تحت ظاهرة الجهاد لتنظيم القاعدة وخليفة بن لادن الشيخ أيمن الظواهري المعارضة لحكومات الفساد العربية، تنتشر في عالمنا العربي والاسلامي البيعات الجديدة لدول وأمراء الخلافات الأسلامية المتذرعة بحكم الشريعة والوفاء الأسلامي للمقاتلين المجاهدين، وحلال الوصول الى اموال الدولة وخزائنها وجردها ونهبها وعدم تحريم التربع على الممتلكات الغير الخاصة والعامة ونهبها وأستخدامها مادامت تلبي المفهوم الجهادي للشريعة. ويدخل بضمن ذلك التهديد بتخريب الأبنية والجسور في المدن والقرى ومن يُعارض بفكره وعمله تعاليم الشريعة.

&وشيوخ الجهاد ورائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لن يكن أول من عرّفَ بذلك ولن يكون أبو بكر البغداديّ قائد تنظيم "الدولة الإسلامية" آخرها. الجهادي المصري الجنسية الشيخ أيمن الظواهري أعتبر سلوكية جماعات البغدادي لأستحواذها أرض الجهاد في سوريا والعراق باطلة، وأوضّح أسباب بطلانها قائلًا: "قد بيّنت في كلمتي التي أخرجتها بعنوان "شهادة لحقن دماء المجاهدين بالشام" أنّ الدولةَ الإسلاميةَ في العراقِ فرعٌ تابعٌ لجماعة قاعدة الجهاد، وأنّ أميرها وجنودها في عنقهم بيعة لجماعة قاعدة الجهاد، وأميرها الشيخ أسامة بن لادن).

&والخلاف، الذي ظهر فجأة، باطنه لايتعلق بواجب الجهاد وإنما بالغنائم والمال والممتلكات والأراضي الزراعية والحقول النفطية والمصارف ومن يتملكها بمشيئة الله. والمجاهد وماتطأ قدميه (بأمر الله) من بشر ودواب وأرض هي مُلك دولة الخلافة، والمحاججة بشأنها تقرره المحاكم الشرعية، وكيفية فرض الفدية والجزية على الكفرة والمخالفين تضع أصولها ومبالغها هيئات مالية الدولة الأسلامية أو ماتسمى ببيت المال وبشريعة الله.&

طالبت الدولة الأسلامية فدية مالية على رأس جيمس فولي الصحفي الأمريكي الذي أختطفه تنظيم داعش قبل قرار ذبحه يوم 18 آب آغسطس 2014. وطالب التنظيم من مؤسسته الأعلامية التفاوض معها وتسليم مبلغ 100 مليون يورو أو مايعادل 132 مليون دولار لأطلاق سراحه وعتقه على أن تتم المفاوضات بالمراسلة السرية وتحديداً بالأنترنت عن طريق وسطاء مكلفين من داعش يعيشون في بريطانيا ومن أصول باكستانية وعربية.&

جرائم ترتكب بمبررات المال ودفع الفدية هي طرق العصابات الملثمة في كسب المال والتهافت عليه وتوزيعه حسب قوة وبأس العصابة الأسلامية وتفوقها الشرعي على العصابات الجهادية المناوئة وسحقها. هذا ما أظهرته أحداث سوريا بوجود أكثر من ثماني تنظيمات مسلحة تتنافس فيما بينها على المال الجهادي وفرض الفدية قبل تمكّن مجموعات منها دخول العراق مؤخراً.&

الظواهريّ تجده هو الآخر إستلم من الخليفة أبو بكر البغدادي رسالة مبطنة شبه تهديدية تلقّاها وأخبره فيها بصريح العبارة "شيخنا المبارك، نودّ أن نبيّن لكم ونعلن لجنابكم أننا جزءٌ منكم، وأنّنا منكم ولكم، وندين الله بأنكم ولاةُ أمورنا ولكم علينا حقّ السّمع والطّاعة ما حيينا، وأنَّ نُصحكم وتذكيركم لنا هو حقٌّ لنا عليكم، وأمركُم مُلزم لنا". ثم تتغير الرسالة من السمع والطاعة الى " ولكن قد تحتاج المسائل أحيانًا بعض التبيين لمعايشتنا واقع الاحداث في ساحتنا، فنرجو أن يتّسع صدركم لسماع وجهة نظرنا، ولكم الأمر بعد ذلك،وما نحن إلا سهامٌ في كنانتكم ". فما هو معنى أتساع الصدر لسماع وجهة نظرنا. فالجهاد معروف للأثنين والقتل الشرعي معروف للتنظيمين، فما هو الخلاف بين الطرفين؟&

تبيّن للظواهريّ أن رسالة البغدادي وذكره للنقطة التي تضمنت ( قد تحتاج المسائل أحيانًا بعض التبيين لمعايشتنا واقع الأحداث في ساحتنا ) تعني لداعش ورجاله، الغنائم والاموال ومصادر الطاقة وما تمَّ ضمّه من ممتلكات بصورة هوجاء غير مقبولة للظواهري. فأصدر الظواهري أمراً آخراً "للبغداديّ" كونه أميره المباشر بتجميد أمر "الدولة الإسلامية في العراق والشام" حتى الفصل في المشكلة وتقسيم الغنائم والمكاسب، وأخبره بلهجة الحزم "تأكّد هذا الأمر بقرار الفصل في المشكلة، والذي تضمّن أن تُلغى "دولة العراق والشام"، ويستمرّ العمل باسم " دولة العراق الإسلاميّة".

وتابع الظواهري بأنتقاء عبارات قد لاتكون مفهومة للقارئ البسط ولكنها في غاية الفهم والوضوح للبغدادي ( أُجيبُ على مسألة التحاكُم بين الخصوم وأرى أيها الإخوة أن هذه مسؤوليتكم ومسؤولية أهل العلم والفضل الحريصين على الجهاد في الشام أن يدعوا لذلك، ثم أن يبينوا بوضوح وجلاء للأمة مَن الذي استجاب لدعوة التحاكم، ومن الذي تهرب وتملّص، وهذه أمانة أحمّلكم إياها، فأنتم أقدر مني، وتعلمون ظروفي" ).

في قاموسنا السياسي وفلسفة العلوم الأجتماعية الحديثة حيث لاتوجد سجون في شريعة التنظيمات الجهادية، لايستطيع أن يتنبأ أحد كيف سيتم " التحاكم بين الخصوم" التي ذكرها الشيخ الظواهري، وكيف ستساق مسألة من يتربع على أرض المسلمين قضائياً في محاكم وقضاة لايحملون شهادات أكاديمية لايدخل فيها الشيطان من باب وخرج من باب.

&في قاموسنا السياسي، لايوجد هناك إنسان وآخر شيطان. الأعمال التي تُعزى الى الشيطان هي أعمال رجس يرتكبها إنسان معوج وسلوكية خاطئة ولاأحد يعرف أين شرور الشيطان كي نرميها في حجره. وقد أصبح لدينا، في عالمنا العربي، الشيطان الذي يدعم الإرهاب مالياً والشيطان الذي يُدينه إعلامياً.

والتصدي للأعمال الشيطانية التي يرتكبها الأنسان واجبة على الدولة والمجتمع لكونها مخالفة للتعاليم الدينية والمجتمعية وخروج بالدين من المحبة والسلام والألفة الى التراجع والتنازل والعنف والجريمة وتسويق الحركات الجهادية بطرق الأبتذال. دماء المسلمين التي تدفقت على مر العصور هي حقائق مؤلمة من أعمال (إلأنسان الشيطان) ومباركة المشعوذين من أتباعه، ويتعوذ الله من هذه المجموعة الشيطانية المناوئة للأعراف السماوية والأنسانية.

&

باحث ومحلل سياسي&