيارة التي كان يستقلها و أنه يجب علي أعطاء سائقها المال ليصلح الأضرار.
هو: كلام معقول. قم بإصلاح السيارة يا غبي و اغتنم الفرصة و اعتذر من الزعيم و خذ صورة تذكارية معه. هذه فرصة لن تعوض.
أنا: أجننت؟
هو: هل جننت لأني أقول لك بأخذ صورة تذكارية مع الزعيم؟
أنا: بل جننت لأنك تنصحني بإصلاح أضرار السيارة. فأنت لا تعرف المبلغ الذي يطالبني به صاحب السيارة المتضررة.
هو: لا يهم المبلغ ما دام ستأخذ صورة تذكارية مع الزعيم و تكلمه مباشرة. (يبتسم) و أكون شاكرا لو تكرمت و أخذتني معك لمقابلة الزعيم كي أتمكن أنا أيضا من أخذ صورة تذكارية معه أتباهى بها أمام خطيبتي.
أنا: إن المبلغ المطلوب مني يا صديق عمري و حبيبي الذي يريد التباهي أمام خطيبته هو ألف يورو... فقط، هل تفهم؟ ألف يورو لإصلاح ما تسببت فيه من أضرار. و أنا لا أملك في جيبي سوى 20 درهما فقط.
هو: ألف يورو؟ إنه مبلغ كبير و كبير جدا بالنسبة لسائق مثلك فقير و معدم.
أنا: هل فهمت الآن سبب حزني رغم أني تلقيت مكالمة من الزعيم عادل إمام؟ أنا أتشرف بمكالمته و أعتز بها و لكن أتهرب من مقابلته نظرا للخسائر المادية الكبيرة التي ستلحق بي.
هو: فعلا شيء لا يصدق و غريب... و ماذا تنوي فعله؟ أعتقد أنك لن تفلت من إصلاح السيارة.
أنا: كما قلت، لن أستطيع الهرب طويلا دون إصلاح ما أفسدته.
هو: اغتنم إذا هذه الفرصة و اذهب إلى الزعيم و خذ معه صورة تذكارية...
أنا (مقاطعا صديقي و ساخرا): صورة تذكارية أتفاااااخر بها أمام عائلتي و أصدقائي و أقول لهم أني حظيت بشرف صدم السيارة التي كان يستقلها الزعيم عادل إمام و هروبي مباشرة بعد فعلتي، أليس كذلك؟ (بجدية) أغرب عن وجهي و أتركني لهمي...

النهاية
(قصة من وحي الخيال و لا علاقة لها بالواقع. و لكن الفنان العربي الزعيم عادل إمام متواجد فعلا هنا بمدينة مراكش لحضور تكريمه و متابعة فعاليات المهرجان السينمائي المنعقد بمراكش في بحر هذا الأسبوع)
&